إعتراف عاهرة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

إعتراف عاهرة

قصة قصيرة

  نشر في 07 أبريل 2016  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

كانت جالسة في الظلام الدامس وطاوية قدميها ومطوقتهما بيديها المتشابكة

شق الظلام ضوء القادم من الباب ولكنها لم تعبء فما تفكر فيه ويجول بداخلها

جعلها لم تنتبه للقادم حتى دنى منها وطبع على خدها قبلة جعلها تلتفت إليه وعينيها الخضروتين مليئتان بالدموع

"ما بكِ حبيبتي؟ لما البكاء؟ أخبريني ؟!! " قالها والقلق يسيطر عليه بعد أن أختفت الإبتسامة التي تلازمه عندما يراها فهي بنسبة له الجوهرة الثمينة التي حظى بها دون عن ناظريه فلا يستطيع أن يراها تبكي فبكائها شقاء وحزنها عذاب وإبتسامتها هي هدفه في الحياة

"أريد أن أعترف لك بشئ أحتفظت به كثيرا حال بين قلبي والسعادة التي تمنحني إياها وكلما زاد عطائك بحبك وحنانك وسعادتك كلما ضاق علي الخناق ولا أستطيع أن اتحمل فعلي أن اصارحك وإن كلف ذلك أن ألقى بالسجن فحينها سيكون سجن الضمير أبرح بكثير مما أنا فيه "

"كلي أذن صاغيه" قالها وخاطره في شتات بين التوقعات التي يطرحها في نفسه

"أنا ليست كما تظن الفتاه صاحبة الخلق الرفيع والحياء الشديد

أنا كنت من البغايا كنت أسوء بكثير مما تظن كنت اتجرع جميع أنواع الخمور

و كنت الوك لتبغ لكا وأصاحب هذا نهارا واصاحب واسهر مع صديقه ليلا

كنت لا أهتم بما يقوله الناس وبما يتلسن به الجيران "

أخذت الصعداء وأكملت "حتي جاء وقت علي وكرهت نفسي والدنيا ومن عليها وقررت أن أبتعد نهائيا بعد أن فكرت في الانتحار أكثر من مرة وكنت اتراجع وقت التنفيذ فيئست من المحاولات راقت لي الوحدة في مكان أخر غير ذلك المكان الذي تذكرني ملامحه بما أكره ورحلت نهائيا رحلت وتركت كل شئ حتى ذكرياتي دفنتها وقررت العيش دون أحد أقتربت في هذا الوقت إلي الله مستسلمة ذليلة خاضعة أتوسل إليه حتى يرض عني "

"فأحرقت كل ملابسي التي أشتريتها بعد أنتقالي إلى المكان الجديد بملابس أخري فضفاضة ومكثت في المنزل حتى ضاقت بي الحياة ونفذت الأموال التي أعطتها لي جارة كريمة ذات خلق حسن بعد أن شاء القدر أن أحظي بها وأقتراب منها فقررت أن أبحث عن عمل أجني منه مايكفيني ويكفي أجر مسكني وحينها رأيتك وبعد فترة ظهر فيها أحترامك ورقي أخلاقك وإحسانك لكل من كانوا في العمل معنا ولي أيضا دون أن تعرف عني شيئا أحببتك وهذا ما كان في يدي وأكتفيت بذلك وحاولت أن اخفيه عنك فكيف أطمع في حب وحياة لا أستحقها كيف أقترب من ملاك وأنا شيطانه كيف أقترب من نجم وانا بذرة فاسدة في بطن الأرض فكتفيت بنظر إليك فقط فهذا فضل كثير علي

وحين أعترفت لي بحبك قررت ان ابتعد وكنت اتحجج بأشياء حتي تمل مني وتيأس ولكن لم تفعل ذلك فحبك صادق مثلك وأنا طمعت وجشعت ووافقت

وكنت أظن إن باب السعادة فتح لي ولكن كان الضيق يزداد وذكرياتي القديمة بدت حاضرة فكل يوم أحبك أكثر يضيق علي ويشتد العذاب "

انتهت من كلامها وسكون أضحى سيد الموقف

لم يتحدث بل ترك المكان دون أن يفتح فاه وأغلق خلفه الباب قاصد المكان الذي ينئى به بنفسه وظل ساعات هادئ من الخارج وثائر غاضب مشتت في الصراع بين عقله وقلبه هل يعفو عنها ويسامحها أم يتطردها شر طردة ويلفظها من حياته ولكن كيف يلفظها وهي تسكن كل خليه من خلايا جسده

****************

مر يوم والأخر وهي تنظره وقلقها يزيد ولا تجد وسيلة تطمئن عليه بها فهو ترك كل شئ وهو خارج حتى جاء اليوم الثالث وهي تتطلع إلي الأخبار

صور له وبجانبها خبر العثور على جثة


بعد أن رأت الخبر وفاته في الجريدة وهي لم تتمالك نفسها فكانت تحدث معه وكأنه موجود أمامها لماذا حكمت على نفسك بالموت ؟ من أجلي؟ كان لابد علي أن أعترف لك ...نعم كنت أظن إنك ستسامحني ولكني بغبائي لم أدرك إن هذا الأعتراف سينهي حياتك وحياتي معك هكذا ؟ وهل هذا بلاء منك ياربي على ما فعلت من قبل ؟ ألم أعترف لك بذنبي ورجوت منك تقبل توبتي ؟

فهذا عقابي لأني توبت أم اختبار لصدق توبتي ؟

لم ينقطع سيل الدموع من عينيها ولم تصمت بل ظلت تناجي ربها حين وتتحدث إلى حبيبها في الصورة حين أخر ولا تدرى هل مسها الجنون أم هذا من هول الصدمة حتي غالبها النوم فنامت في مكانها

**************************

بمرور السنين وبعد أن قررت أن تجعل حياتها لنفسها حتى لا تحمل ذنب لأحد أخر _كما تظن_ أهلكت نفسها في العمل وكان ما يميزها عن غيرها صمودها وعزيمتها وحبها لعملها الذي نقلها من موظفه إلى صاحبه شركه في الاستيراد والتصدير فخبرتها في التعامل مع الناس أكسبها خبره أهلتها لذلك العمل المرموق

كما إنها لم تكن تغفل الجانب الانساني في حياتها فقامت بإنشاء ملجاء لا يقتصر على أطفال الشوارع بل وأيضا لفتيات وكانت ترعهن بين حين والحين وأختارت لهن أكفء الموظفين ليقوموا على رعايتهن رعاية كاملة حتي لا تكون نهايتهم في بيت من تلك البيوت التي تنهك أجسادهم مقابل لقمة عيش

ولم تتناسى أيضا كبار السن فكانت تخصص جزء من المال ليذهب لدار المسنين

*****************************

من بضع سنين وبعد أن انتقل من عمل لعمل حتي يصل لمبلغ ليس ليجد لنفسه مسكن بل ليقوم بعمليه تغيير ملامحه تماما فقد ذهب لطبيب متخصص في تلك العمليات وأبلغه الطبيب إن هذا النوع من العمليات مكلف فتركه وظل يعمل حتي يحصل على المبلغ المطلوب فهو أمسى لا يطيق النظر إلى نفسه في المرآه فبمجرد وقوفه أمام المرآه تظهر هي امامه وتعود لحظة الاعتراف مرة أخرى ويموت حزنا مرات

ذهب لطبيب وهو يحمل المال المتفق عليه ليقوم الطبيب بدوره في إجراء العمليه بعد الإنتهاء من بعد الاجراءات القانونية الهامة وبعد أسبوع من اتمامها وجاءت اللحظة التي ينتظرها بفارغ الصبر نعم لقد تغيرت ملامحه تماما وحان وقت تغير هويته فهو يريد ان ينهي حياته الاولى بالكامل ولكن هذا سيجعله يحتاج لتغير عقله أيضا يظن أن بهذه التغيرات في ملامحه واسمه سيمحيها من ذكرياته ولكن من قال إنه يريد هذا نكمل لعله يخبرنا ما في سريرته

************************

كل يوم ونجمها يعلوا في السماء فاليوم لقاء تليفزيوني وغدا مؤتمر صحفي وبعد غدا ندوة في أحدي الدول فحياتها أصبحت للعمل واثناء سفرها لتركيا لانهاء بعض الاعمال

-إلى متى سيأخذني العمل من نفسى هكذا وإن لم يشغلني سيشغلني الماضي لا لا فالعمل أرحم بكثير وفي حين خروجها من ذلك الحوار الذي يتكرر كثيرا وينتهي بنفس النتيجة لمحت شخص تبدو عليه الوسامة والاناقه فكان الشعر الابيض المختلط بشعره الاسود يجعل له وقار ولحيته القصيره المشذبه وصفاء بياض عينه كل هذا جعلها تتسأل لماذا شخص كهذا ينظر لي هكذا

لم يدوم النظر طويلا ولكن تلك اللحظات جعلتها ترتاب منه برغم من مظهره الذي يوحي بطمئنينه والسكون شئ ما بداخلها لم يطمئن له

**************************

يتمتع بكثير من الدهاء رغم طيبته وشكله الجديد أضاف إليه رونق وعزة وقوة شخصيه بجانب طلاقته في التحدث بعد أن تدرب كثيرا في كثير من الدورات التي شكلت منه شخصيه أخرى فهو أصبح مختلف شكلاً ومضمونا

وخدمه خبراته السابقه في العمل على ثقه المديرين به بل وجعلته مرغوب فيه بسبب مهاراته فهو أصبح يعمل مندوب لكبرى شركات الأستيراد والتصدير

واليوم عنده مؤتمر في تركيا سيحضره كثير من رجال الاعمال من الدول العربيه وبعض دول اوروبا

جلس في المكان المخصص له في الطائرة وتصفح الجريده الموجوده أمامه فكانت لجريدة خبر مسبق عن ذلك المؤتمر مما جعله ينجذب للخبر ويقراءة

لم يكمل الخبر وبدا يبحث حوله كانه مفتقد شئ وإذ بها يجدها جالسه بقرب منه فنظر إليها قليلا وعندما لاحظت عاد بظهره للوراء واسند رأسه للخلف وأبتسم بتسامه يخفي وراءها الكثير

***********************************

انتهي المؤتمر التي كانت هي عضو أساسي فيه وكان هو وافدا فيه وخرج من باب قاعة المؤتمرات وهي تحاول ان تلاحقه بعد أن أدهشها كلمته التى القاها ولاقى التصفيق الحار من الحاضرين بجانب ما تحمله من ريب ناجيته ولكن لم يكترث عقلها لتلك الهواجس بل رأت فيه مكسب كبير لشركتها

عرضت عليه العمل عندها ولكنه فضل أن يأجل التفكير في ذلك لحين الرجوع إلى مصر تبادل معها رقم الهاتف المحمول

*******************************

عادت إلى مصر وهي لا يشغلها إلا هذا الشخص وكيف ستجعله يوافق على العمل معها فهو حقا سيكون مكسب كبير لشركتها ولكن لم تتصل به

حفاظا على مكانتها وحتى لا تهتز صورتها امامه وحتى لا يظن هو شئ أخر

عدت أيام ولم تصل وهي تمنع نفسها بقوة حتى هاتفها وطلبها في عشاء عمل في إحدي الكافيهات

************************

كان ينتظرها وهي لم تتأخر فقد جاءت في الموعد المحدد ظل يحدثها عن عمله وهي ايضا ولم تتفاجئ بأنه يعلم عنها الكثير من أخبارها فهي معروفه والجرائد لا تخلوا من أخبارها وهي تعلم إن الجرائد لا عمل لها إلا تتبع من بمثلها وفي نهايه العشاء نجخت في جلبه إلى العمل معها بأجر عالي وامتيازات كثيره

ذلك العمل جعلها تقترب منه كثير بل أستطاع أن يوقعها في حبه للمرة الثانية

****************************

لم تحضر لشركة كالعادة بل جلست في بيتها عدة ايام تفكر

هل أخبره بما اخفيه ام أبتعد عنه

ولكن بماذا أخبره هل أخبره بأني كنت في الماضي متزوجة وانتحر زوجي بعد أن أخبرته بحقيقتي ام أصمت ولا أعيد نفس الخطأ أم أخبره وقد أفقد كل ما بنيته طول تلك السنين من الشقاء والجد والتعب وقد يجعل هو من هذا الاعتراف عضا تهديد ويجبرني على أشياء لا أريدها

ولكنني أحبه بصدق واظنه كذلك فهو صادق وأمين لم يشوبه شائبه وسمعته تسبقه في كل مكان

نعم سأخبره وأرتاح من ذلك العناء وإن كان يحبني سيسامحني وإن كان لا يحبني فلعله يحترمني وهو لن يستغلني لانه ليس كغيره فهو لا يحب تلك الحيل الشيطانية

*************************************

-أريد أن أتحدث معك على إنفراد

في الشركة

-لا في مكان هادئ بعيد عن الشركة

ذهبت في المكان المتفق عليه لتجده ينتظرها كما تعودت منه دائما

بادرها بابتسامة جعلتها تطمئن وتتشجع على البوح بما تخفيه

بعد أن قصت له حياتها من مولدها لتلك اللحظة التي تقف فيها بين يديه

أحتضنها وشعرت بدفئ كانت مفتقداه رغم أنه ارحها ولكنه أخافها وذكرها بشئ ما في لم يفارقها تلك السنين

إلى ان أتاها رده قائلا كنت أعلم

جعلها تتراجع إلى الخف وتشخصته بعينها وكأن كلمته افقدتها قدرتها عن النطق للحظات حتي تمالكت نفسها قائله من تكون أخبرني عن نفسك

حكى لها من بعد ما تركها وظل كثيرا يفكر حتى شارف على الانتحار إلا إن اتته فكره أنقذته من الانتحار وذهب لصديقه وهو صحفي في جريدة وطلب منه ان يكتب خبر كاذب بموته ولكنه لما رفض أشترى مساحة أعلانيه وكتب هو ما يريده مع صورة مفبركة حتي يقنعها انه مات ويرى ماذا ستفعل نعم انه تكلف في الاختفاء وفعل الكثير يخفي حقيقته ولكنه لم يكن يسمح لنفسه ان ينخدع مرة أخرى وظل يقترب منها بشخصيه مختلفه حتي يراقبها وكم كان يعجبة ما وصلت له وكان ينتظر تلك اللحظة ذاتها حتي يرى هل ستكرر ذلك الخطأ ام ستتعلم ولكنها نجحت فيه

ضمها بين يديه معلنه إستسلامها فهي لم تجد ما تكذبه به فهذا اخبرها بأشياء لا يعلمها إلا هو فقد عادت روحها إليها مرة أخرى


  • 1

  • أسامة
    ادرس الحقوق وأحب الأدب وعلم النفس والفلسفة.
   نشر في 07 أبريل 2016  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات

خديجة منذ 8 سنة
هل كان ضروريا أن يتخلّى عن وجه وُلد و ترعرع به ..ليختبر صدق توبتها؟؟ ألم يكن يكفي أن يبتعد و يفارق و يُراقب من بعبد حتّى يتأكّد من ذلك ..ثُمّ يعود ليبدءا من جديد؟ بعيدا عن أعين من لا يرحم ..؟
1
أسامة
لو دققنا النظر أكثر لوجدنا إن نيته تغيرت على مدار الأحداث فهو في بدايه اتخاذه قرار التغيير هو نسيانها ولكن رغم كل التغيير الذي أحدثه فشل في أن يزيلها من خاطره وحين تأكد هو من عمق الحب بينهما وفعل ما فعله .
لفته جيدة من حضرتك ..
خديجة
صديقي العزيز..إذا أردنا نسيان شخص تمنّينا أن نغيّر في ملامحه هو لا نحن..لأنّنا نريد أن ننسى الوجه الذي عشقنا لا أن ننسى وجوهنا..أليس كذلك؟ ما أعجبني هو هذه الأرواح العاشقة التي لا ترتاح إلاّ في القرب..

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا