سوريا - أيٌها العَابِرونَ على جَسدِى لَن تَمٌرو .. - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

سوريا - أيٌها العَابِرونَ على جَسدِى لَن تَمٌرو ..

رشقات الرشاشات و عويل الصواريخ باتا يخيمان على كل شئ .. سوريا , حيث لم يعد هناك من يكترث لأمرك ..

  نشر في 28 أكتوبر 2015  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

رشقات الرشاشات و عويل الصواريخ باتا يخيمان على كل شئ .. سوريا حيث لم يعد هناك من يكترث لأمرك .. حيث صرت وحيداً تنهشك الكلاب من كل صوب دون رحمة , لا تدرى كيف من الممكن أن تصد كل هذا الألم دفعة واحده ؟!
لا تدرى أين كانت مخبأةً لك هذه الحرب البارده .. حربٌ تدار كأنها رقعة شطرنجٍ يجلس على يمينها طائفىٌ لعينٌ و على يسارها متشدد قمئ يواجهه نيابةً عنك , وليس لك أن تعترض على نيابته و الا أصبحت هدفاً لقذائفه المغلفة براياته السوداء ..
حرب لا منطقيه .. لماذا تغدو طائرة صباحاً لتقصف أطفالاً نائمين على أسرتهم كانو على وشك أن يستيقظو لتغلف لهم أمهاتهم شطائرهم قبل أن يذهبو الى صفهم ؟ .. ثم لماذا تغدو طائرة أخرى فى نفس اليوم و على نفس البلدة لتقصف مستشفيات مدججةِِ بالجرحى الذين لا أمل لهم فى شئٍ سوى نومٍ عميق ينسيهم جراحهم المثخنه .. لماذا تقتلونى ؟
اذا كنتم تتقاتلون لأجل سلطةٍ فابحثو عن صحراء شاسعةً تقاتلو فيها دون أن تقتلونى معكم .. لماذا تقتلونى !؟
سوريا .. حيث قد ملَ الناسُ منك .. لماذا تموت كثيراً !؟ ,, لماذا تنغص عليهم حياتهم بمشاهد ألمك التى لا حصر لها ؟ اذا كنت قد قتلت مرةً و التف المؤيدون حولك و حملو على أعناقهم قضيتك و أحاطو رقابهم بعلم ثورتك فلا تعتد على ذلك لأنك لن تجدهم حين تٌقتل ثانيةً و ثالثةً و رابعه .. لا أحد يمتلك كل هذا الفراغ لأجلك ! , ولتعلم يا صديقى أنك لست على أرضٍ مقدسة و لست تقاتل صهاينةً حتى يلتف الكل حولك منشدين أناشيدهم الجوفاء ليصيبهم شرف تأييدك , و ليحل عليهم رضا الله فقط لأنهم أعلنو مقتهم لأعدائه الذين ذمهم فى كتابه , فلا تنتظر هالة اعلاميةً حولك .. فلا أحد يكترث .. 
لن يلتقط لك أحدهم صورةً و أنت تقذف الحجارة على أعدائك فى مشهد درامىٍ تدمع له العيون و تنهال عليه مئات الآلاف من الاعجابات و التعليقات على مواقع التواصل .. 
اذا قٌتلت فلن يعلم أحدٌُ اسمك ولا شكلك ولا نسبك , و لن تٌنشر لك مقاطع بطولاتِك الميدانيه لأن بطولاتك الميدانية قد تعد عند البعض ممارساتٍ ارهابية أو تخريبيه .. حتى أشد المتعاطفين معك سوف يأسف على حالك .. سوف يأسف على حال هذا الشعب الذى يقتل بعضه داعياً ربه أن يجنب بلاده مصيرك .. هذا كل ما فى الأمر ..

مئات الآلاف من المجهولين الذين قٌتلو لا أحد يعلم عنهم شيئاً , مئات الآلاف من الصور و المقاطع المؤثرة التى التقطت دون جدوى .. لا أحد يعلم ما بداخل ذلك الطفل الذى خرَ باكياً أمام عدسة الكاميرا فى مقطعٍ مشهور اتخذت منه قناة الجزيرة "برومو" مؤثرٌ لها يجذب الأنظار و يستعطف القلوب و هو يقول بصوتٍ مرتجف يَبٌس من البكاء .. " قتلو عيلتنا و هدمو بيوتنا .. ليش هيك عم يحصل فينا ؟! "
أنا كلما نظرت الى عينى ذلك الطفل أتذكر " راكان " .. راكان طفل سورى دفعه الجحيم الى بلادنا هنا فى مصر .. راكان كان هادئ الطباع ليس مشاكساً كباقى الأطفال من أبناء سنه .. ذات مرةٍ طلبت منه أن يتمنى شيئاً واحداً , دون تردد أخبرنى أنه يتمنى العودة الى بلاده سوريا .. ثم عرض علىً تلك الصورة التى كانت على جوال والدته الذى كان يحمله معه .. كانت صورةً لمنزلٍ محاط بأوراق شجر خضراء و له فناء صغير .. كان هذا بيته أو ما كان بيته قبل أن تسقط عليه قذيفة لتجعله ركاماً .. رغم ذلك كانت عيناه تلمع بالفخر فقط لأنه تذكر وطنه و بيته و أرانى اياهم ..

ما يعرض على صفحات التواصل من معاناةٍ لأهل سوريا هو غيض من فيض .. ذلك الفيض لن تجده سوى فى مجموعات مغلقة ٍ و صفحات قد ذُبِح صوت القائمين عليها ليرسلو اليك صورةً من معاناتهم .. تماماً مثل ما حدث مع مخيم اليرموك الذى لم يسمع عنه أحدٌ شيئاً .. لم يسمع أحد شيئاً عن أولئك الذين ماتو جوعاً و عطشاً من شدة الحصار المفروض عليهم ..

لم يسمع أحد شيئاً عن " أيهم أحمد " عازف البيانو الذى كان يعزف على أنقاض البيوت المهدمة و حوله ثُلةُ من الأطفال الجائعين الذين يرددون معه " ياللى قاعد وين و وين اليرموك بيحبك يا خيا .. "

اليرموك بيحبك يا خيا بس انت يا خيا لست مهتماً ..

لم يسمع أحد شيئا ً عن مخيم اليرموك الا بعدما وُطأت أرضه بأقدام داعش .. ولأنهم داعش فان أى أرضٍ يدخلونها تصير محط أنظار العالم و محور حديث الاعلام و الفضائيات الاخبارية و مواقع التواصل

لم يسمع أحد شيئاً عن مخيم اليرموك الا بعد أن فضته رصاصات داعش و ذبحث شبابه سيوفهم الرجعية البارده .. هل هذا هو الأمر بالنسبة لعامة الناس ؟ .. هل تصبح القضية قضية بكم الفانتازيا و التشويق المثار حولها .. ؟ هل يجب على أن أستعين بداعش لتقتلنى فى كل شبرٍ من أرضى لتلتفت الى ً ؟ و تعلن تأييدك لى كيداً فى داعش ؟

........

يقول السيد مارسيل خليفه فى أحد قصائده التى غناها من ألبوم ليلة سقوط القمر ..

" أيها العابرون على حبة القمح فى مهدها .. احرثو جسدى

أيها العابرون على جسدى .. لن تمرو , لن تمرو , لن تمرو .. "

سيد مارسيل .. ها هم قد مرو على جسدى .. ها هم قد وطئو أنفى بأقدامهم و غرسو وجهى فى طين أرضى بعد أن أحرقو قمحى ..

سيد مارسيل لماذا لا يحدث ما يحدث فى قصائدك و أغنياتك

سيدمارسيل ها أنا ذا قد قٌتلت .. ها هم قد قتلونى و مرو على جسدىَ النحيل الذى نخره الجوع و أنهكه العطش .. ها هم قد مرو عليه بعد أن جلدونى .. لأننى أعزف العود مثلك .. لأننى ارتكبت معصية ً , معصية لهم و ليس معصية لخالقهم لأننى أعلم يقيناً أن خالقهم هو خالقى و أنه لن يغضب على منكوب مثلى لأنه يعزف العود على ركام بيته ..

لماذا يحدث كل ذلك معى !؟ .. ألست أقاوم بما يكفى ؟ .. أهناك المزيد من الألم الذى لم أتجرعه بعد ؟

خمس سنواتٍ من الحرب الغاشمة .. ألا يكفى ذلك ؟ .. أليس هناك حلٌ ما عند شخصٍ ما ؟ أليس هناك نهايةُ لذلك القدر الذى فرضه الله على أرضى ؟ .. أما آن الآوان أن تتجلى حكمته من كل ذلك الأمر ؟ أما آن الأوان لتٌشفى تلك الصدور المشتعلة التى عجت بها البلاد ؟

أنا لست أكثر الناس اهتماماً بالأزمة السورية و لا أكثرهم متابعة لها و قربا منها , أنا مغيب مثلى كمثل باقى الشعوب العربية التى غٌيبت و انشغلت بحالها عن كل شئ .. أنا فقط أتساءل الى متى ستظل هذه الحرب قائمةً .. الى متى ستظل هذه الجريمة جاريةُ فى حق شعب لا يستحق تلك المعاناة و على أرض لا يستحق جمالها أن يشوه بتلك الطريقة العنيفة على يد حفنة من اللصوص الجالسين فى مجالس السلطة الذين قررو أن يبيعو كل شئ فيها ليظلو سالمين .. و لصوص آخرون اقتحموها ليسرقو ما تبقى منها و يسيطرو على كل ما طالته أيديهم ..

أيها العابرون على جسدى .. لن تمرو .. 


  • 2

   نشر في 28 أكتوبر 2015  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا