صموئيل الشاب الذي وقع في حب مريدث التي تعيش في فيافي سيبيريا، فأشرقت زهور ربيعه فهو حبه الأول ، فكانت امانيه تصب في تمني حبيبته مريدث، ذات التسعة عشر أعوام بشرتها بيضاء ووجوهها وجه مرآة يعكس بياض الثلج في ليلة اكتمل فيها القمر، وعينها ربيع يضم كل أخضر فيستهوي ويسحر كل الناظرين ، جميلة انت يا مريدث هكذا يقول صموئيل ، فقد احبها رغم البعد احبها دون رسميات كيف لا و الحب اعمى لا يعرف حدود، صموئيل لم يرى مريدث ، ولم يتحدث معها قط مرسالات فقط فيما بينهما، يبعث لها رسالة فترد لرسالته، تبعث له صورة ، ويبعث لها صورة ، وكانت قصة تعرفهما هي صدفة من الصدف ، اذ أرسلت مريدث رسالة وفيها صور لها الى ابن خالتها الذي نزل في مقام خالها ، ومما جرى أن غير العنوان وكان اهل صموئيل من استوطنوا ذالك المنزل فحملوا عنوان ابن خالت مريدث فوقعت الرسالة في يد صموئيل، وفتحها فوجد تلك الكتابة والصور التي استحوذت على عقله فاعجب بها، اذ ان اول الحب الاعجاب ، فأخذ يرسلها باسم ابن خالته حتى صرحها في ما بعد فأحب بعضهما، حبا جما وعشقها عشقا صعد من الثرى الى الثرية ، فحمد الرب على هذا الحب الذي يخفف عنه بعض ما أصابه من مرض في قلبه ومرض أمه وتعرض ابيه للإفلاس.

اجتمعت لصموئيل كل نوائب الدهر فلم يجد ملجأ يلجئ اليه ،ولا ركن شديد يأويه، فالمشاكل تصب فوق رأسه صبوب المطر الغزير ، فكلما ات مصيبة اتبعت اختها فكان مريضا في قلبه ،وهذا ما جعله لا يعيش طفولته حرم من كل شيء ،لا يلعب ولا يجري مثل الأطفال منطوي على نفسه في الدار، حتى اصبح منفصما منسلخا عن كل تعامل إنساني ، فأصبح في معزل عن الناس.

ها قد حصل صموئيل الشاب على البكلوريا ، ودخل الجامعة فذهب الى الدراسة في العاصمة فلم يوفق في اختيار التخصص الذي يحبذه لنفسه ، فلم يدرس عامه الأول والثاني فعزل من الجامعة وهنا تعرف على حبيبته مريدث فتحابا ، وشعشع نور الامل في قلبه وذاته ، بعدما اخمدت مذ ثلاث سنوات وكان في ختام كل رسالة يرسلها اليه يقول انت أجمل شيء وقع في حياتي .

كانت مريدث تخفف دائما على حبيبها ،تحبه رغم كل مشاكله ، كانت تبعث له مال بعدما علمت ان أبه تعرض لإفلاس ، فتقول له انا انت وانت انا ،روحي روحك وروحك روحي ، وجد منها خير معين فكانت أمه ابه وكانت كل شيء في الحياة ,

اعطى صموئيل موثقا أمام الله بأن يتوج حبه مريدث بالزواج ، مرت الأيام وحبهما يزداد ،مضت سنوات فاشعل فتيل الحرب في روسيا الزمت الناس بيوتهم ،انقطعت الرسائل اصبح الحديث حول الحرب ومصير البلاد في ظل هذه الحرب ن دامت الحرب أزيد من عامين ، وكان صموئيل محترقا طول هذه المدة تائها منتظرا رسائل مريدث ، يدعو به اه يا ربي لا تحرمني من مريدث ، فكان حظه من هذا الحب قصائد يكتبها ، في الليل ويمزقها في الصباح جن جننه كمجنون ليلى,

اشتدت الحرب وعثو جنود العدو في الأرض فسادا، تسقط مدينة تلوى الأخر، والناس يتروعون و يتولعون كل يوم يشيعون جنازة مدينة كاملة ، وصموئيل ينتظر رسائل حبيبته ،فاصبح مغفلا يخدعه الصبيان يكتبون له كانه كتاب من حبيبته ، فيجزيهم أوفى الجزاء.

وفي ليلة من الليالي الباردة، ودوي قصف المدافع يسمع في ارجاء المدينة ،يتخللها صيحات وبكاء

واهات تسمع في كل مكان وسط كل هذا اتم صموئيل قصيدة ،أوى الى فراشه ينشد تلك القصيدة بصوت كصوت دبيب النحلة امام اترابها فعنونها بالتائه يقول في مطلعها :

تائه أنا تائه

تائه في غابة الحب تائه

لا ضوء بان لي فاتبعه

ولا نجم اضاء فاهتدي به

امشي يا مريدث بحبك

امشي وسمعي وبصري انت

ورود الحب انفتحت يا حبيبتي

ولكن غبتي

فأصبحت تائه

تائه لا أعرف أين أنا

أقريب ام بعيد

أ أعيش ام اموت

تائه ولا أعرف طريقي

لا اعرف مستقبلي

الحرب دمرت قلعتي

دمرت حصني

لا دليل لي

لا صاحب لي

كل شيء بعيد عني

كلما بلغت سهلا وجدت جبلا

كلما نزلت بي مصيبة أتت بأختها

مصائب كالمطر فوق راسي

اثقلت كاهني ووهن العظم مني

كلام الناس يرهقني

انا مغفل يا حبي

احقا هناك من يفهمني بعدك

احقا هناك من يساندني

اهناك مدد لي

لا ادري لا ادري

أ انا زيادة بلا فائدة

زيادة كالبهيمة

زيادة تأكل وتشرب

هذه الحرب حطمت مستقبلي

اه كم انت ظالمة ايتها الحرب

اه انت شيطان اخرص

اه فرقت بيني وبين حبي

حرب وحب اه اه

لو حذفت راءك ايتها الحرب

لسعدت وما سقيت

حرب وحب......

ردد هذه الكلمة حب وحرب ثلاثة مرات فقصف بيته واصبح أشلاء ففاضت روح صموئيل اخذت الحرب حقها منه ، مات واخذ معه حب مريدث كم انت ظالمة ايتها الحرب ،فكم من حبيب قتلت حبيبه وكم من عائلة شردتها متى نعيش بسلام ، رحم الله صموئيل الشاب اذ وصفك بالشيطان الأرخص.