لطالما كان حلم زمردة اثناء طفولتها المتواضعة ان يصبح لديها اصدقاء مقربون، لكن كانت تفشل في بناء علاقات تبقى متينة و متماسكة أمام الزمن، او بالأحرى لم تجد الأشخاص المناسبين للوقوف بجانبها عند المحن او الاشخاص الجديين و الجيديين . لذلك بقيت طوال تلك السنوات وحيدة نوعا ما. لكن الاهم من كل هذا انها الآن في مرحلة هامة جدا تتمنى من خلالها بلوغ عالمها المنشود.
وصلت زمردة إلى الباب الثالث الذي كتب عليه بخط سحري لامع، "الأصدقاء هم نعمة الحياة". لم تفهم المقصود ولم تستوعب المرغوب من هذا الرمز الذي لابد ان تمحي عنه الغموض و تتجاوز به الباب.
بمجرد ان لمست ذلك الباب فتح من تلقاء نفسه، كأن يدا سحرية فتحته لم تذهل ولم تخف من الموقف، بل تقدمت زمردة بثبات تكتشف المكان. الذي بدا كقرية جميلة المنظر زهية الألوان. في حقيقة الامر انتابها شعور جميل و راحة كبيرة لم تشعر بها اثناء الرحلة. وهكذا تقدمت و علامات الذهول من جمال المكان تعتلي ملامحها. كانت قرية بالفعل جميلة عامرة و مليئة بالحياة. الأشجار المثمرة و الأنهار والبحيرات تزين المكان. كانت مثل قرية ضائعة لكنها جنة يرغب كل شخص بالعيش بها في سلام. والغريب ان العديد من الناس يعيشون هنا كأنهم معزلون عن العالم. حياتهم هادئة و كلها حركية كأنها لوحة فنية رسمها محترف ينقل لنا رحلته البعيدة في لوحة مذهلة تكاد تكون واقعية.
وهي في تلك الحالة مستكشفة، متعجبة، سعيدة، متأملة، مبتسة، يقترب منها طفل صغير ببطء يحاول الاقتراب منها للتعرف عليها، لأنه يريد ان يعرف هل هي غريبة عن المنطقة. وبمجرد ان ابتسمت له زمردة حتى انطلق يصرخ نحو ساحة القرية. ينادي بصوت عالي جدا: فتاة غريبة دخلت قريتنا، فتاة.. فتاة!!
وفي ثواني تجمهر الناس في تلك الساحة، حيث وقفت زمردة كزهرة وحيدة صامدة تنتظر ماذا تفعل بها الرياح و العواصف. بعد تلك الضوضاء سكت الجميع و تقدمت فتاة على رأسها تاج، كانت في أبهى صورة، جميلة جدا و الفستان الذي ارتدته جعلها في مقام الأميرة الجوهرة.
والحقيقة ان هذه المدينة تدعى "بالمدينة المنسية" وليست قرية بل هي كبيرة في المساحة و ذات تضاريس مختلفة تسحر العين بجمالها. حصل ان في العصور القديمة، ألقت عليها ساخرة شريرة لعنة سوداء، بأن تبقى منبوذة منسية ولا أحد من العالم يكتشفها. والحال أن زمردة أخترت من بين العديد لإزالة اللعنة بطريقة تجهلها هي و غيرها من اهل هذه المدينة. لم تكن تعلم بكل هذه الحقائق بل ظلت تردد في نفسها وتقول: ترى أي مصيبة وقعت بها!؟ هل حقا هذه نهايتي .. ؟! وفجاة تتكلم الاميرة و تقطع عنها سلسلة الافكار التي هربت بها بعيدا. أخبرتها انها أمانة، وانها في أمن مكان في العالم، ولن يصيبها مكروه، بل هي في ضيافة راقية تليق بها. صدمت من قولها ولكن بمجرد أن رأت الاميرة علامات التعجب، اقتربت منها و قالت بصوت عالي و الضحكة الحلوة تزين ملامحها: لنرحب بصديقتنا الجديدة و لنقم لها مأدبة ضيافة و في ما بعد نقوم بأخذها في جولة إستكشافية لمنطقتنا الساحرة.
هتف الشعب : مرحى مرحى
وهكذا سكنت زمردة، وطردت كل الأفكار الخبيثةو المزعجة لنفسيتها، سارت تتبع خطوات الأميرة و كلها نظرات وتأملات فى المكان.
بمجرد أن دخلت القصر تقدمت إليها فتيات صغيرات يحملن إكليلا من الزهور و تاجا من الورود مرحبين بقدومها.
يتبع ....
-
راضية منصورمختصة بدارسة قانون سنة ثالثة دكتوراه