أوروبا .. عداءٌ تاريخي للديمقراطية
نشر في 13 مارس 2017 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
أزمة جديدة في الأفق تتفاقم ، تطورات متسارعة لمن سمِّيت اليوم بالأزمة التركية الأوروبية ، رفض استقبال للوزراء وتفريق بالقوة للتجمعات وفعاليات الجالية التركية حول التعديلات الدستورية المزمع تنظيم استفتاء عليها منتصف ابريل نيسان القادم ، كل هذه الممارسات تكون قد كشفت عن وجه أوروبا القبيح ورفضها بل معاداتها لأي تطور ديمقراطي في تركيا أو في أي بلد إسلامي أخر ، فها هي دول أوروبية لطالما حاضرت في الديمقراطية و ممارساتها الفعلية أو يفترض أنّها تصدر يوما القيم الديمقراطية النبيلة ، أو هكذا سوقت لنفسها لنا لعقود وأزمنة طويلة ، لا تستطيع إخفاء رغبتها الجامحة في استئصال و الانتقام من التجربة الديمقراطية التركية ، خصوصا بعد فشل الانقلاب الأخير في منتصف العام الماضي فشلا ذريعا ، زاد من قوة التجربة وضاعفها إلى أضعاف كبيرة .
فشل الانقلاب الذي كان يعوّل عليه الغرب على إحداث التغيير الذي يريدونه جعلهم يسعون إلى إحداث أزمات اقتصادية في تركيا خصوصا في الأشهر القليلة الماضية ، أبرزها سحب منظمات مالية أوروبية لمليارات الدولارات من البنوك التركية ، ما نتج عنها تراجع حاد لقيمة العملة التركية الليرة لكنّ تلك الهزة لم تفلح في إثارة الشارع التركي ، وسارعت الحكومة التركية في التحرك سريعا لتعويض ذلك النقص من خلال جذب استثمارات خليجية سعودية وقطرية بالأساس .
بعد كل تلك المحاولات الغربية لإسقاط أردوغان و تجربته ، هاهي أوروبا تتحرك للمرة الثالثة في أقل من عام في محاولة جديدة لإسقاط السلطان التركي الجديد رجب طيّب أردوغان ، تحرك ظاهره معارضة الاستفتاء التركي على الدستور الجديد الذي سيمنح سلطات واسعة للرئيس المنتخب الجديد أردوغان ، وباطنه العداء اللئيم للتجربة الإسلامية التركية وغير التركية الكثير .
رفضت الدول الأوروبية بعقد لقاءات لوزراء ومسؤولين ساميين أتراك بجالياتهم في أوروبا قصد شرح التعديلات والتسويق لها ، في حين يسمح للمعارضين لهذه التعديلات بإجراء الفعاليات وتلقي الدعم الرسمي والشعبي لها ، في اعتقاد أوروبي أن التصويت ضد الاستفتاء الشعبي على الدستور هو بمثابة نهاية لحكم أردوغان ومشروعه ، ذلك أنه لو جاءت النتيجة بالسلب فإن أحزاب المعارضة التركية وبضغط من الدول الأوروبية ستدعو لانتخابات برلمانية مبكرة، بل ستدعو لاحقا حتى لطرح الثقة من الرئيس ، مستغلة تراجع شعبيته وشعبية حزبه الحاكم العدالة والتنمية ، وبالتالي في تصور أوروبا يمكنها التخلص من الرئيس أردوغان ونظامه عبر انقلاب ديمقراطي بعد أن أفشل أردوغان انقلابها العسكري.
هذه الممارسات الأوروبية الشنيعة كشفت النفاق الأوروبي تجاه الديمقراطية ، فأوروبا التي ترصد مليارات الدولارات لدعم البرامج الديمقراطية في افريقيا وأسيا وتسلّط مؤسساتها الحقوقية والبرلمانية ضد التجارب الفتية الديمقراطية ، لا تفعل ذلك في عيون الديمقراطية ولا لنشر الحريّة ، بل لتحقيق مصالحها وتمرير مشاريعها وأهدافها وأنّ هذه التصرفات الهستيرية ضد التجربة التركية تأتي في وقت يعرف فيه اليمين المتطرّف في أوروبا وغيرها صعودا كبيرا ، هذا اليمين الذي يعيش تعاطفا اليوم حتى من الأحزاب الوسطية في أوروبا التي أصبحت تغازل بعضها بالعداء لتركيا .
الهيجان الأوروبي على الاستفتاء على الدستور التركي الجديد ، والممارسات القمعية ضد الفعاليات للجالية التركية في أوروبا ستدفع حتما الأتراك، معارضين قبل مؤيدين للاستفتاء ، إلى التصويت بنعم على هذا الدستور، أوروبا الفاشية كما وصفها أردوغان باتت غبية مقارنة مع ذكاء الزعيم التركي رجب طيّب أردوغان ، عداء وأزمات حوّلها الأخير إلى حملة تأييد واسعة نحو السير بثبات لنجاح تعديلاته الدستورية في الأخير حفظ الله تركيا و زعمائها ، ولا فلحت مخططات اوروبا الصليبية ، هذه هي أوروبا عداءٌ تاريخي للديمقراطية