يتمحور معظم الجدل اليوم في الساحة الفلسطينيّة حول مشروع المصالحة الوطنيّة، حيثُ تواصل حركتا فتح وحماس محادثات المصالحة على أمل إيجاد صيغة عمل مشتركة ترضي الطّرفين وتقطع مع صراعات الماضي ونزاعات الحاضر.
لم يكن من المتوقّع في تلك الفترة أن تُعلن دولة الاحتلال إسرائيل عن مشروع الضمّ، ورغم أنّ أغلب المؤشرات الواقعيّة آنذاك كانت تؤكّد أنّ الحكومة الإسرائيلية لم تكن جادّةً وعازمة على المضيّ في هذا المشروع، إلّا أنّ السلطة الفلسطينية برام الله وعلى رأسها محمود عبّاس، قد أعلنت قطع علاقاتها مع دولة الاحتلال بشكل تامّ وفوريّ.
استدعى الوضع الجديد في السّاحة الفلسطينيّة إلى تباحث صيغة سياسيّة جديدة، انتهت بإعلان حركتيْ فتح وحماس انطلاق مسار من المفاوضات الوطنية، من أجل إيجاد حلول للتحديات السياسيّة المستجدّة. الآن، اتّفق الطّرفان على إجراء انتخابات فلسطينيّة في آجال لا تتجاوز ستّة أشهر من تاريخ الاتّفاق، وهو ما اعتبره الكثير نُقلة نوعيّة في طبيعة العلاقات بين الحركتيْن، لأنّ الانتخابات لن تكون جزئيّة في الضفة الغربية أو في غزّة، بل ستكون عامّة وجامعة.
من ناحية أخرى، تُشير مصادر إخبارية في قطاع غزّة أنّ بعض الفصائل الفلسطينية على غرار الجبهة الشعبية والجبهة الديموقراطيّة غاضبة من احتكار فتح وحماس لمسار المفاوضات، دون تشريك باقي الفصائل فيها بالشكل اللازم واللائق. وقد أكّدت بعض قيادات هذه الفصائل أنّ استمرار محادثات المصالحة بصيغتها الحاليّة قد يعمّق الانقسام الساحة الفلسطينية بدل تقليصه.
تبقى المعادلة السياسيّة في فلسطين معقّدة وتستوجب الكثير من الحذر أثناء التعامل معها. للساحة الفلسطينية اليوم فرصة تقريب وجهات النظر وتصحيح المسار الوطني، لذلك من الضروري على الفاعلين السياسيّين اليوم أن يدركوا حجم التحديات المطروحة ويركّزوا على المصلحة الوطنيّة العامّة.