مشاهد رائعة
في حُب رسول الله
نشر في 11 نونبر 2019 وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .
ستظل أعظم تنمية بشرية عرفتها البشرية مع رسول الله ﷺ مُحمد بن عبد الله الذي اكتملت فيه كل الصفات الانسانية .. فما ينطق عن الهوي و إنهُ لعلى خلقٍ عظيم و نريد أن نقف علي بعضاً من مواقف رسول الله ﷺ في فن التعامل مع الآخرين و كيف كسب القلوب قبل الرسالة و بعدها .. عندما كان الإسلام غريباً و بعد أن أعزهُ الله و دخلت فيه سائر العرب
و لـ نستحضر معاً صور ذهنية جوهرها الفطرة و تلك التركيبة البيولوجية التي تميل الي حب رسول الله ﷺ و لـ نتصور ما ترسمهُ الكلمات في مُخيلتنا من مشاهد لها صورة بالفعل و لكنها ليست كالتي نعرفها هى أعظم و أجل .. لـ نُبحر داخلها و نستشعرها بذهنٍ صافي و قلبٍ نقي حتي نرتوي من عظمتها .............. فـ لنتأمل معاً
الخلاف مُشتعل في بطن مكة بين قبائل قريش على الحجر الأسود بعد اعادة بناء الكعبة .. فأجمعوا الرأي على أن يكون الحكم و الفصل بينهم هو أول رجل يدخل من باب الصفوة الآن .. الجميع ينظر الي الباب و يترقب مَن يظهر أمامهم .. يدخل رسول الله ﷺ ابن الخامسة و الثلاثين من عُمره .. فقال الجالسون في صوتٍ واحد رضينا بحكم الصادق الأمين .. لم يعترض أحد الشيوخ على عُمره و لم يقل أحد السادة أن محمداً ربيبَ أبي طالب و ما هو بسيدِ قومه و لم يتذكر كل الحاضرين إلا كلمتين فقط الصادق الأمين .. يسمع رسول الله ﷺ منهم قصتهم .. ثم يقف علي الرأي الذي يُرضي الجميع و يُوحد القوم و يُخمد النار المشتعلة بينهم .. يُحضر ثوب طويل و يشقه و يضع الحجر الأسود في منتصفه .. يأتي بـ سيد من كل قبيلة و يُمسكهُ طرفاً من الثوب .. يرفعهُ الجميع إلى أعلى في يدٍ واحدة و ينقله محمد ﷺ الى موضعه الذي وُضع به .. فرضيَّ القوم جميعهم و نالوا الشرف من وضع الحجر
لـ ننظر الي مشهد آخر في آداب الحديث و فن الرد .. عندما جهر رسول الله ﷺ برسالته و ما كان فى السر صار فى العلن .. سادة القوم مجتمعون في دار الندوة يتحدثون في شأن محمداً و أصحابه .. فأجمعوا الرأي على أن يُحاورهُ عتبة بن ربيعة سيد عبد شمس .. و قالوا ما لها إلا أبا الوليد .. دخل عتبة علي النبي يقول له من الكلمات ما يؤذيه و بقي رسول الله ﷺ منصتاً الي عتبة يسمع قوله بهدوء .. فلما انتهي عتبة .. قال له النبي : هل فرغت يا أبا الوليد ؟ قال نعم .. فقال له النبي فاسمع مني يا أبا الوليد .. و قرأ عليه بدايات سورة فصلت حتي قوله تعالي : " فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقةً مثل صاعقة عادٍ و ثمود " .. ففزع عتبة و ناشدهُ الله و الرحم .. و حين عاد الي مجلسه قال القوم والله لقد رجع أبا الوليد بوجهٍ غير الذي ذهب به .. ماذا قال لهم عتبة بعد حواره مع رسول الله ﷺ ؟ .. قال لهم : خلوا بينه و بين الناس فإن أصابوه فهذا مطلبكم و إن اتبعوه فعزهُ عزكم و مجدهُ مجدكم .. و الله ليكوننّ لقولهِ هذا شأنٌ عظيم .. كل هذا حدث لـ عتبة في دقائق لِما رآه من حسن المعاملة و الإنصات للحديث و صدق القول الذي سمعه من قرآن عظيم
مشهد آخر يجعلك تتأمل في شأن مَن أودع الأمانة و المؤتمن عليها .. بعد أن هاجر النبي ﷺ الى المدينة .. يُنادي سيدنا علي بن أبى طالب في أهل مكة .. مَن أودع رسول الله ﷺ أمانةً فليأتي إليَّ لـيسترد أمانته .. فرسول الله ﷺ قد ترك أماناتكم عندي .. يا الله على الرغم من أنهم يُحاربونه و يُعادونه إلا أنهم ما زالوا يودعون أماناتهم عند رسول الله ﷺ .. فعداؤهم مع رسول الله ﷺ عداء كبر و تعصب و جاهلية و ليس عداء في شخصه الذي لم يعرفوا منه إلا الصدق و الأمانة و مكارم الأخلاق
لـ نقف أمام مشهد آخر في فن التعامل و ادارة الحوار نحو غايته .. المسلمون تحركوا من المدينة لادراك قافلة أبو سفيان و قريش خرجت بأفلاذ أكبادها لقتال المسلمين .. اقترب الاثنان من بئر بدر .. رسول الله ﷺ يتجول و معه صاحبه أبو بكر الصديق حول معسكر المسلمين فأدركا شيخاً من العرب .. فسأله النبي عن مسير قريش و عن محمَّد و أصحابه فقال الشيخ : لا أخبركما حتى تخبراني ممّن أنتما ؟ فقال لهُ رسول الله ﷺ : إذا أخبرتنا أخبرناك .. قال الشيخ : أذاكَ بذاك ؟ قال رسول الله ﷺ : نعم ..... (( رسول الله ﷺ أثار فضول الشيخ بالكلمات و لم يُبدي اهتمام أو بالغ بحرصهِ علي معرفة ما يعرفه الشيخ علي الرغم من احتياجه الكامل لكل معلومة قبل بداية الغزوة )) ...... و بالفعل ازداد الفضول عند الشيخ فأخبره بكل شيء فلما فرغ من خبرهِ قال ممّن أنتما ؟ فقال لهُ رسول الله ﷺ نحن من ماء ثم انصرف عنه .. فظل الشيخ يهمس و يتسائل مع نفسه : ما مِنْ ماء أمِنْ ماء العراق هم ؟! :)
مشهد آخر يجعلك تتأمل في كيف كسب رسول الله ﷺ قلوب مَن ليس على دينه ؟ .. مُخيريق رجل يهودي من أهل الكتاب من بني النضير .. عندما خان اليهود العهد مع رسول الله ﷺ فى غزوة أحد .. خرج الي قومه بني النضير و طلب منهم الوفاء بالعهد مع النبي و الخروج معه فـ محمدٌ أصدق الناس و أوفاهم عهداً و يُكرم الجوار و لم نري منه إلا خيراً .. فقالوا لـ مُخيريق : اليوم يوم السبت و لا نقاتل فيه .. فقال مُخيريق : والله لا سبت لكم و خرج مع النبي للقتال و قُتل يوم أُحد .. و قال عنه رسول الله ﷺ مُخيريق خيرُ يهود .. يهودي على غير دينه يفدي النبي بحياته لما رآه من حسن معاملة و الصدق و الأمانة و مكارم الأخلاق
لـ نستشعر مشهد رائع في فن التعامل نفسياً في المواقف الشديدة و الأمواج المتلاطمة من المِحن .. المسلمون محاصرون يوم الأحزاب .. يتخندقون و لا يأمن أحدهم علي نفسه فى الذهاب لـ قضاء حاجته .. و تقف صخرة أمام أحد الصحابة و لا يقدر علي تحطيمها .. فيأتي رسول الله ﷺ فيضربها ثلاثاً بـ ثلاث بشريات و ثلاث ابتسامات مع كل ضربة .. الأولي عن فتح بلاد الشام و الثانية عن فتح بلاد فارس و الثالثة عن فتح بلاد اليمن .. فارتفعت الروح المعنوية و هلل معسكر المسلمين بالتكبير و أيقنوا أن الأحزاب لن ينالوا منهم شيئا و أنها مرحلة ستنتهي و في انتظارهم بشائر نصر عظيم .. فحول رسول الله ﷺ حالة القلق و الخوف إلى تفاؤل و أمل و طمأنينة فى أن نصر الله لن ينقطع
لـ ننتقل إلي مشهد سياسي حكيم في يوم الحديبية .. نزل رسول الله ﷺ علي شروط قريش على المسلمين و الصُلح معهم حتي غضب عمر بن الخطاب و قال : يا رسول الله لما نُعطي الدنية في ديننا و نحن على حق و هم على باطل ؟! .. ثم أدرك عمر بعد ذلك أن ما فعله رسول الله ﷺ لم يكُ انكساراً بل انتصاراً .. و أعطي درساً لكل ساسة الأرض أن لا ينظروا تحت أقدامهم في معاركهم السياسية .. فبعض المعارك في خُسرانها انتصار مؤجل و بالضربة القاضية التي يزهق علي أثرها الباطل .. فـ بعد صلح الحديبية أقبلت قبائل العرب الى المدينة تُبايع رسول الله ﷺ على الإسلام .. و علي الرغم من أن قريش هي التي وضعت شروط الصلح إلا أنها طلبت من رسول الله ﷺ أن يحذف شرطاً من الصلح كانت تظن قريش أنه لها ثم أدركت بعد ذلك أنهُ عليها .. ثم بعد الصلح بعامين فُتحت مكة .. فـ نصف النصر أن تُوهم خصمك أنه انتصر ثم تباغته من حيث لا يدري
لـ ننظر الي مشهد عظيم في التخطيط العسكري .. فقد كان رسول الله ﷺ هو القائد الأعلى لجيوش المسلمين .. و أول مهام القائد هو تأسيس جيش قوي من أفضل القادة و الجنود التي عرفتهم العرب .. فأرسل الوليد بن الوليد إلى أخاه خالد بن الوليد كي يُحدثهُ عن رجاحة عقله و فطنته العسكرية و ما كان لمثل خالداً أن يجهل الاسلام .. و لو أسلم خالد لقَدمنّاهُ علي غيره ممَن سبق فأسلم خالد بعد أيام .. نعم رسول الله ﷺ يعرف كيف يدير الأمور و كيف يحتوي الأشخاص .. لم يتذكر لـ خالد فعلتهُ بهم يوم أُحد و بحث عن الثأر منه .. بل يتحدث مع خالد عن مزاياه و فطنته العسكرية حتي يرق قلبه للاسلام و يؤسس منظومة عسكرية قوية للمستقبل .. ثم لقبهُ الرسول بـ سيف الله .. فالوسام من جِنس العمل لـ يزداد حبهِ و عطاؤه للاسلام .. حتى صار سيف الله خالد بن الوليد أعظم قائد عسكري في التاريخ .. فالأسلوب النبوي الذي استخدمه رسول الله ﷺ كسر بداخله نخوة بني المغيرة و جعل فخره بالإسلام و قلبه و عمله للإسلام خالصاً لوجه الله
لنذهب إلى مشهد جميل في مراعاة شعور الآخرين .. عندما أسلم سيدنا عكرمة بن أبي جهل سماه رسول الله ﷺ بالراكب المهاجر .. و أمر أصحابه بأن لا ينادوا صاحبهم بـ ابن أبي جهل حتي لا يتأذي بذكر أباه .. فاحتوى رسول الله ﷺ عكرمة حتي زاد ايمانه و عاهد عكرمة رسول الله ﷺ علي أن ينصر الاسلام في كل موقع عاداه فيه قبل الاسلام .. و استشهد عكرمة في كتيبة الموت يوم اليرموك حين كانت الغلبة للروم في البداية .. فنادي عكرمة في صفوف المسلمين لقد عاهدت رسول الله ﷺ أن أنصر الاسلام في كل موقع .. فمَن يبايعني علي القتال حتى الموت .. و اخترق صفوف الروم بكتيبة الموت التي كانت سبباً في نصر المسلمين .. عكرمة و كتيبته تخرجوا من مدرسة النبوة .. صدقوا الله فصدقهم الله
مشهد آخر مع سهيل بن عمرو خطيب قريش و عُرف بفطنته و رجاحة عقله .. و قد سَخَر لسانه في الباطل و محاربة رسول الله ﷺ قبل اسلامه .. و عندما وقع في الأسر يوم بدر .. طلب عُمر بن الخطاب أن يأذن له رسول الله ﷺ فيقتله .. فقال له رسول الله ﷺ يا عُمر و الله إن سهيل لـ ذو رأي و فطنة غير أنه جعلهما في الباطل .. دعه يا عُمر لعلهُ يقف موقفاً يسُرك .. فـ أسلم سهيل بعد الفتح .. و كان لـ سهيل بن عمرو موقفاً عظيماً بعد وفاة رسول الله ﷺ حين ارتدت أغلب قبائل العرب عن الإسلام .. حيث وقف سهيل تحت أستار الكعبة يخطب في أهل مكة و يطالبهم بالوفاء بالعهد و أن لا يكونوا آخر مَن أسلم و أول من ارتد .. انظر " دعهُ يا عُمر لعلهُ يقف موقفاً يسُرك " و كأن جملة رسول الله ﷺ قد حُفرت في قلب سهيل بن عمرو حتي جاء يومها فـ نصر الله به الاسلام
لـ نذهب الي مشهد اجتماعي في احتواء الشباب .. حيث أتى فتى شاباً إلى رسول اللهﷺ فقال : يا رسول الله ائذن لي بالزنا .. فأقبل القوم عليه فزجروه فقال لهم رسول الله ﷺ حسبكم .. و دنا من الشاب و قال لهُ اجلس .. ثم قال أتحبهُ لأمك .. قال : لا والله .. فـ قال رسول الله ﷺ : و لا الناس يحبونه لأمهاتهم .. ثم قال : أفتحبه لابنتك ؟ قال: لا والله يا رسول الله .. فقال ﷺ : و لا الناس يحبونه لبناتهم .. ثم قال : أفتحبه لأختك ؟ .. قال : لا والله يا رسول الله فقال ﷺ : و لا الناس يحبونه لأخواتهم .. ثم وضع يده عليه و قال ﷺ : اللهم اغفر ذنبه و طهر قلبه وحصِّن فَرْجَه .. فلم يكن بعد لـ ذاك الفتى أن رأى الناس منه شراً
لـ نبتسم مع مشهد رائع لـ عُمر بن الخطاب و هو يُمازح رسول الله ﷺ و رسول الله ﷺ يمازحه .. فذات مرة كان رسول الله ﷺ يأكل التمر مع أصحابه .. فكان عُمر يأكل التمر و يضع نواه أمام رسول الله ﷺ .. و عندما فرغوا قال عُمر لـ رسول الله ﷺ : أأكلت كل هذا يا رسول الله ؟ فقال له رسول الله ﷺ : و أنت يا عُمر أأكلت التمر بنواه ؟ :))
و أختم تلك المشاهد العظيمة بأروع ما قرأت في فن التعامل مع الناس .. حيث خُيل لـ عمرو بن العاص مما رآه من حسن المعاملة و الصحبة الصادقة مع رسول الله ﷺ .. أنه أحب الناس الي رسول الله ﷺ .. فقرر أن يسأله في هذا و ذهب اليه و قال له : يا رسول الله مَن أحب الناس اليك قال : عائشة ، قال : ثم مَن ؟ فقال : أبوها ، قال ثم مَن ؟ فقال : عُمر .. و ظل عمرو يسأل و رسول الله ﷺ يعد له أسماء أحبابه .. فيقول عمرو عندما لم أسمع اسمي بعد عدد من الأسماء قلت لهُ كفي يا رسول الله خوفاً من أن أكون آخرهم .. فرسول الله ﷺ كان يُعامل أصحابه حتي يشعر كل منهم أنه أحب الناس إليه
و مهما كتبنا من كلمات و امتلأت الصفحات ما وفيناك حقك يا رسول الله .. أبي و أمي و أخوتي يفرون مني يوم القيامة و يقولون نفسي نفسي .. و سائر الأنبياء و جميع البشر يقولون نفسي نفسي .. و رسول الله ﷺ يقول أمتي أمتي .. أي حبٌ هذا الذي تخطي حب العاطفة بين الأب و الأم و الأخوة و الأبناء و الزوج و الزوجة ؟ .. بأبي أنت و أمي يا رسول الله .. فأنت من رتبت لنا الحياة علي الهدي و الرشاد و أوذيت كثيراً من أجلنا .. و تركت لنا ما إن تمسكنا به لن نضل بعدك أبداً كتاب الله و سنتك .. اللهم صلي و سلم على مَن صلي عليه الله و ملائكته من فوق سبع سماوات و في كتابه الكريم .. رسول الله ﷺ محمد بن عبد الله
" فاذا كانت الكهرباء تُقاس بالفولت .. و الزلازل تُقاس بمقياس ريختر .. و الأوزان تُقاس بالكيلو جرام .. فان الأخلاق تُقاس بأخلاقِ رسول الله صلى الله عليه و سلم "
-
ناشط بحركة 6 أمشيرإنسان أتى عليه حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ..... سأظل أكتب ما أومن به حتي أبني لهذا العالم مدينة من العدل جدرانها الحروف وأعمدتها الكلمات ..... يسكنها كل شبيه لها
التعليقات
بالتوفيق وتحية احترام لك