وجدت نفسي حائرة لماذا نضيف كل عام شمعة إلى عُمرنا ؟ ولماذا يُصغر البعض أعمارهم ؟ لماذا نقدس العمر وكأنه من كبر عام ماتت فيه فرصة من فرص النجاح ، لماذا نعيش في مجتمع إن أتم العشرين دون نجاحٍ يُذكر يُحيل حينها حياته إلى جحيم لا يطاق ، أرض سوداء مظلمة ، خراب يباب .
لماذا العشرين ؟
هل مابعد العشرين كهولة وشياب لا شباب ! أم أننا أصبحنا نعيش ونحن نخاف من تقدم العمر وكأن الحياة هي سن الطفولة والمراهقة فحسب ،
لماذا الرعب وكانه ستُخطف اليوم حياتنا لا في الغد !
عزيزي /عزيزتي القارئـ/ة وصولك العشرين هو يعني أنك تحديت عقبة حياة الطفولة التي تُعذر فيها إن أخطأت ، وتعديت مرحلة المراهقة التي يخاف عليك الآخرون أن تزل قدمك فيها ، وأصبحت الآن أكثر نضجاً ، خَمُد طهو عقلك ، أصبحت أكثر كفاءة وقدرة ، مرت بك مواقف وعرقلات شعرت حينها أنك تعيش فيها بعقلٍ أكبر من عقلك ، وعمر يفوق عمرك ، لذا أنت هنا في سن العشرين او فيما بعدها تملك تماما زمام أمورك ، أمامك طريقك، طريق طويلة ، رجاءً لا تقدم على تنظيفها ، لا تقضي وقتك في إبعاد الشوك و المهملات أمضي فقط ، أنظر أمامك لا عليك من حافة الرصيف مهمتك هي أن تصل إلى نهاية تلك الطريق ، أن تُعانق أهدافك ، وتبكي فرحاً، أن تمضي بهدوء وفق خطة منظمة ، لا بعشوائية وهمهمة..
أنت في العشرينات وما عمر العشرين إلا زهوراً تفتحت ، وربيعاً بدأ ينثر اخضره على كل حلم يابس أوشك أن يموت، وكل غصن أمل بدأ ينحني ويميل ، على كل هدف أسقطه الخريف مع ما أسقط على قارعة الطريق.
العشرين هي ربيعا أقبل إلى حياتك ليزورها، وما ذنب الضيف كي يأتيك مبتسماً وتقابله بشحوبٍ و عبوس ؟
لا تبادلني بتعليقك ، لم تشعري بذاك الشعور الذي نشعر به ، أو لم تصلي العشرين بعد لذا لا تعلمين بشئ عن هذا .. الخ...
انا هنا لم أكتب المقال للسخرية ، أو الاستهزاء ، بل كتبته لتلك الأرواح التي يعتصر قلبي عليها لِم تحزن ، لِم تكدر حياتها ، لم لا تشعر وتلتمس كل جميل في حياتها ؟ فسن العشرين يحمل كومةً من الجمال لمن عظم مجيئة ، وشعر بقيمة هذه النعمة فغيره مات قبل أن يصل العشرين ، وجهاً تلألأ وكبر ،عقلاً نضج وأرتقى ، شخصيةً مُهيبة ، ،عينان تلمع بالأمل ، وقلباً لا يرى الوجود إلا جميلا..
لن أتركك تعتصر على حالك ، ولن أترك اليأس والقنوط و الخيبة يداهم عقلك ، انا هنا أتيت أخبرك عن أزمة ، عن مشكلة ، عن حجر كبير وقف أمام طريقك ومنع عنك السير لأنك تؤمن أن النجاح كان يجب أن يكون قبل أن تصل إلى هذا الطريق ..
لكنك كنت مُخطئ ، ارهقت نفسك بجانب ما حملتها إياه الحياة ،انتقدتها ولربما لعنتها لأنك كنت تتمنى النجاح قبل العشرين !
وياليتك ماتمنيت ولا تمنيت ..
يكفيك تمني ، شمر عن ساعديك ،أبدأ ، فأنا هنا أحاول بقدر ما استطيع أن أنظف جراحك ، أُصلِحها ،لا تركك تتأمل فيما أقول ويزداد فوق ألمك ألم ، وفوق جرحك جرح آخر ..
*إياك إياك والتمني،إياك والحلم!
أن تحلم ، ان تتمنى هذا يعني أن تفرد سريرك وتتمدد عليه ، أن تتخيل وتتخيل ثم تنهض لاهثاً وتتمنى لو كان للخيال وجود..
أن تتمنى يعني أن تعيش خلف الستار ، لا تواجه الحياة ، لا ترى الحياة كما يراها الآخرون بل تراها من منظور أحلامك .. فإذا كُشف الستار معلناً عن اتمامك العشرين ، ندبت وبكيت ، صرخت وشكيت تألمت وليتك لا تتألم ، فهذا ليس وقت الألم ، لا تستمع لما يتهافت على أذنيك "أكملت العشرين !! مالذي صنعت؟.. ، لقد هرمت ..، أين نجاحاتك؟ ّ.. الخ"
، هذا وقت إصلاح مافات .. وترميم جراح قلبك التي غرس الآخرون خناجرهم فيه ، وغرست انت ما تبقى..
دعك والعالم وكأنك لا تسمع ما يقال ..
* لا تكتفي ..
لا تستمع لما يقال "أكتفي بالقليل" ..
لا تكتفي من القراءة ، لا تكتفي من العلم ،العمل،الأصدقاء ، العطاء ،الشغف ،الأمل، العمل الدؤوب ،الجد والإجتهاد، السعي نحو أهدافك ، المثابرة ،الإصرار ، الهمه والعزيمة ،الشهائد ..
لا تسمع لمن يقولون اعمل لآخرتك !
نعم ، لماذا الآخرة فقط ؟! ألم يخلقنا الله لنعمر، لنبني، لنتغير ونغير ، ألم يخلقنا الله لكي نعيش لدنيانا ولآخرتنا ؟؟
تعلم ، تزود وتزود ولا تكتفي ، فالعلم وقود الحياة ، كيف ستكمل رحلتك في الحياة أن نفذ وقودك؟
*لا تتثقف.
مهلاً ليست محاججة في هذا وماقد أسلفت وذكرت ، إنما لا تتثقف أن كنت تريد وصول إلى هدفك، لا تتوسع وتتشعب في العلوم والمعارف ، لا تثقل كاهلك بعلوم ومعارف لن تنفعك ..
تثقف في مجال هدفك ،أبدع فيه دع عنك كل مجالٍ غيره ، سلط عينيك عليه اكتفي بهدفك وحسب ، أقرأ ، أبحث ، اكتشف ، أبدع واصنع فقط في مجال هدفك لا تلتفت لأي شئ آخر أقسم انه لن يفيدك شئ ، إن بقيت تتثقف من كل جانب وتريد الوصول إلى هدفك ، ستمر الأيام وتطوى كما سبقها من أيام وأنت تتأمل من خلال زجاج النافذة كل صباح مطلع شمس يوم جديد ، وتتساءل أين شمسي؟ متى تطل عليّ شمس النجاح ! في الحقيقة لن تطل عليك مادمت لا تعرف هدفك كفاية ..(هذا لا يعني دعوة مني للإنعزال عن القراءة ،بل القراءة بشكل مبسط فقط وتسليط الوقت الأكبر على هدفك)ّ..
" الحُلم لا يحتاج إلى ، قراءة ، تعلم ذاتي ، وثقافة كما تظنون ، الحُلم يحتاج عقلاً خاوٍ من المعرفة ، قلباً مليئاً بالشغف ، وجسداً مستعد لأن يبدأ المُغامرة لا أكثر "
هكذا افلتت هذه العبارة من فمي وقد كنت أعاني من شعور سيء للغاية ،حينما قضيت ثلاثة أشهر أقرأ وأقرأ ظناً مني أن من لديه هدف يحتاج إلى علم غزير قبل البدء (هكذا قرأت في إحدى المقالات للأسف! ) ،صحيح استفدت الكثير لكنني صحيت مستيقظة من هول الصدمة بعد أن أكملت إجازتي وبيني بين هدفي ألفين ميل ..
*وداعاً لها ، وداعاً بل ألف وداع .
لم أستفد من قراءتي لها أي شئ ! وكأنها أغنية تطربني بلحنها وبعد أن تكمل أعود أسوأ شعوراً مما كنت ..
لا أنكر أنني بدايتي مع القراءة منذ الصغر إلى جانب القصص كانت هي كتب البحث عن السعادة والتميز وووو ، لا أعلم لِم لكنني أؤمن إن غلاف الكتاب وعنوانه كان يستهويني ليس لأنني افتقد في داخلي هذه الأشياء ، كلا ، بل جهل طفولي لا أكثر .." كيف تكون سعيداً ،كيف تنجح ، كيف تصبح متميزاً... الخ" حتى أنني أقدمت على كتابة مقالات عديدة تكفي لتكون كتاب من جنس هذه الكتب إلا أنني عدت إلى صوابي ذات يوم وأنا أقرأ مقالاً في إحدى المواقع ينتقد هذه الفئة أشد الانتقاد ( أحمد الله على هذا وإلا لكنت من صنف هؤلاء الفئة ، الذين لم أجني منهم اي شئ سوى كذبة الأملُ.. ) ، فهم بائعو النجاح في قوارير كما تعلمون..
*حياة جديدة ، عُمر جديد ..
النسيان لكل ما مضى ، لكل ما قد مر ولا يعود ، النسيان ثم النسيان فهو يكفي لبدء حياة جديدة ،عمر جديد عقلية جديدة لأنك إتقانه فيه من الصعوبة ما يكفي ..
إن حاولت أن تتقن النسيان ، تجاهل الماضي أنت هنا قد وقفت على حافة الطريق وأول المنعطف لبدأ حياة أخرى ، هل أنت قادر ؟؟ هل أنت مستعد ؟ هيّا بأن أنا وأنت لنبدأ ..
أخيراً هنا دعوة مني إليك ، ولكل عشريني ، لكل من يعانون من حالة اكتئاب نتيجة إتمام العشرين ، وكأنها مشكلة لا حل لها إن أتممت العشرين دون نجاحٍ يُذكر ، أقرأ ،تعلم عبر منصات التعليم المفتوح (ربما قد أكتب عنها مقال في المرات القادمة فلا أصدق عدد الفوائد التي جنيتها من وراءها .. ) ، تعلم مهارة ، أبدع ،فكر خارج الصندوق ،اجعل من تلك الكآبة التي تعيشها نقطةً للتغيير، ولا بأس بجدول يومي صعب للغاية إذا كان يحمل في طياته فائدة لك !
عش وكأنك طفل ، أبدا حياتك وكأن الحياة قد ولدتك مرة أخرى .
وكم احب هذه العبارة التي أود مشاركتكم فيها ..
" لنّ يكون عمرك كله ربيعاً ، ستتناوب عليك الفصول الأربعة ، تلفحك حرارة الخيبات ، تتجمد في صقيع الوحدة ، تتساقط أحلامك اليابسة ، لكن حياتك ستزهر مجدداً"
هل لديكم شيئاً رائعاً له صلة بالموضوع؟ (:
-
يسرى الصبيحيياريتَّا.
التعليقات
في الحقيقة لن أتفاجئ إن رأيت شخصًا سيتم العشرين في الصباح، وهو يتفقد شعره في المرآة، ما إذا كان بياض الشيب قد ملأه.
فكل ما في الأمر، أنه وصل مرحلة معينة من النضج، وكتسب شيئًا من الخبرة، من الغرابة أن ترَ شخصًا في مقتبل العمر يقول "آه، لقد صرت عجوزً!"