ماذا يفعل جل المسؤولين الكبار في الاتحاد العام التونسي للشغل؟ مواطن العالم د. محمد كشكار

يبدو لي أن جل قيادات الاتحاد العام التونسي للشغل القديمة و الحالية انتهازيون، و الغريب أن أكثرهم يساريون، و من حسن حظ المرأة أنهم كلهم رجال صافي (على رأسهم 13 عضو مكتب تنفيذي وطني و 24 كاتب عام اتحاد جهوي و عشرات الكتاب العامين للنقابات العامة): قبل وصولهم للقمة، كانوا في منتصف الهرمية النقابية (أعضاء مكاتب تنفيذية جهوية و كتاب عامين أو أعضاء مكاتب تنفيذية محلية و كتاب عامين أو أعضاء نقابات جهوية)، و كانوا يعبِّئون و يحشدون مَن هم دونهم في سلم الهرمية النقابية (كتاب عامين و أعضاء نقابات أساسية و جل المنتسبين و غير المنتسبين للاتحاد)، هم إذن أنصاف محظوظين يمثلون غير المحظوظين، و وصولهم للقمة بطرق شبه ديمقراطية جعل منهم محظوظين مميزين متكبرين متغطرسين (تفرغ نقابي كامل و من المفارقات العجيبة أنهم يتمتعون برواتبهم و ترقياتهم المهنية من المشغل الأصلي الذي يناضلون ضده، منحة مسؤولية، سيارة وظيفية مرفوقة بقصاصات بنزين مجانية، رحلات نضال منظم في الخارج، حظوة، شهرة، سلطة، جاه، درجة مرتفعة في السلم الاجتماعي، ارتياح و رضا نفسي بفضل حاشية مطيعة متذيلة تابعة مستلبة، إلخ.).

ماذا يفعل هؤلاء المسؤولين الكبار في الاتحاد العام التونسي للشغل؟ يقومون بتبليغ توجيهات الدولة و الأعراف إلى الأجراء أكثر مما يبلغون مطالب و تشكيات الأجراء إلى الدولة و الأعراف.

إمضاء مواطن اعتقد - أربعون عاما كاملة من حياة لا تتكرر - و عايش أسطورة اليسار و أسطورة النضال النقابي المطلبي، فعشنا وَهْمَ تحسين قدرتنا الشرائية، و في عهد "بن علي" اكتشفنا أنها "زيادة الحاكم" و لا دور يُذكر للاتحاد فيها سوى إيهامنا نفسيا بأن الحربوشة حلوة و هي في الواقع أمر من العلقم. أما النضال النقابي السياسي فهو بخير لما بذله محمد علي الحامي و فرحات حشاد أيام الاستعمار الفرنسي و لما قدمه النقابيون القواعديون اليساريون من جهد في تأطير و احتضان الثورة في مقرات الاتحاد الجهوية و المحلية و في ساحة محمد علي بالعاصمة، لكننا لن ننسى و لن نغفر الهفوات التاريخية البيروقراطية المتعددة التي قام بها المكتب التنفيذي الوطني و الهيئة الإدارية الوطنية و بعض المكاتب التنفيذية الجهوية مثل تزكية بن علي مرتين للترشح اللادستوري لرئاسة الجمهورية :

يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه و يثقوا في خطابه أما أنا - اقتداء بالمنهج العلمي - أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات و أنتظر منهم النقد المفيد.

لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى، و على كل مقال قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي.

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الاثنين 18 أوت 2014.