يقول صديقي...2 - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

يقول صديقي...2

يقول صديقي: كيف أقتل الصراصير وهي لم تؤذني؟

  نشر في 14 يناير 2018 .

لم أتوقع أبدا أن يهديني القدر صديقا مثل هذا الشخص أبدا، ابتليت بصديق عزيز غريب الأطوار من طينة أخرى غير ما تعرفه، صداقتنا متينة لكن جدالنا دائم.

هو لا يعلم أني أنقل جدالاتنا إلى العالم الافتراضي لكن لا بأس، نيتي أن أجد من يقدم لي حلا، وقد أبدعتم في المرة السابقة، نكمل الآن.

يقول صديقي: كيف أقتل الصراصير وهي لم تؤذني؟

زرته بدعوة من والده لوجبة عشاء في ليلة صيف حارة جدا، ولأننا أسر لا نملك مكيفات نضطر أن نفتح النوافذ على مصراعيها لتدخل تلك النسائم اللطيفة المحتشمة. وبسبب ضوء المصابيح تزورنا الحشرات وأكثرها الصراصير، يدخل بعضها عبر النوافذ كطائرات حربية أما جنودها المشاة فيهاجمون من البالوعات ومن بعض ثقوب زوايا الغرف.

ومن الطبيعي آنذاك أن نقوم من مقامنا لنقتل هذه الحشرات المتعدية، لكن صديقي في هذه الليلة سيقوم بأغرب أفعاله قاطبة، قال: ماذا فعلت لكم هذه الحشرات كي تقتلوها؟ ووقف أمام صرصور يمنعني أن اقتله وهو يقول: اذا أردت أن تقتله فاقتلني أولا!!!

للأسف هو لا يمزح أبدا وعندما يقول شيئا فهو يعتقده اعتقادا جازما، بدا لي الأمر جادا وأسرته لم تستطع أن تفعل شيئا فأمه واخوته ذهبوا يتسابقون إلى الغرفة المجاورة ليختبؤوا، أما أبوه فحاول جاهدا أن يساير غباء ابنه لكنه لم يستطع، فانفجر غاضبا وأخذ قارورة مبيد الحشرات وبدأ "يفشفش" عليه وعلى الصراصير وهو يصرخ: "أتظن أني اصبر على غباءك، لقد بلغ السيل الزبى، اذا أردت الموت كحشرة فلتمت".

أسرعت باتجاه الوالد وأخذت منه الفليطوكس قاتل الحشرات، وأردت كما العادة أن أقنع الإبن بطريقة سلمية، فقلت: "ألا ترى أنك تبالغ الآن، كيف لك أن تدافع عن هذه الحشرات المقززة المثيرة للاشمئزاز؟"

فرد علي قائلا: "لا يمكن أن نقتل حشرة لم تؤذنا، نحن لسنا بسفاحين، وان كان والدي يريد أن يصير قاتلا فسأترك منزل مصاصي الدماء هذا وأبحث عن مأوى".

ما هذه المصيبة التي ابتليت بها، عندما سمعت أمه كلامه هذا بدأت تبكي بكاء هستيريا، وأظن أن والده بدأ يفكر رسميا في ايداعه مستشفى للأمراض العقلية، ولكي أمنع ذلك أكملت محاولة الاقناع: "لكن هذه الحشرة مؤذية، إنها مؤذية بشكلها المقزز".

فرد علي قائلا: "أيمكننا قتل الانسان لأنه دميم الخلقة، ما هذه العنصرية المقيتة، هذه الحشرات أنبل منكم بكثير".

في الحقيقة لقد لاحظت أن كلامه يكاد يكون صائبا لكني لا أعلم ردا لأجوبته المنطقية، فقلت له: "أتعلم لما يسمى عندنا بـ"سراق الزيت"؟ لأنه يسرق الزيت ببساطة ودليلي أن معظمهم يكونون بجوار قارروات الزيت أسفل المطبخ".

فرد علي: "هذا هراء محض، أجدادنا تفطنوا إلى أنه لا سبب لقتل هذه الحشرة المسكينة فألصقوا بها هذه التهمة الكاذبة، وأنا انطلاقا من هذه الليلة سأغير هذا".

أخذ والده الهاتف ليرسل إلى جارهم طبيب النباتات الذي تحدثنا عنه سابقا لعله يقدم مهدأ آخر. لكني لا أظن أن حل هذه المشكلة سيكون مجرد مهدئات، فقلت له: "أنت تعيش في هذا البيت وأبوك يدفع مبلغا للكراء شهريا فكيف تسمح لهذه الحشرة أن تقطن بيتك دون أن تدفع درهما واحدا؟"

قلت هذا وأنا واثق بغباء ما تلفظت به، لكنه قال لي: "يا الله، لقد كدت أغضب والدي، كيف لم أتفطن لهذا، شكرا لك صديقي".

يا للهول!!! ما هذا يا هذا؟ كيف لكلام كهذا أن يقنعه...لكن المهم أنه اقتنع نسبيا بخدعة، لكن لن ينطلي عليه هذا دائما...مرت بسلام.

عدنا إلى المائدة، وبدأ صديقي يفترس الرفيسة رفسا رفسا، كأن لم يحدث شيء، وأنا الذي فقدت شهيتي أكتفي بالمشاهدة... لست الوحيد بل الأسرة كلها.

لكن أيمكن أنه فعل هذا ليستفرد بالمائدة، أهناك احتمال لهذا؟ لا أعلم.

قد يكون ما تقرؤونه مثيرا للضحك والسخرية لكن الأمر غير ذلك بالنسبة لي، فهل يمكنكم أن تقترحوا حلا لتغيير طريقة تفكيره؟ أم أنكم توافقونه الرأي فيما يقول؟ أندع الصراصير تعيث فسادا في البيوت؟


  • 1

  • سهيل الدوى
    سهيل الدوى شاب مغربي في 22 من عمره، طالب باحث بكلية العلوم بمدينة فاس تخصص الرياضيات المعمقة وتطبيقاتها، حاصل على ديبلوم الإجازة والماستر في الرياضيات المعمقة، مهتم بالكتابة في المجال العلمي والأدبي والصحفي.
   نشر في 14 يناير 2018 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا