حلم بوهالي عاطل... - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

حلم بوهالي عاطل...

خاطرة أدبية

  نشر في 20 مارس 2015 .

 حلم بوهالي عاطل...

غيرت سير سهوي، اختلطت علي وقع الخطوات، عانيت كثيرا من أجل الهبوط إلى الأعماق دونما التفات، منعرجات كثيرة في ذاكرتي المترامية الأطراف. لم أستطيع، أن أتذكر وجه آلهة الزمن. كل انجدافي إلى الخلف هو احتراق للذاكرة والكلام. أغمضت بصري، أحسست بانتفاخ كبير في رأسي. بعدما دخنت من التبغ كومة، تكفي لتكون علفا لبغل جائع، أو لحلوف تائه... أردت أن أنهض، فنسيت كيف يقوم بوهالي مثلي، هل يقوم ثم يفكر... أم لا بد أن يفكر ثم يقوم... ثم قررت أن أفتح قارورة من المـُدام... لكبح جماح شلال أفكاري الهادرة، المنكسرة على صخرة الخاطر المهترئ...

عرق يتصبب ويتطاير، ومنه خرجت أبخرة حارة. غزت المكان بروائح ماهية، وأنا في جديد الحياة... طقوسها حيرة ربانية... فصرت مثل ثور جامح مـُطـَيـْكـِكٍٍ لم تعد تكفيه الأرض...

حفرت المحن أخدودا على القلب المغشي والمنغمس في وديان الدماء... مع ذالك يواصل نبضاته على ميزان طبيعي... تحت أعين وصاية عقل جاحد... أحسست بنفس لا حدود لها، أرخت الرسن والكرن وكل الحبال... تنفست تنهيدة مهمومة مكدورة... تمدد الفكر من جديد على قاعدة بياض الاحلام والبداهة والخطاب الذي أتواصل به يوميا... أنا الذي أخصبت جبال ايمنتانوت بنار الشوق... كل اللحظات هي حطب الحكايات المفتقدة وإلهام للبحث عن الكلام الأول... الذي سرقه سهوي مني، وحصّـنه من الضجيج المنبعث في قذارة واقع مكر الأهل قبل الأصدقاء وتكالب مجتمع عاق، على مرمى من سخرية القدر المحكوم بشهادة ملائكتي... وتواطئ شياطيني... ثم فـُهتُ: لي شاف شي يكول الله يستر... جملة منزوعة من فمي عن مضض وخذلان، أمام مرآة، أكلم نفسي الأمارة بالنسيان...

ثملت بكلماتي وببياضها القاهر... نهضت فاقدا توازني شامتا في ثلاثيب الجمل... فسقطت الكلمات وخدشتني بأظافرها... نهرتني رغم فراغ الشارع من النور... سألت نفسي: من سيحسم في هذا الظلام؟... نزعت نظارتي فقررت إرسالها عبر البريد إلى جحيم الجهل المستشري... خاشعا في عبادة ملكوت الصمت...

تذكرت طفولة أختصرها في روت البقر وثغاء الماعز ورحيق التراب... كشفتُ لنفسي عن متمنياتي الشفوية الغامرة بحلم طفولي، مثل رحم جبلي، حلم نرجسي فادح... حلم طفولي يحاصرني بقوة فيتداعى مثل أشواق كثيرة، خرساء، تداعت في نواح أمام أعيني قبل أن ألتقي بوطني الجاحد...

قِصر قامتي، شعري المنسدل، ثم نظراتي الصامتة التي تزاوج بين البطء والحقد الحاد... تشتعل بي في درب الطفولة أمام أقراني، لهذا اخترت حمل السكين، على الدوام حتى لا يفاجئني الشعاع الغريق... فالألم يفتح في الدم نوافذ لتتشعب... تمتلئ عيني بدمع سريع الرقرقة والتدفق والإلتماع... فيتقدم ألم الولع إلى حدود التوهج...

بجلبابي، طربوشي الأحمر، حيرتي المثقوبة كحذاء متسول مشاء. تفكيري الدائم والمدهش في رحلات لا أعرف كل مواثيقها، فأحترمها كأنها عهود مورثة بشرف هذا الوطن الماجن... جاحد أنا... لأن الوطن أعطاني أبناء دون تعب وامرأة ضخمة تجابي جوعي بحجم بلد...

ثرثرة دائمة في مصائر الزمن والكائنات. حياة الناس تتشابه، ومآسيهم لها بداية ونهاية واحدة، تتغير في التفاصيل، وبعض الأسباب التي تزيد أو تنقص... مصير مشدود بين قطبي المجهول والألم... كل قطب سيأخذ تحت إبطه جزءا من مصيري، راضين بالمفاوضة الفاضحة... حالمين بمستقبل وردي قبل أن يستطيب القبر...

سعيد تيركيت

الخميسات 20 / 03 / 2015 


  • 1

   نشر في 20 مارس 2015 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا