أكون أو لا أكون أو ...
ما قد تُفكر به في المرة القادمة التي يسألك فيها أحدهم "هل تعتقد بوجود الكائنات الفضائية؟"
نشر في 16 فبراير 2018 وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .
ماذا لو افترضنا على سبيل التجربة والملل بأن تعتبر مسألة إرجاء الأحكام كلها ؟
تمر في كثير من المواقف التي تتطلب خيارًا أو حكمًا ما، استحباباً أو حتى قرارا.
هل الإنسان خير بطبعه أم شرير؟ هل الأخلاق نسبية أو مطلقة؟ هل يوجد إبريق شاي يحوم ما بين الأرض والمريخ أم لا؟
من الفلسفة يُقاسى عبء الوجود ومن الفلسفة يُستطاب منه؛ فهنالك ما قد يُخلصك من مشقة التفلسف والتمنطق ومن ذلك مسألة "إرجاء الأحكام" أو "أبوخيه" (Epoché).
كان الشكاك اليونانيون يستعملون هذا المصطلح دلالة على وقف أو تعليق الحكم على الأمور المادية والمعنوية حيث اعتقدوا في استحالة الوصول للمعرفة اليقينية، فيكون أرجى للإنسان أن يعلق أحكامه كي يريح عقله وفكره. الحياة بذاتها مرهقة كفاية، لمَ علينا أن نكابد وهناً أعظم؟!
يعرّف الشكاك سكتوس امبريكوس هذه الحالة بأنها "حالة سكون عقلي فيها لا تُوجب شيئاً ولا تنفيه، وهي حال من شأنها أن تؤدي إلى راحة البال النفسية والطمأنينة السلبية".
وبالنسبة لهسرل يستخدم هذا المصطلح من منطلق متخلف كتكنيك لفهم الوعي بذاته. فيجدر بالباحث عن المعرفة أن يضع بشكل منهجي ومبدئي كل الاعتقادات المتعارف عليها بل وكل الظواهر من العالم الطبيعي التجريبي بين قوسين. وبهذا التقييد يتم فحص جوهر الأمور بعيداً عن كل مؤثر خارجي؛ أي خارج الوعي أو الأقواس.
وبهذا لا يصل تعليق الحكم إلى إرجاء الأحكام تماماً كما عند الشكوكيين، ولا يصل مرتبة الشك الديكارتي لأن ذلك يفضي إلى استنباط وجود الذات كما يذكر الدكتور عبدالرحمن بدوي.
وهكذا قد يظن جمعٌ من الناس بأن اعتقاداتنا وخياراتنا في الحياة هي ما يُوجد كينونة مستقلة أو فردية لشخصنا. إلى أن الأمر قد يكون خلاف ذلك. تحرر الإنسان من الحاجة لاعتناق معتقدٍ ما قد تمنحه فردية أخرى، حريةً خارج النص لا تُلزمه بأي شيء مطلقاً. بالنهاية وجود أو عدم الكائنات الفضائية لن يُعد لك كوباً من الشاي. أو قد يفعل، من يدري؟
-
الهنوف المقبل .أكتب من فترة لأخرى ما يعن لي من فلسفات حياتية .