أحكام صيام رمضان وآدابه - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

أحكام صيام رمضان وآدابه

  نشر في 01 يوليوز 2014 .

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحابته أجمعين.

أما بعد: فإننا نحمد الله تعالى حمداً يليق بجلاله وكبريائه، وعظمته التي لا تطيقها العقول، أن بلَّغنا رمضان، ونسأله تعالى أن يجعلنا من عتقاء النار، كما نسأله أن يوفقنا لصيامه وقيامه، على علم وبينة منه تعالى، لأنه تعالى يُعبَد بالعلم ولا يُعبد بالجهل، وعبادة الجاهل مهما قام أريقت له، ولا يحل لامرئ أن يُقدِم على أمر حتى يعلمَ حكم الله فيه، وباب العبادة مسدود حتى يفتحه الله أو: رسوله، والأصل في العبادة التوقف والبطلان حتى يرد الدليل.

وصيام رمضان يحتاج إلى علم ومعرفة حتى يمكن أداؤه والقيامُ به على الوجه المطلوب شرعاً، وركن الصيام والقيام به أساء الناسُ استعمالَه، فبعضهم يجتهد فيه بالتجارة، وآخر يجتهد فيه بإعداد أنواع المأكولات، وآخر يجعل رمضان للسهر والأغاني والأفلام والمسلسلات الماجنة، والمسرحيات الهابطة، وآخر يجعل رمضان وقتاً مناسباً للتسول، وآخر يجعل رمضان وقتاً للشجار والسباب، وآخر يجعله لتلاوة القرآن والصيام والقيام والجود والكرم، والناس أصناف وأجناس في رمضان، لذا أحببنا أن نذكر في هذه العجالة أحكاماً تتعلق بالصيام مجردة عن الدليل، لأن المساحة التي أعطيت لي لا تسمح لي بذكر الدليل، والخلاف الفقهي، أضف إلى ذلك ضعف همم كثير من الناس لا يفتحون المصحف بلْهَ الكتب الفقهية، ولكنني مع ذلك اخترت الراجح من أقوال الفقهاء، وما يتوافق مع الدليل والتيسير، وبالله أستعين فأقول:

1-ما حكم استعمال بخاخات الجوف والأنف أو: قطرات الأنف مع العلم أنه قد يصل شيئاً منه للحلق؟ أجاب شيخنا ابن باز قائلاً: (بخاخ الجوف وبخاخ الأنف طريقهما واحد، إذا كان مجرد هواء يحصل به تفريج كربة فليس بطعام ولا شراب، إذ المقصود منهما علاج موضعي للأنف وإن ذهب شيء إلى حلقه من غير تعمد فيجزئه صيامه...).

قال الحدوشي: ومرض الربو مرض مزمن، وعلى المريض أن يتعاطاه حسب الضرر ولا شيء عليه، وقد غلط من قال: (يفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً)، وهو كلام غير منضبط بالدليل الشرعي، والقطرة نفسها لا تفسد الصيام حتى ولو وصلت للحلق.

وقال شيخنا العثيمين: (هذا البخاخ يتبخر ولا يصل إلى المعدة فحينئذ نقول: لا بأس أن تستعمل هذا البخاخ وأنت صائم، ولا يفطر بذلك، لأنه كما قلنا: لا يدخل منه إلى المعدة أجزاء لأنه شيء يتطاير ويتبخر ويزول ولا يصل منه جرم إلى المعدة فيجوز ذلك أن تستعمله وأنت صائم ولا يبطل الصوم بذلك).

2-س: هل يجو تذوق الطعام للحاجة؟ ج: لا بأس بتذوق الطعام للحاجة دون أن يبتلعه المتذوق، وإن بلعه خطأً فلا شيء عليه، كمن أكل أو: شرب ناسياً فلا قضاء عليه.

3-س: هل خروج الدم من الأسنان، ومن جسم الصائم يكون مفطراً مفسداً للصوم؟ ج: خروج الدم من الأسنان والأضراس والأنف (الرعاف)، أو: خروجه بقلع الأسنان، أو: بالحجامة، ومن جسم الصائم كله لا يؤثر على الصوم ولا يفسده، خرج باختيار الصائم، أو: بغير اختياره.

4-س: ما حكم بلع النخامة وبلع البلغم إذا وصلت إلى الحلق وابتلعها الصائم؟ ج: حكم بلع النخامة وبلع البلغم إذا وصلت إلى الحلق وابتلعها الصائم فيها خلاف قائم بين الفقهاء، والراجح من أقوال العلماء المحققين لا يفطر ولا يفسد صيامه، ولا يؤثر عليه، فالأوْلى والأفضل رميه وإخراجه، أما إن لم يفعل فصومه صحيح.

5-س: إذا تمضمض الصائم أو: استنشق فدخل الماء إلى جوفه هل صيامه صحيح؟ ج: إذا تمضمض الصائم أو: استنشق فدخل الماء إلى جوفه فصيامه صحيح ولا شيء عليه، وقد روى أصحاب السنن الأربعة، وصححه الحاكم، وسكت عليه الذهبي، وابن القطان، وابن حجر، والنووي، والألباني-(...وبالِغْ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً)، وقال القرطبي:

ولا يبالغ صائم في المضمضة * لأنه أَوْلَى لِئَلاَّ يُنْقِضَه

فإذا ابتلع الماء من غير تعمد فلا شيء عليه، لقوله تعالى: (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم) (الأحزاب:5)، وقوله: (ربنا لا تؤخذنا إن نسينا أو أخطأنا) (البقرة، رقم الآية:286)، وللحدث: (رفع عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه).

6-س: ما حكم استعمال المسك والعطور، والروائح الجميلة والطيبة في نهار رمضان، وغسل الأسنان بالسواك، وكذا استخدام فرشاة الأسنان والمعجون في نهار رمضان وكل ما ينظف به الصائم أسنانه؟ ج: استعمال الأشياء المذكورة لا يفسد الصيام، فمن استعملها في نهار رمضان فصيامه صحيح.

ومن أحسن ما جاء في هذا ما رواه الطبراني في: (المعجم الكبير) (20/70/133)، وفي: (مسند الشافعية) (رقم:2250) بإسناد يحتمل التحسين، وقال الحافظ في: (التلخيص) (1/193): (إسناده جيد) عن عبد الرحمن بن غُنم قال: (سألت معاذ بنَ جبل أتسوك وأنا صائم؟ قال: نعم، قلت: أي النهار أتسوك؟ قال: أي النهار شئت غدوة أو: عشية، قلت: إن الناس يكرهونه عشية، ويقولون: إن رسول الله-صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-قال: "لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك؟" فقال: سبحان الله! لقد أمرهم بالسواك وهو يعلم أنه لا بد أن يكون-يعني-للصائم الخلوف وإن استاك، وما كان بالذي يأمرهم أن ينتنوا أفواههم عمداً).

7-س: ما حكم استعمال الحقنة (والإبرة) في العضل، أو: العرق، أو: الوريد للتداوي، أو: استعمال البنج لقلع الأسنان، هل استعمالها يبطل الصيام؟ ج: الحقن كلها لا تبطل الصيام، وإنما الخلاف في الإبر المغذية والصحيح من أقوال العلماء الابتعاد عنها في نهار رمضان، لأنه إن قصد بها: (تغذية المريض الصائم فهذه وحدها هي التي تفطر-"سلسلة الأحاديث الضعيفة" (3/80)، و(توجيه الساري للاختيارات الفقهية للشيخ الألباني) (ص:139)..).

8-س: ما حكم من ينام في نهار رمضان ولا يستيقظ إلى قبيل المغرب؟ ولا سيما من يكون عمله ليلاً ويضطر للنوم نهاراً؟ ج: إن كان يقوم من النوم لإداء الصلوات ثم يرجع للنوم فصيامه صحيح، وأما من لم يكن عمله ليلاً وينام النهار كله، لكنه لا يفرط في أداء الصلوات في وقتها، يصلي ثم يرجع للنوم هذا نقول له: صيامك صحيح، ولكنك فرطت في خير كثير.

9-س: معلوم أن السنة تعجيل الفطور وتأخير السحور، والمغاربة يتسحرون بعد نصف الليل بساعة مباشرة ويقطعون بسماع المدفع، فما الصواب في هذا المدفع، هل هو علامة على قطع السحور؟ ج: المدفع ليس عَلاَمة على قطع السحور، بل: الأجدر إذا سمع الصائم المدفع فليدفع الطعام إلى المعدة، ولما سئل الشيخ عبد الرحمن ناصر السعدي هذا السؤال: (هل يجوز الصيام والفطر بسماع المِدفع، إذا اعتاد الناس التنبيه على دخول الشهر أو: خروجه؟) فأجاب: (أما البلد الذي فيه حاكم شرعي لا يصوم الناس إلا عن أمره، ولا يُفطرون إلا عن أمره، وكانوا قد اعتادوا على تنبيه البعيدين، عن محل الحكم بالمدفع ونحوه، وهي عادة مُطَّرِدة لا يمكن أن تشتبه بغيرها، فهي بمنزلة الخبر، بل: هي الخبرُ بعينه...)، وما ذهب إليه الشيخ عبد الرحمن في النفس منه شيء، وإلا فما حدود الحاكم الشرعي عنده!، زيادة على أن المدفع يضرب في وقت غير شرعي، وعليه فالبرقيات وأصوات المدافع وسائر الوسائل لا وزن لها إن خالفت التوقيت الشرعي، ولا سيما والمدفع (في الغالب مجهولة حالته من عدالة وغيرها...على أن الشارع لا يرد خبراً صحيحاً بأي طريق وصل، ولا ينفي حقاً وصدقاً بأي وسيلة ودلالات اتصل، وخصوصاً إذا استفاض ذلك واحتفَّت به القرائن).

10-س: ما حكم من طلع عليه الفجر الصادق وإناء الطعام والشراب على يده؟ ج: حكمه بينه رسول الله-فيما رواه أحمد وأبو داود، والحاكم وصححه، وسكت عليه الذهبي، وصححه أحمد شاكر، والألباني-، فقال: (إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده (فلا يضعه) حتى يقضي حاجته منه).

قال الألباني في: (تمام المنة) (ص:417/418)-كذا في: (توجيه الساري) (ص:139/140): (وفيه دليل على أن من طلع عليه الفجر وإناء الطعام أو: الشراب على يده يجوز له أن لا يضعه حتى يأخذ حاجته منه، فهذه الصورة مستثناة من الآية: (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) (سورة البقرة، رقم الآية:187)، فلا تعارض بينهما وما في معناها من الأحاديث، بل: ذهبت جماعة من الصحابة وغيرهم إلى أكثر مما أفاده الحديث-وهو جواز السحور إلى أن يتضح الفجر وينتشر البياض في الطرق-راجع (الفتح) (4/109/110).

وإن من فوائد هذا الحديث وإبطال بدعة الإمساك قبل الفجر بنحو ربع ساعة: أنهم إنما يفعلون ذلك خشية أن يدركهم أذان الفجر وهم يتسحرون، ولو علموا هذه الرخصة لما وقعوا في تلك البدعة).

قال الحدوشي عمر: وقد جمعت آثاراً كثيرة في فضل تأخير السحور، وأن ذلك كان عمل السلف الصالح السائد في مجتمعهم، ومن ذلك:

1-قول: (ابن جريج قلت لعطاء: (أيكره أن أشرب وأنا في البيت لا أدري لعلي أصبحت؟ قال: لا بأس بذلك، هو شك) ( رواه ابن حزم في: (المحلى) (4/372-كتاب الصيام رقم المسألة:756-الكلام على وقت السحور).

2-وقال ابن أبي شيبة: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مسلم، قال: (لم يكونوا يعدون الفجر فجركم إنما كانوا يعدون الفجر الذي يملأ البيوت والطرق) (رواه ابن حزم في: (المحلى) (4/372/373-كتاب الصيام، رقم:المسألة:756)، وابن أبي شيبة في: (مصنفه) (كتاب الصيام)، (2/289/رقم: 9075)، وابن جرير في: (جامع البيان) (2/235/رقم: 2451)، و(الجامع لأحكام القرآن) (2/319)...).

3-وثبت عن معمر أنه: (كان يؤخر السحور جداً حتى يقول الجاهل: (لا صوم له) (رواه ابن حزم في: (المحلى) (4/373/ كتاب الصيام، رقم المسألة:756)...).

4-وروى سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر من طرق عن أبي بكر أنه: (أمر بغلق الباب حتى لا يرى الفجر) (انظر: (الفتح) (4/635)، و(جامع البيان) (2/237/رقم:2462)، و(المحلى) (4/371)، و(مصنف عبد الرزاق) (4/179/رقم:7648-بلفظ: "أجيفوا الباب لا يفجأنا الصبح")، وقال ابن أبي شيبة في: (مصنفه) (2/276/رقم:8929): (حدثنا جرير بن عبد الحميد عن منصور عن هلال بن يساف عن سالم بن عبيد الأشجعي قال: "كنت مع أبي بكر فقال: قم فاسترني من الفجر ثم أكل").

5-وروى بإسناد صحيح عن سالم بن عبيد الأشجعي وله صحبة أن أبا بكرt قال له: (أخرج فانظر هل طلع الفجر، قال: فنظرت ثم أتيته فقلت: قد ابيض وسطع، ثم قال: أخرج فانظر هل طلع الفجر؟ فنظرت فقلت: قد اعترض، فقال: الآن أبلغني شرابي) ((شرح البخاري) لابن بطال (4/36)، و(الفتح) (4/635/636)، ورواه ابن جرير في: (جامع البيان) (2/237/رقم:2462) عن سالم مولى أبي حذيفة قال: (كنت أنا وأبو بكر الصديق فوق سطح واحد في رمضان، فأتيت ذات ليلة فقلت: ألا تأكل يا خليفة رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-؟ فأومأ بيده أن كفّ، ثم كفّ، ثم أتيته مرة أخرى، فقلت: ألا تأكل يا خليفة رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-؟ فنظر إلى الفجر ثم أومأ بيده أن كفّ. ثم أتيته فقلت: ألا تأكل يا خليفة رسول اللهr؟ قال: هات غداءك! قال فأتيته به فأكل ثم صلى ركعتين، ثم قام إلى الصلاة)...).

وروى بسنده إلى سالم بن عبيد قال: (كان أبو بكر الصديق يقول لي: قم بيني وبين الفجر حتى نتسحر) (رواه ابن أبي شيبة بلفظ مختلف في: (المصنف). (2/276-كتاب الصيام، 7-من كان يستحب تأخير السحور رقم:8929).

واللفظان عند ابن حزم في: (المحلى): (4/370-كتاب الصيام رقم المسألة:756)، أو: (6/246/المسألة:756-تحقيق: أحمد شاكر).

ثم روى بسنده عن أبي قلابة أن أبا بكر الصديق كان يقول: (أوجفوا الباب حتى نتسحر-والذي في: (المحلى) (4/371/ مسألة رقم:756): (أجيفوا الباب حتى نتسحر)، و(الإيجاف): الغلق) (رواه ابن حزم في: (المحلى) (4/371/رقم المسألة:756) وعبد الرزاق في: (مصنفه) (4/234/رقم:7618-بلفظ: (أجيفوا الباب لا يفجأنا الصبح).

6-وروى ابن المنذر بإسناد صحيح عن عليt أنه صلى الصبح، ثم قال: (الآن حين يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود) (رواه ابن جرير في: (جامع البيان) (2/236/ رقم:2459): عن هبيرة، عن علي، (أنه لما صلى الفجر، قال: هذا حين يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر).

انظر: (الفتح) (4/635)، وقديماً قيل:

الخيط الأبيض ضوء الصبح منفلق** والخيط الأسود جنح الليل مكتوم

انظر أبياتاً أخرى في: (الجامع لأحكام القرآن) (2/320/321) للقرطبي، و(أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن) (1/99) بتحقيق محمد عبد العزيز الخالدي.

قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي في: (أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن) (1/99): (والعرب تسمى ضوء الصبح خيطاً، وظلام الليل المختلط به خيطاً، ومنه قول أبي دؤاد الأيادي:

فلما أضاءت لنا سدفة * ولاح من الصبح خيط أنارا).

ولكن إطلاق شيخ شيوخنا العلامة الشنقيطي لا يُؤخذ به ولا يُسَلَّم له، لأن الأمر ليس مجمعاً عليه عند كل العرب، بل: هي لغات مختلفة، وحديث عدي خير شاهد على هذا-والله أعلم!).

وقال ابن المنذر-رحمه الله تعالى: (ذهب بعضهم إلى أن المراد بتبين بياض النهار من سواد الليل أن ينتشر البياض في الطرق والسكك والبيوت) (انظر: (الفتح) (4/635)، و(شرح البخاري) لابن بطال (4/36)، و(فتح الباري) (4/425) للحافظ ابن رجب الحنبلي).

7-وروى من طريق وكيع عن الأعمش أنه قال: (لولا الشهرة لصليت الغداة ثم تسحرت) (رواه ابن حزم في: (المحلى) (1/366)، وذكره ابن بطال في: (شرح صحيح البخاري) (4/37)، وقال الحافظ في: (الفتح) (4/636)90: (قال إسحاق: هؤلاء رأوا جواز الأكل والصلاة بعد طلوع الفجر المعترض حتى يتبين بياض النهار من سواد الليل، قال إسحاق: وبالقول الأول أقول، لكن لا أطعن على من تأول الرخصة كالقول الثاني ولا أرى عليه قضاء ولا كفارة. قلت: وفي هذا تعقب على الموفق وغيره حيث نقلوا الإجماع على خلاف ما ذهب إليه الأعمش).

وقال الحافظ ابن حزم في: (المحلى بالآثار) (4/366/وما بعدها مسألة:756): (ولا يلزم صوم في رمضان ولا في غيره إلا بتبين طلوع الفجر الثاني، وأما ما لم يتبين فالأكل والشراب والجماع مباح كل ذلك كان على شك من طلوع الفجر أو: على يقين من أنه لم يطلع).

ثم ذكر قوله تعالى: (فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) (سورة البقرة، رقم الآية:187)-وقال بعدها ما نصه: (لأنه تعالى أباح الوطء والأكل والشرب إلى أن يتبين لنا الفجر ولم يقل تعالى: حتى يطلع الفجر، ولا قال: حتى تشكوا في الفجر، فلا يحل لأحد أن يقوله، ولا أن يوجب صوماً بطلوع ما لم يتبين للمرء).

ثم قال أبو محمد-رحمه الله تعالى- في: (المحلى بالآثار) (4/368): (فقد صح أن الأكل مباح بعد طلوع الفجر ما لم يتبين لمريد الصوم طلوعه، ثم قال: بسنده إلى زر بن حبيش قلت لحذيفة: أي وقت تسحرتم مع النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-؟! قال: (هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع) (قال الحافظ الجوزجاني-رحمه الله تعالى-: (هذا حديث أعيا العلماء معرفته). انظر: (شرح علل الترمذي) (ص:37) للحافظ ابن رجب).

8-وقال البيهقي في: (السنن الكبرى) (1/718/رقم:1796/28-باب: القدر الذي كان بين أذان بلال، وابنِ أم مكتوم ورواية من قدم أذان ابن أم مكتوم على أذان بلال): (أخبرنا أبو سعيد يحيى بن محمد بن يحيى الحاكم، ثنا أبو بحر البربهاري، ثنا بشر بن موسى، ثنا الحميدي، أخبرنا سفيان، ثنا شبيبُ بنُ غَرْقَدَة أنه سمع حبانَ بنَ الحارث يقول: أتيت علي بن أبي طالب وهو معسكِرٌ بِدَيْر أبي موسى فوجدته يَطْعَمُ فقال: ادن فكل، فقلت: إني أريد الصوم، فقال: وأنا أريد الصومَ. فلما فرغ من طعامه قال لابن النَّبَّاح: أقم الصلاة).

9-قال ابن حزم بسنده إلى أبي بكر الصديق أنه قال: (إذا نظر الرجلان إلى الفجر فشك أحدهما فليأكلا حتى يتبين لهما) (رواه عبد الرزاق في المصنف (4/172 برقم:7365)، وابن حزم في: (المحلى) (4/370رقم المسألة:756/وفي:371).

10-وذكر ابن بطال في: (شرح البخاري) (4/38/39)، و(الموسوعة الفقهية) (3/274)-من طريق الحسن: أن عمر بن الخطاب كان يقول: إذا شك الرجلان في الفجر فليأكلا حتى يستيقنا).

11-(روى ابن حزم في: (المحلى) (4/371-كتاب الصيام، رقم المسألة:756)-وذكره ابن بطال في: (شرح البخاري) (4/37)-، من طريق حماد بن سلمة عن أبي هريرة: (أنه سمع النداء والإناء على يده فقال: أحرزتها ورب الكعبة)

12-وقال هشام بن عروة: (كان عروة يأمرنا بهذا، يعني: إذا سمع النداء والإناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه).

13-ثم روى من طريق ابن جريج عن ابن عباس قال:(أحل الله الشراب ما شككت، يعني في الفجر) (رواه ابن حزم في: (المحلى) (4/371)، وابن أبي شيبة في: (المصنف) (2/288/رقم:9061/إلى:9067)، ورواه البيهقي في: (سننه) (4/221) عن أبي الضحى أن رجلاً قال لابن عباس: (متى أدع السحور؟ فقال رجل: إذا شككت، فقال ابن عباس: كلْ ما شككت حتى يتبين لك)-وفي لفظ لابن أبي شيبة في: (المصنف) (2/288/رقم:9067) بسنده إلى مسلم بن صبيح قال: (جاء رجل إلى ابن عباس فقال له: متى أدع السحور، فقال رجل جالس عنده: كلْ ما شككت حتى لا تشك)-.

وروى البيهقي في: (سننه) (4/221) عن حبيب بن أبي ثابت: قال: (أرسل ابن عباس رجلين ينظران إلى الفجر، فقال أحدهما: أصبحت، وقال الآخر: لا، قال: اختلفتما أرني شرابي).

ثم قال البيهقي: وروي في هذا عن أبي: بكر، وعمر، وابن عمر-رضي الله عنهم-انظر: الفتح (4/634)، و(شرح البخاري) لابن بطال (4/39)، وجاء في: (مصنف ابن أبي شيبة) (2/288/رقم:9063) بلفظ: (حدثنا وكيع عن طلحة، عن عطاء عن ابن عباس قال لغلامين له-وهو في دار أم هانئ في شهر رمضان، وهو يتسحر، فقال أحدهما: قد طلع الفجر، وقال الآخر: لم يطلع، قال: اسقياني).

ثم روى عن عكرمة قال: قال ابن عباس: (أشك لعمر الله، اسقني فشرب) (الذي في: (المحلى) (4/371) هكذا: وعن عكرمة قال: قال ابن عباس: (اسقني يا غلام، قال له: أصبحت، فقلت: كلا، فقال ابن عباس: شك لعمر الله، اسقني، فشرب)، وهذا الأثر في: (مصنف عبد الرزاق) (4/172/برقم:7366)، و(مصنف ابن أبي شيبة) (2/288/رقم:9063).

ثم روى بسنده-(المحلى) (6/347/756)، و(الموسوعة الفقهية) (3/274)-عن مكحول الأزدي قال: (رأيت ابن عمر أخذ دلواً من زمزم وقال لرجلين: أطلع الفجر؟ قال أحدهما: قد طلع فقال الآخر: لا، فشرب ابن عمر) (رواه ابن أبي شيبة في: (مصنفه) (2/287/رقم:9060-كتاب الصيام، 19-في الرجل يشك في الفجر طلع أم لا؟)، والذي نفتي به أن المرء إذا شك في طلوع الفجر فالأصل بقاء الليل، حتى يستبين ويتبين طلوعه، لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان، ولهذا اتفق الفقهاء، وأهل الحديث، وعلماء العقيدة يقولون: (من ثبت إسلامه بيقين، لا يُحكم بكفره إلا بيقين)، وهذا مبني على قاعدة فقهية مشهورة، وهي: (اليقين لا يزال بالشك).


  • 1

   نشر في 01 يوليوز 2014 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا