المقال الأول: بتاريخ:13/11/2020

أول حكمة تعلمتها:

عندما شققت الطريق الأول بمفردي، وجدت لوحاً كبيراً مدون عليه:

الناس تبحث عن الأوراق الممتلئة، أليس كذلك؟

إلا أنت، أريد منك شيئاً، إبحث عن تلك الورقة الفارغة، وشق الطرق في البحث عنها، فإذا وجدتها فاكتب بها الطريق الذي قطعته للوصول إليها.

أرأيت إن كتبت على سطور ممتلئة، ماذا يحدث؟

ستصبح كلها بلا قيمة، لأن الكلام فيها لم يعد مفهوماً… سواء ما كان مكتوباً أو ما كتبته فوقه

لا أحد غيرك يستطيع فعل هذا، فنحن نعتمد عليك، إذا قرأت مكتوبنا هذا فقد قطعت شوطاً في البحث فإياك إياك أن تجلس في الطريق، أكمل حتى تصل أو تموت دونه…

فإذا وافتك المنية في الطريق فاكتب وصيتك على لوح كهذا، يقرأه من وصل إلى ما وصلت إليه

فلا أحد يستحق أن يقرأ مدوناتك إلا من كان مثلك

فلا تكتب ألواحك وتنشرها بين الناس

بل دعها أثراً ومعلماً لمن يأتي بعدك باحثاً عن الطريق…

أحمل هذه اللوحة على ظهرك وسر بها

فإذا أرهقك حملها، فاكتب مثلها واحمل اللوحين، وكلما ثقل عليك أكتب لوحاً آخر وأحمله معك

إذا مت في الطريق فوريثك قادم لا محالة فلا تقلق ولا تيأس من الوصول وإن لم تصل…

معلمك مات هنا فأكمل ما قطعه… وهذا لوحه بين يدك فافده بروحك، كما سيفدا لوحك بالأرواح بعد رحيلك…

وتلك وصيتي.

لم تكن هذه الوصية من أحد المعلمين الذين درست على يدهم.

ولم تكن أيضاً من كتاب افتتحت به طريقي.

ولم تكن نصيحة صديق مقرب مني.

ولا مناماً مبشراً لي في بادئ رحلتي.

إنها خلاف كل هذا…

إنها كلمات وحروف علمتني الحياة وصعوبة الوصول للهدف أن أكتبها بقلبي، من دون حروف

وبعد سنين مضت على هذا، استطعت أن أسطر هذه الكلمات أو هذه المعاني، ولكن قد لا تعلم ما هو مفهومها تماماً إلا إذا  وصلت إلى ما وصلت إليه الآن، وكما كتبت لكم في الوصية.

ألخص لكم مما سبق: في كل كتاب ورقة فارغة، وعليك أن تملأها، تبعاً لأخواتها.

ولن تجد شرحاً لهذا الكلام، فنحن لا نشرحه إلا لمن طلبه بصدق كما طلبناه، فسل عمن درى واطلب منه أن يفهمك فإذا وجدك أهلاً أفهمك، وإن لم يجدك أبقاك حتى علمك.