“حُبٌّ في باطِنهِ حرب” - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

“حُبٌّ في باطِنهِ حرب”

  نشر في 21 نونبر 2021  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .



تواصلتُ مع زميلةٍ لي حين علِمتُ أنها آتية من بلدها “المغرب” إلى تركيا لإستكمالِ دراستها بعد الإنقِطاع الذي تسبببه وباء كورونا.

طلبتُ منها حينها أن تشتري لي “خريطة العالم” شرط أن تكون باللغة العربية، أبدت لي إستعدادها, وذهبت لشرائها قبل أن يُشغلها شيء آخر عن السفر.

بحثَت في عدّة قرطاسيات ومكاتب فلم تجد إلّا (باللغة الفرنسية)!.

إعتذرت منّي لعدم إستِطاعتها إيجاد طلبي, لم أهتم حينها لذلك بقدر ماوجدتُ شيء مهم كان قد لفت إنتباهي “كيف لدولة عربية مثل المغرب أن تكون مستعمره ثقافياً بهذا الشكل في ظل الطبقة المثقفة الكبيرة في مجتمعها !”.وجدت أن العولمة هي السلاح الحصري والمُتقدم الذي تستخدمه الدول والذي يتمثل ب “القوة الناعمة” والتي تُمثّل “اللغة” أحد أهم أشكالها، وماهو أثرها في تطبيع ثقافة دَخيله لمجتمعٍ ما والقضاء على ثقافته ولغته..

لم ينتهي الحال بي هنا حيث شدّ إنتباهي موقف آخر من هذا القبيل حيث أنني كُنت في حديثٍ مع صديقٍ لي من دولةِ “التشاد” أحد زُملائي في التخصص، حيث كان يتحدث معي باللغة العربية ولكن لاحظتُ أنه ثمّة على لِسانِهِ كلماتٌ دخيله (فرنسيه) كانت تخترق أبجدية اللغة العربية وتُقلّل من شأنِها و جمالها، وعندما قاطعته سائلاً عن مدى إتقانه للغة الفرنسية، قال لي أنه يُدّقنها أكثر من العربية، وأنه خُيّرَ عندما إلتحق في مدرسته “الإبتِدائية” ففضّل أن يدرسها بالفرنسية!

تسائلّتُ مُتحيّزاً مع اللغة العربية قائلاً : ولماذا لم تدرسها بالعربية..ما المانع في ذلك!، أليست لغة جميلة وثريّة.. أليست لغة القرآن الكريم؟!

لم يستطع مجابهتي في هذا السؤال إكتفى بالإبتسامة، لكن إيمائاتُ وجههِ كانت توحي بالحرَج، عندها أردتُ أن اُلطّف الأجواء قليلاً بالقول :ألم تسمع أنه كان قد قُيل : “من تعَلّم لغة قومٍ أمن مكرهم؟! نحن ايضاً يجب علينا أن نتعلم لُغتهم فقط لنأمن مكرهم لا أكثر!", ونصحته مازِحنا “إياك أن تتلق وتُغرم بها” , فتشاركنا الضحك هاهاهه ,فنتابني الفضول مجدداَ لأسئله عن ملابسه التي يرتَديها ما إذا كانت هي أيضاً (فرنسية), فأجاب : نعم هي أيضاً كذلك ,فتركته للحديث مع نفسي لِلَحَظات “نعم كما ظننتُ لا يوجد في الأمر أيّ مصادفة..

لم تكن المغرب أو التشاد هي أول الدول التي اُستُخدِمت معها هذه الوسيلة في التأثير السلس الذي يُعرّف ب”القوة الناعمة” الذي تستخدمه الدول للوصول إلى أجندتها وغاياتها، فسبقَ، ولازالت الدول العظمى مثل الولايات المتحدة تستخدم السلاح نفسه..

فالأحداث التي شهِدتها ” الحرب الباردة” خير شاهد لهذهِ الأساليب ,حيث يُذكر أن حالة الصراع والتنافس الذي كان بين الولايات المتحدة والإتحاد السوفيتي في فترة منتصف الأربعينات وحتى أوائل التسعينات يلوح بالافق.

عندما ظهرت الندية بين القوتين العظيمتين خلال التحالفات العسكرية والدعاية وتطوير الأسلحة والتقدم الصناعي والتكنولوجي.

كان للولايات المتحدة اُسلوب جديد في مواجهة هذا الخصم القوي بتبني “النظرية المثالية” التي لا تُشجّع على القوة و الصراع المباشر مع الدول..

على عكس النهج الذي كان يسير عليه الإتحاد السوفيتي في تبني نهج السياسة الواقعية وإستخدام القوة!.

إستطاعت الولايات المتحدة من إحراز تقدماً على جميع المستويات وذلك بإضعاف خصمها بالدعاية والتشويه وسياسة الحصار والإستئصال للشيوعية.

إنتهى ذلك في بتجنب الإتحاد السوفيتي في أن يصل الأمر إلى حرب عالمية ثالثة.

هنا إنهار الإتحاد السوفيتي وإنتصرت الولايات المتحدة.

نفهم هنا أن الدول العظمى التي تسعى للهيمنة لم تعُد ترى أن طريقة إرسال الجيوش والمُعدات العسكرية وغيرها ناجحة، وأن القوة الناعمة كان لها تأثير فتّاك إستطاع أن يقضي على أعظم قوة على كوكب الأرض آنذاك، ومنذ ذلك الحين أصبحت الدول تنتهج هذا النهج في الهيمنة و (الإحتلال الغير مباشر) بالإنسحاب من هذه الدول ووضع على سلطة هذه الدول زُعماء يتّبعونها ويحتكمون إليها !!.



   نشر في 21 نونبر 2021  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا