أعتاب البركات : الجزء السادس
" وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين "
نشر في 26 ماي 2017 .
7- الافراط فى الطعام والشراب
ومن أسوا العادات التى تبدأ بحلول شهر رمضان المبارك الافراط فى الطعام والشراب , والمبالغة فى الولائم و العزومات الى حد الاسراف الذى نهانا الله عنه ..فقال تعالى : " وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين "
ففى الايه الكريمة نهى عن الاسراف و التبذير , واخبار بأن الله لا يحب المهدر لنعمه الذى لا يحافظ عليها .
فالافراط فى تناول الأطعمة فى شهر رمضان , خطأ جسيم يقع فيه كثير من الصائمين بسبب اعتقادهم أن هذا تعويضا لأجسادهم عما فقدوه فى الصيام .
وتكون النتيجة معاناة الكثير منهم بالاضطرابات المعوية , وتعرضهم لأمراض عديدة مما يضطرهم الى استخدام الأدوية , والمهضمات و غيرها ...فنلاحظ أن كثير من المشاكل الصحية ناجمة عن الافراط فى تناول الأطعمة , وتجاوز حد الشبع , وفى هذا مخالفة لما جاء فى السنة ..فقد قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم " : ( ما ملأ ابن ادم وعاء شرا من بطنه بحسب ابن ادم أكلات يقمن صلبه فان كان لا محالة فثلث لطعامه , وثلث لشرابه , وثلث لنفسه ) .
فيحذرنا الرسول " ص " فى هذا الحديث من الافراط والمبالغة و الاسراف فى الطعام , وحدد لنا أفضل الطرق لتفادى المشاكل الصحية التى يتعرض لها الكثير .
كما أن هذا الافراط و التبذير يصاحبه خللا ماديا كبيرا , ناجما عنه حتى ان كثيرا من الناس ان ما ينفقونه فى رمضان , ويقومون بشرائه , ويتحملون تكاليفه يعادل ما ينفقونه فى ثلاثة أشهر !!!
أليس فى هذا مخالفة و تعارضا مع مبدأ الصيام و سبب مشروعيته ؟! أليس هذا تعارضا مع قوله تعالى : " ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا " ؟!
فالصيام لم يشرع أبدا للاسراف فى الطعام , واعداد الولائم , وامتلاء البطون بل جاء للتخفيف و الاعتدال والقناعة .
فالبطن اذا امتلأت ثقلت النفس , وانصرفت عن العبادة , واذا ما خفت خفت النفس , وانبعثت للعبادة , ونشطت لها .
وكان سيدنا ( عمر بن الخطاب ) – رضى الله عنه – يقول : ( نحن قوم لا نأكل لا نأكل حتى نجوع , واذا أكلنا لا نشبع )
وقالوا قديما :( اذا امتلأت المعدة , نامت الفكرة ) .
وتذكر أخى المسلم أنه من أسباب زوال النعمة اهدارها وعدم الحفاظ عليها , فاتقى الله فيما رزقك به , وخذ ما يكفيك منها بالمعروف , فان زادت عندك ولا حاجة لك بها , فلا تلقى بها فى القمامة ولكن تصدق بها على من هو دونك فى الرزق , مهما قل شأنها أو عظم .
و أيضا من ضمن الاثار الوخيمة المترتبة على المبالغة والمغالاة فى افطار رمضان ترك السحور و العزوف عنه , لأنهم لم يجدوا فى بطونهم ما يتسع له , وفى هذا أيضا مخالفة لسنة نبينا " صلى الله عليه وسلم " ..
حيث قال : ( تسحروا فان فى السحور بركة ) .
------------------------------------------------------------------------------------------------------
يعلم الله أننى قد بذلت جهدا كبيرا فى هذا العمل باغية وجهه الكريم , وتقربا اليه , وتأثرا بقول نبيه " صلى الله عليه وسلم " : ( ان الله و ملائكته و أنبيائه و جميع مخلوقاته حتى النملة فى جحرها ليصلون على معلم الناس الخير )
متعشمة فى وجه الله الكريم أن أكون منهم بفضله .
ومما ملأنى شوقا و حماسا لهذا العمل قول الحبيب " صلى الله عليه و سلم " : ( اذا مات ابن ادم انقطع عمله الا من ثلاث : صدقة جارية , أو ولد صالح يدعو له , أو علم ينتفع به ) .
فاللهم يا أكرم الأكرمين اجعل لنا هؤلاء جميعا فى الاخره , انك أهل ذلك و القادر عليه , وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا , واهدنا و اهدى لنا , واجعلنا سببا لمن اهتدى .
وأخيرا أخص بالشكر ابنتى ( ندى صلاح ) لما قدمته لى من مساعدة كبيرة لاتمام هذا العمل ..أسال الله العظيم أن يجعلها عونا لعباده ...................والسلام عليكم و رحمة الله وبركاته
فادية صقر