نعيش الآن في عالم يقدّس العلم و التكنولوجيا , فنجد الأسر في جميع أنحاء العالم تهتم بتعليم أبنائها إيماناً بأهمية العلم في هذا العصر , لكن إذا حوَّلت نظرك تجاه الدول العربية ستجد أن أغلب الأسر في منطقتنا لا تلقي للعلم بالاً لكنها تجهِّز أبناءها منذ صغرهم للزواج فتقوم الأسرة بشراء أدوات المائدة و المطبخ للطفلة منذ نعومة أظافرها و جمع الأموال لشراء شقة للإبن قبل أن يتعلَّم المشي .
إننا نتعامل مع الزواج كأنه الغاية الكبرى التي ينبغي أن يسعى إليها الإنسان طوال عمره , فنجد الشاب يُهلِك نفسه في العمل لمدة تقارب العشر سنوات حتى يستطيع جمع الأموال التي تمكّنه من الزواج و يصبح (راجل ملو هدومه) , بينما الفتاة تهجر مكتبها بعد أن حصلت على شهادة التخرُّج و تولِّي وجهها جهة المطبخ لتتعلَّم أصناف الطعام المختلفة حتى تصبح (ست بيت شاطرة) , ثم ماذا بعد أن يتم الزواج ؟!
يقول أغلب المتزوجون أن فترة الخطوبة و العام الأول من الزواج هي الفترة الجميلة في الزواج ثم يتحوّل الأمر تدريجياً لملل و صمت زوجي و تزداد المشاكل تباعاً , فما السبب في هذا التحوّل ؟!
السبب في ذلك أن الإنسان بطبعه يميل للإسترخاء عندما يحقق غايته , فالمواطن العربي يتعامل مع الزواج أنه نهاية المطاف , لذلك نجد الزوج بعد الزواج قد تخلّى عن رومانسيته فلم يعد يقدِّم لزوجته الهدايا و الورود و لم يعد يرسل لها رسائل رومانسية كما كان يفعل خلال الخطوبة , و يقول لها : ( البيت أولى بأموال الهدايا و الورود ولا وقت لدي لإرسال تلك الرسائل الرومانسية فالعمل يأخذ كل وقتي ) .
و نجد المرأة قد توقَّفت عن إرتداء الملابس الجميلة بعد الزواج و تفوح منها روائح الطعام دائماً , و تقول لزوجها : ( أن يومها يضيع بين العمل و البيت ولا وقت لديها لإرتداء الفساتين أو وضع المكياج ) .
لقد حققا هدفيهما و تزوَّجا بالفعل , فما الحاجة إذا للرومانسية و مثل هذه الأمور الصبيانية !!!
" ليس الزواج مقبرة الحب , فكم من حب جاء ثمرة للزواج " .. مي زيادة
إن التعامل مع الزواج على أنه نهاية المطاف لأمرٌ مؤسفٌ و عامل أساسي في عدم إستمرار الحب بعد الزواج , إن الزواج أمرٌ هامٌ في حياة الإنسان , لكنه مجرد مرحلة من مراحل الحياة مثل المدرسة ثم الجامعة ثم العمل و هكذا و ليس نهاية المطاف كما نعتقد .
كما أن التحجُّج بالإنشغال في أمور البيت و العمل و أنه لا وقت للرومانسية و ( هذا الكلام الفارغ ) هي حجة باطلة , فنحن نجد الأزواج يقضون ساعات طويلة على المقاهي و نجد الزوجات يقضين ساعات طويلة أمام التلفاز , ألا يمكن توفير ساعة واحدة فقط من هذه الساعات يومياً ليجلس الزوجان معاً !!
و خلاصة القول أن الزواج هو تأسيس لمرحلة جديدة تحمل السعادة للجميع , و بناء كيان مترابط يساعد أفراده بعضهم البعض على تحقيق أهدافهم في الحياة .
-
عمرو يسريمهندس مصري يهتم بقراءة التاريخ وسِيَر القدماء. أرى أن تغيير الحاضر، والانطلاق نحو المستقبل يبدأ من فهم الماضي.
التعليقات
كعادتك أخ عمرو ..تقفز لتبهرنا بمقال متميز وذهبي !!
بصراحة انت والتألق واحد.