المرسول اللاواعي المجرد . - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

المرسول اللاواعي المجرد .

الرسالة الرابعة .

  نشر في 04 يونيو 2017 .

إليكِ مجدداً،

لا تبدين بخير مؤخرا لذلك فكرت بالكتابة لكِ لعل وعسى نصل أنا وأنت إلى تسوية. مالذي يرهقك؟ مالذي يشقيك لهذا الحد؟ اه! نعم .. الوجود، الوجود بحد ذاته يستلب روحك ويفرض عليك قوانينه ويجثم على قلبك كحوت ميت. وها أنا أحاول ولو بشكل مجازي تخفيف هذه المعضلة عنكِ بشكل أو بآخر. أولاً لمَ عليكِ التواجد أصلاً ؟ فمالوجود سوى إسقاط لا ينشق عن الزمن! كما لا وجود فيزيقي للوقت بحد ذاته ، ولذلك باستطاعتك التنصل من قيود الوقت ولو مجازاً. الوقت ومفاهيمه وتجلياته تستدعي التفكر حقاً. كأني به كحبل مشدود في سرك ما وأنتِ المهرج. لا يسعك سوى المشي على هذا الحبل؛ ولو فكرتِ على غرة في الهروب لن يكون ذلك إلا بلقاء حتفك على إثره. هل تظنين هذه الاستعارة في مكانها؟ وما يدريني إلا أن الخطب أعمق من مجرد استعارة سرك. 

إليك الأمر.. ماذا عن الواعي نفسه؟ الوقت قد يكون مجرد واعيكِ هذا. فكما ترين حين الانحدار لمستوى اللاواعي في أحلامك لا توجد حتمية فعلية للوقت. لكن كيف نوارب الواعي وأنتِ بالكاد تهربين من ذكرياتك التي تطاردك؟ ربما ينجح الأمر حين تفقدين السيطرة على عقلك وتسمرين فكرك وقلبك في أي فكرة حمقاء. كأن يكون بتأمل خطوط كفيك وماذا لو أن أحدهم يعيش فيها معتقدًا أنها العالم الوحيد؟ أو ماذا لو تفكرتِ بتفاصيل جناحي حشرة ما والتي من قبيل المصادفة تماثل تشكيلة برج الدلو. هل يعني ذلك شيئا؟ ربما لأنك لو ولدتِ في برج الدلو لكنتِ شجرة بلوط معمرة في حديقة عامة. ترمقين البشر شزرا بابتسامة صفراء. حيث يظنون بأنهم يفقهون في كل شيء. غريب أمرهم، فأنا متسمرة في مكاني لعقود ولم أشهد أي تبدل أو تغير. ومع هذا كل جيل يؤمن في معرفته وتفوقه أكثر من سابقه وبأنه سيحطم حدود الإنسان ويصل للآلهة. وياللقدر! فهو على كل حال سينتهي صاغرا كمصرع عصفور من فوق أغصاني. ومع هذا غباء البشرية يزيد ويتفاقم. كل امرأة بسيطة تقابل حبيبها تحت ظلالي تعقد إيمانا بالغة بأن حبها لن يبلى! بل سيبقى كجذور هذه الشجرة المعمرة. يالِحلوتي الساذجة! حتى جذوري التي تعولين عليها حبك ستنفى؛ فلا أنا ولا أنتِ كنا أبياتا خالدة. ومن يدري؟ ربما القصائد أيضاً، كل القصائد ستضيع في ثقوب سوداء داخل ذاكرة البشرية. حتى تُنسى كأنها لم تكن. إلا إني أفضل الهلاك على أن أعيش زمانا بلا قصائد!

 وبالرغم من كوني شجرة إلا أني سأحب، سأحب كثيراً وافتقد أكثر. آلف الصغار الذين يأتون يوميا بحمقهم وجرأتهم يتحلقون حولي وأنا أنصت لحديثهم الفلسفي. ومن ثم هنالك زهور الزينيا التي تنبت قريبا مني ، أرى كم هي مفعمة بالحياة ، ،جميلة مشرقة تتمايل مع الريح بخفة راقصة صبح مساء. تبث فيّ الأنس حتى تسرقه مني بموتها المفاجئ! هكذا يحصل بأن اتنبه يوما على ذبولها شيئا فشيئا حتى تندثر تماما تحت التربة. بالمناسبة، هي تعود في موسمها من كل سنة لذلك موتها وحياتها لم تعد ذات أهمية. فلسبب ما الشعور الحقيقي هو الشعور الأول وما يتلوه مجرد صور من زوايا مختلفة لذات الشعور. وهكذا كان أكثر ما أحبه في كوني شجرة رواقية؛ فدورة الحياة والقدر لا تزعجني بالقدر الذي تقض به مضاجع البشر. الأمر بسيط للغاية. أربعة مواسم يتلو بعضها بعضا. لا شيء يتغير ولا شتاء يطول عن المعتاد. وبهذا لكونكِ شجرة لعدة لحظات تحايلتِ على الوقت لبرهة ولم تقيدكِ قوانين الزمكان فلربما دقائق من الحرية تكفي كجرعة لممارسة العيش يوميا.



  • 1

   نشر في 04 يونيو 2017 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا