الروس و الصين ... القوة المتنامية في الشرق
نشر في 13 مارس 2021 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
كرّست الولايات المتحدة الامريكية كل أجهزتها الدبلوماسية و الاقتصادية و الاعلامية للحد من التوسع الروسي و الصيني في مختلف مناطق العالم و خاصة في الشرق الاوسط و في افريقيا لما تتميز هذه المنطقتين الجغرافيتين من عدة نواحي ...
و كانت بداية ظهور هذا التوجه الامريكي نحو الشرق كان في عهد الأسبق باراك أوباما من خلال العقوبات المختلفة طيلة فترة رئاسته و خلفه من بعده الرئيس السابق " دونالد ترامب " و دخل مباشرة في حرب اقتصادية ضد الصين خلال فترة رئاسته هو أيضا
فبالرغم أن الروس و الصين دولتين كانتا شيوعيتين إبان الحرب الباردة و رغم وجود اختلاف في رؤى ووجهات النظر بينهما إلا أن هذه الخلافات زالت مؤخرا و توحدت جهودهما معا لمواجهة الولايات المتحدة بالنسبة للصين و معها أوروبا أيضا بالنسبة للروس كون أن الغرب هو الخطر المشترك ضدهم و تهديدا لمصالحهم في مختلف مناطق في العالم
في الحين نشاهد تقارب بين الروس و الصين و تعاظم الشراكات الاستراتيجية و أن أساس التحالف بينهما هي المصالح وليس التوجه الايديولوجي مثل السابق
فمن بين أسباب هذا التقارب هناك سببين هما :
1- أسباب سياسية : فهما يدعمان الأنظمة العسكرية و مختلف الدكتاتوريات و الأنظمة الشمولية و يحاربان الديمقراطية في الدول الضعيفة و كذا لا ننسى العامل الدولي وتغير في الخريطة السياسية هو الهيمنة الأمريكية على النظام العالمي
2- أسباب اقتصادية : فهي الخروج من هيمنة الدولار في المبادلات التجارية
دون أن ننسى أيضا التكامل الهيكلي بين الروس و الصين حيث أن الروس بلد مصدر للطاقة و الصين مفتقرة لها ، إضافة الى أن أعظم سياح روسيا هم الصينيين
ومن أهم و أكبر مشاريع الروس و الصين هو مشروع الاتحاد الأوراسي الذي تقوده روسيا و مشروع الحزام و الطريق الصيني و ربطه بمشروع البريكس الذي تقوده روسيا و الهند
أما في الجانب المبادلات التجارية بين الدولتين كبير جدا فآخر الاحصائيات تقدر أن آخر تقدير كان 107 مليار دولار و كلا الطرفين لديهم الرغبة في إيصالها الى 200 مليار دولار
أما عسكريا فالصين كانت تستورد السلاح الروسي الى غاية 2005 – 2006 ، وكانت الصين هي أول دولة تتحصل على منظومة الصواريخ S400 سنة 2014 ، وكذا المناورات التي تقام في شنغهاي التي تقودها روسيا و الصين إضافة الى الهند و باكستان و بعض الدول شرق آسيا
ففي ظل تعاظم الدولتين و تنامي نفوذهما و التحالف الاستراتيجي بينهما أدى الى قلق الغرب عموما و الولايات المتحدة بالخصوص ، فالرئيس الفرنسي " ايمانويل ماكرون " خطب أمام الجيش الفرنسي حيث قال أنه " يجب ابعاد روسيا عن الصين فهي عملاق اقتصادي و قدرات عسكرية متنامية "
عند العودة الى العلاقات الروسية الاوروبية كانت مستقرة و أن الروس كانوا منفتحين على أوروبا لكن حادثة أوكرانيا 2014 وضم جزيرة القرم أصبحت العلاقات عدائية و أن روسيا هي العدو الاول لأوروبا هذا ما ترك روسيا تعود لتتحالف مع الصين و دول آسيوية
فكل من روسيا و الصين أصبح لديها قدم و موقع في الشرق الأوسط و أن إيران هي حليف مهم لكليهما في المنطقة لهذا فمستبعد أن تندلع حرب بين إيران و إسرائيل أو مع الولايات المتحدة الأمريكية لأن كل من الصين و الروس لن يسمحوا باندلاع هذه الحرب من أجل الحفاظ على توازن القوى في المنطقة و على المصالح و يملكون ايضا حق الفيتو في مجلس الأمن ... لكن في خضم هذه التوازن بين القوى المختلفة إلا أنها جاءت على حساب مصالح الدول العربية و الخليج
لأن عند اندلاع هذه الحرب فهي تعني ضرب للمصالح الروسية في سوريا و الصينية في كل المنطقة خاصة و أن مشروع طريق الحرير يمر عبر إيران الى الشرق الاوسط و منها الى افريقيا و الى أوروبا لهذا ففي أسوأ الاحتمالات فالصين و الروس إن لم يدافعوا عن ايران مباشرة لكن لن يسمحوا باختلال التوازن في المنطقة و ضرب المصالح فيها فسيدعمون ايران ولو بطريقة غير مباشرة