حوار الحرية أنا والآخر - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

حوار الحرية أنا والآخر

بقلم : رولا العمر

  نشر في 09 يناير 2016  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

أنا : يقولون: أنه حتى تعيش حراً يجب أن تضحي بسعادتك ؟

كيف يمكننا تصور شكل هذه الحرية التي ستغلق في وجوهنا أبواب السعادة ؟

الآخر : في البدايةِ أولاً، يجب علينا أن نوضح مفهوم الحرية لكي ندرك دورها وعلاقتها بالسعادة.

أنا: الحرية هي أن نتحلى بالإيجابية والشجاعة الكافية؛ لنكون مسؤولين عن أقوالنا وأفعالنا.اعتماداً على الوعي بكل ما يجوز لنا فعله وما لا يجوز...

أما السعادة هي أن تكون حراً في اطار عالم القيم والمبادئ التي تتخذها لنفسك دون إجبارٍ أو إكراه . "باختصار" أنا أرى أن الشخصية السعيدة هي التي تمكنت بفعل الإرادة من تحرير نفسها من أثقال الصدمات والخيبات والألام ...

الآخر: بنظري السعادة، هي حالةِ التجارب التي نقدم عليها، دونما وضع حدودٍ ومتاريس على عقولنا وفكرنا، وعدم الاهتمام أو المبالغة في مشاعر القلق والتوتر لما هو قادم ، فالسعادة هي أن نعيش اللحظة دون أن نحمل أنفسنا هموم الغد وأعباء الماضي!!

أمَّا الحرية فهي القدرة على الاختيار والانطلاق بما يكفي للخروجِ من حالة الجمود والموت الذي يكتنف حياة الناس الذين ظنوا أنّ الحرية بابٌ محرَّم فتحه، أو الخوض فيه..

أنا: قوانين الطبيعة ،الضوابط الأخلاقية والدينية والقانونية ،الفكر المجتمعي السائد، السُلطة أيّ كان نوعها وشَكلها.الظروف المحيطة بنا ،العادات والتقاليد، طبيعة الجسد ورغباته كلها عوامل تحدّ من حرية الإنسان لكن ألا تتفق معي أنّ من البديهي القول بأن الحرية المطلقة لا وجود لها فالإنسان كائن اجتماعي وهو يختلف عن باقي الكائنات بأنه الوحيد القادر على تنظيم هياكل اجتماعية مع غيره من الأفراد باستخدام نظم التواصل والتعبير عن الذات وتبادل الأفكار والمفاهيم وهذا يتطلب فرض ضوابط على الحريات الفردية كي لا يصل الأمر بالبشر في النهاية إلى عالم متصارع يضج بالخلافات والصدامات ..

الآخر : اتفق معك تماما ً بأن الهدف من وجود هذه الضوابط هو حماية الحقوق والحريات وتنظيمها بحيث لا تتعدى واحدة على الأخرى...لكن أحب أن أضيف على ما قلته أن هذه الحدود والضوابط لتكون انسانية ومنطقية وعادلة يجب عليها أن لا تتعارض مع الغاية من وجود الحرية والتي تتمثل باعطاء الحق لكل انسان في التعبير عن ذاته وتقديم اضافته ومساهمته النابعة من فكره الحر وشخصيته المميزة في بناء مجتمعه الذي هو جزء منه ...

واذا أردنا أن نكون عادلين فهذا يعني أنه لا يمكن لنا أن نصدر حكماً أو وصفاً على أقوال وأفعال الآخرين دون أن تكون صادرة من ارادة حرة..ولاحظي معي أن الكثير من سلوكيات وتصرفات البشر قد تكون في الحقيقة عبارة عن ردود أفعال أو نتيجة وقوعهم تحت الضغط والتأثير وهنا بالذات يظهر مدى فهم الإنسان لحريته وحرية الآخرين ..

أنا : لكن عادة ما يصنع الناس تابوهاتٍ جامدة؛ تابوهات لا تستند على أمر فيه خير أو منفعة وللأسف نظن أنها دستور الحياة الذي لا يَجب ان ينتهك او يكسَر!!

الآخر : هذا الوهم بعينه .. والبعض كما قلتِ يخشى كَسر هذهِ التابوهات فتتحول هذه إلى قوانين مُلزمة تتوارثها الأجيال.من رضي على نفسه ذلك؛ فهو يستحق أن لا يكون سعيداً او حراً !

طالما كُان الانسان مؤمناً بذاته فلن يجعل لهذه التابوهات مكاناً في حياته... بل يجب عليه أن يفتح كلَّ الأبوابِ المغلقة؛ فالفكرة والنهج قد يبتدعه شخصٌ واحد ولن يشكل بالضرورة الرأي المخالف عائقا أمامه.

أنا : كثيرون هم من وهبوا حياتهم وأعوامهم للحرية ... بحثاً أو دفاعاُ عنها ... وبالتأكيد لم يكونوا غارقين في غفلتهم السعيدة عن مكوّن أصيل في ذواتهم "الحرية" بل كانوا أحراراً بما فيه الكفاية لاتخاذ قرار المواجهة ومن العدل والإنصاف أن نقول بأن نضالهم في سبيلها هو من أعطى للحرية المعنى الذي تستحقه كما هي الحرية بارعة أيضا في اضفاء قيمتها على كل شيء في حياتنا.

الآخر : أتعلمين امراً ؟ بابُ التخييرِ بين الحرية والسعادةِ غير منطقي وغير مطروح أساساً ، ولَيس لأحد على ذلك سلطة. فمن حريتي تأتي سعادتي .

أنا: صحيح، ومن حريتك ستأتي حريتي وسعادتي أيضا.


  • 22

   نشر في 09 يناير 2016  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

حوار بناء و منمق ( بين ذاتك كطرف .. وطرف اخر متخيل ) لتوضيح الحرية كمفهوم # قد يتفق معها البعض أو يختلف # والسعادة كغاية .
ومن حريتك .... ستأتي حريتي وسعادتي أيضا.
وهذه هى المعادلة ( السماح للاخر بالتمتع بحريته كما يعتقدها ) وفي هذا عدم الحجر على الاخرين في تحقيق سعادتهم من خلال حريتهم .. أحيى فيك رولا... عقلك المتفتح والمتسامح مع ذاتك اولا ومع الآخرين ثانيا
2
رولا العمر
أحسنت أخي الرائع إبراهيم فمفهوم الحرية لا يتضح الا من خلال وجود الآخر ومحاورته التي تعني احترامه وتقبل رأيه حتى لو كان مختلفا ..الحرية المسؤولة مفهوم يتسع لنا جميعا المهم هو أن نعيشها بشكل يحقق لنا السلام الداخلي والسعادة.
Nisreen HF منذ 5 سنة
أبدعتي
3
وانا بقراه كنت بدور علي مفهوم مهم بالنسبة للحرية "الحرية الجماعية" ولقيته في اخر المقال
(((أنا: صحيح، ومن حريتك ستأتي حريتي وسعادتي أيضا.)))
3
عدا الإيمان المطلق بالله أنا مؤمنة بأن لا شيء يسعد الانسان بقدر مطلق ، لابد أن يخرج الامر عن مساره الصحيح وتنقلب الغاية منه لنقيضتها ، التوازن جداً جميل ،،
وإيماني أو اعتقادي هذا لم ولن يكون بقدر مطلق أيضاً
4
مریم كاظم منذ 8 سنة
ولكن بشرط أن لا تكون هذه الحرية معارضة لحدود الله ومتعدية لمحارمه، وإلا فإنها لن تجلب السعادة أبدا، بل وتجر صاحبها إلى الهاوية وتجعله من أشقى الأشقياء..
3
هل لي أن أسأل عدة أسئلة؟ هل هناك في دنيانا حرية مطلقة؟ وهل هناك سعادة مطلقة؟ وهل من يعيشون في ظل دكتاتورية معينة ليسوا سعداء؟ وهل من يعيشون تحت ظل نظام تسوده الحرية المعقولة لا تعتريهم التعاسة؟
2

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا