بعد انتهائي من الأطروحة Thesis التي قمت بها مناصفة بين جامعة عبد المالك السعدي UAE (المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بتطوان ENSATE) و معهد اتصالات جنوب باريس Telecom Sud Paris و مناقشتها أواخر هذا الشهر 12/26/2015، أحببت أن  أشارك معكم تجربتي عن كيفية تحضير و كتابة تقرير الأطروحة في ثلاثة أشهر.. أود أن أشير أن هاته المدة كافية لك صديقي الطالب إن كنت قد حضرت سلفا بعض التقارير الكتابية المصغرة أو الورقات العلمية في سنوات البحث كي يسهل تضمين محتواها في التقرير النهائي للدكتوراة.

البحث العلمي

مدة تحضير شهادة الدكتوراة في المغرب و في غالب دول العالم لا تقل عن 3 سنوات، و هي مدة كافية لعمل و تعلم الكثير. العمل يكون بشكل مكثف في السنة الأولى و الثانية، و من الأفضل أن لا تزيد المدة عن ثلاث سنوات، أو أربعة على الأقصى .. لأنك تكون أكثر حماسة في السنة الأولى، و ستبدأ بفقدان الحافز إذا لم تحصل على نتائج مرغوبة مع مرور الوقت. البحث العلمي عملية تتطلب بذل الجهد و الصبر، و هو يعتمد على التفكير النقدي و الفلسفي بعكس العمل كمهندس تطبيقي أو تجريبي .. البحث العلمي يعتمد أساسا على تقديم حلول و أفكار جديدة تقدم إضافة لما تم طرحه مسبقا من طرف المجتمع العلمي ..

المشرف

المشرف و هو ما يعرف أيضا بمدير الأطروحة Thesis Director  هو عنصر فعال في نجاح البحث. قبل بداية تجربة البحث العلمي يجب أن تختار مشرفا محترما مهنيا و له شخصية رائعة إنسانيا، لأنك ستمضي معه معظم الوقت و ستتعلم منه الكثير، أو ستنقلب التجربة إلى معاناة دائمة قد تنتهي لا قدر الله بإنهاء الأطروحة .. شخصيا استفدت كثيرا من الدكاترة الذين قامو بتأطيري و أخص بالذكر الأستاذ الباحث نوفل الريسوني Naoufal Raissouni الذي تعلمت منه الكثير خلال الثلاث سنوات التي أمضيناها سويا في المختبر،و لم يبخل علي بشيء كي أطور من نفسي و أستفيد من خبرته.

عمل و نشر ورقات بحثية

يعتمد البحث العلمي على مبدأ النشر لتقييم و مراجعة صحة ما توصلت إليه، لذا قبل أن تفكر في إنهاء و تقديم أطروحتك عليك أن تنشر ماقمت به في مجلة أو في بعض المؤتمرات Conferences العلمية التي تنظم بين الفينة و الأخرى بشكل وطني أو دولي.. يجب أن تبحث على مجلة في تخصصك و من ثم تبحث كيفية إرسال بحثك لها في موقعها، ستجد كيفية إرسال البحث و كيف تتم مراجعته والهيئة العلمية التي تشرف على ذلك، إذا أكرمك الله بالنشر في مجلة مرموقة فهنيئا لك !

إختيار لغة كتابة الأطروحة

من الأفضل كتابتها باللغة الإنجليزية إن أردت أن يتم الإطلاع عليها بشكل واسع .. توجد أدوات الترجمة التي ستساعدك على ذلك.

تقسيم الفقرات Chapters

لترتيب تسلسل الأطروحة بشكل مقنع و منطقي من الأفضل أن تبدأ بعمل عناوين كل الفقرات و العنواين الصغرى و الكبرى لتحصل في البداية على جدول المحتوى Table of Content .  سيتيح لك  ذلك ترتيب تسلسل عملك عندما تبدأ بإضافة المحتوى كالنصوص، الصور، الجداول، كل فقرة لازم تبدأ بمقدمة صغيرة تمهيدية و تنتهي بخاتمة لما تم عرضه و تمهد للفقرة القادمة !

الفقرة الأولى: فكرة الأطروحة

هذه الفقرة تقدم فيها مدخل عام لاطروحتك و الدوافع العلمية التي جعلت فريق البحث يختار الموضوع و الفكرة، مثلا لحل مشكلة ما أو لتحسين نتيجة علمية.. يجب أن تكون فكرة الأطروحة بسيطة و قابلة للفهم و إلا لن يتسنى للقارئ إتمام متابعة البحث..

الفقرة الثانية: كيف سبق أن تم تناول الموضوع من المجتمع العلمي ؟

تقدم في هذه الفقرة عودة إلى الوراء لمناقشة جميع البحوث التي أجريت بهذا الصدد منذ البداية، بحسب المجال المدروس قد تحتاج لذكر بحوث 100 سنة، 50 أو 10 سنوات إذا كانت فكرة البحث جديدة.. تدعم جميع الأفكار بمراجع من الورقات التي نشرت في المجلات العلمية أو بمراجع من مختلف الكتب و الأبحاث التي أجريت.

بالنسبة لموضوع أطروحتي فقد احتجت للرجوع لسنوات الستينات حين تم التفكير بإطلاق ال GPS أول نظام لتحديد المواقع. و من ثم تبدأ بذكر التطور العلمي الذي حصل مع مرور السنوات و المتعلق بموضوعك المناقش، لكي لا تتشعب كثيرا.

الفقرة الثالثة و الرابعة: تقديم النتائج

أهم فقرتين في البحث هما اللتان ستعرض فيهما النتائج التي توصلت إليها خلال البحوث التي أجريتها مع فريق المختبر و المشرف.. محتوى الفقرتين هو تماما ما نشرته في ورقتين، مثلا تنشر ورقة في مؤتمر علمي و ورقة في إحدى المجلات العلمية إذا تمكنت من ذلك طبعا.. الورقات العلمية المرسلة للمؤتمرات لها إمكانية نشر أكبر بكثير من المجلات العلمية، كون النشر في هاته الأخيرة ليس بالأمر السهل لأن ورقتك ستخضع لتدقيق و مراجعة كبيرة شكلا و مضمونا قبل قبول النشر في مجلات مرموقة لها معامل تأثير محترم Impact Factor ك IEEE ،Elsevier .... على كل حتى و لو لم تنشر ورقتك، فإن محتواها من الأفضل استعماله في تقرير أطروحتك !

في فقرة النتائج يجب أن تذكر كل ما قمت به خلال بحثك، التجارب التي أجريتها، الأدوات و البرامج المستعملة، ما الذي قمت بتطويره علميا مقارنة مع النتائج و الحلول الموجودة.. تستعمل من أجل ذلك جداول Tables أو صورا Figures لتوضح القيمة المضافة عبر البيانات أو النسب.

الخاتمة و التطوير المستقبلي للفكرة

تلخص هاته الفقرة ما ذكرته في جميع الفقرات، القيمة العلمية المضافة لهذا البحث، ما أنتجته و تعلمته و كيف ترى إمكانية التخصص و الاستمرار في المستقبل للحصول على نتائج أخرى و تحسينها..

المراجع

أهم ما يميز البحث الناجح هو تنظيم المراجع العلمية من حيث الموضوع، المضمون، مجال النشر، الباحثين، التسلسل الزمني.. خلال تحضير شهادة الدكتورا يحتاج الباحث لمراجع علمية سواء كانت كتبا، ورقات بحثية لمجلات أو مؤتمرات، مواقع، أدوات ... تنظيم المراجع يبدأ منذ اليوم الأول، لذلك فأنت محتاج لبرنامج جيد لحفظ و تسيير  المراجع References Manager.

أنصح باستعمال  برنامج مندلي Mendeley فهو مجاني سيوفر لك كل ما تحتاجه. أفضل خاصية يتميز بها هي الحفظ على الكلاود لجميع مراجعك، هذا يعني أنه بإمكانك استرجاعها بضغطة زر من كل جهاز. يوفر لك إضافات تمكنه من الاتصال ببرنامج الكتابة Word لإضافة المراجع وسط النص.. استعمال برنامج لإدارة المراجع سيسهل عليك كتابة الورقات و الأطروحة بشكل كبير..

ستعاني بشكل كبير أن لم تستعمل برنامجا لذلك!

المرفقات - Appendix

جميع الأدوات التي استعملتها و التجارب التي قمت بها و النتائج التي لم تذكرها في الفقرات السابقة ..

ملخص الأطروحة

الملخص هو آخر شيء تكتبه في التقرير قبل إنهائه لأنه سيتضمن تلخيصا لكل ماقمت به في صفحة واحدة !

ختاما أتمنى التوفيق و السداد لكافة الطلبة الباحثين .