اجتماع الضدين ليس بالضرورة محال على الله لاستعلائه سبحانه عن الزمان والمكان...فهو الظاهر الباطن المعز المذل النافع الضار المحي المميت في نفس الوقت
وفي الفكر السني القائم على عدم الخوض في أمور العقيدة...نجد الله مستعلي على خلقه مستوي على عرشه يباشر أمور ملكوته بجنوده من الملائكة...وهذا بالطبع شطر من الحقيقة...ونحن بدورنا سنحاول تسليط الضوء على الشطر الآخر ذو النزعة الصوفية...الله القريب من عباده!
الأُسطورة ليست بالضرورة من صُنع الخيال المحض...بل إن لكل أُسطورة جذور ضاربة في صلب الحقيقة...فسواع ويغوث وغيرهما من الأصنام التي كانت تُعبد على عصر نوح لم تكن سوى تماثيل أُقيمت لبشر صالحين...وبالتالي فسواع ويغوث كانا حقيقة حُرفت بتقادم الزمن!
على صعيد آخر نجد المصريين القدماء يُقدسون -على الرواية التي تقول بتعدد الآلهة في مصر القديمة- رع...إله له البنية المصرية القوية واللباس الملكي المعروف
وعلى صعيد الشرق نجد الهنود القدماء يُقدسون هذا التمثال السمين القعيد الذي يرتدي من الحُلي ما يُناسب ثقافة الهند القائمة على الألوان والزخارف...قالوا قديمًا "الهند بلد العجائب"
وآلهة اليونان لها هذا اللون الثلجي المنحوت في الصخر ليدلل على الصلابة...مُشكل على صورة "يوليوس قيصر" تقريبًا
والعربي القديم نراه يصنع إلهه من التمر فإذا جاع أكله!
فنحن هنا أمام أساطير -نرى أن كل أمة تعبد معبود من جنسها- لربما نجد لها جذورًا من الحقيقة في التأملات القادمة
نحن نجد الله يتفاعل مع أنبياءه فيكلم أحدهم...ويتخذ الآخر خليلًا...إله قريب من عباده -مُستعلي عنهم في نفس الوقت-...إله يهبط إلى السماء الدُنيا في كل ليلة...إله كما يُخبرنا عن نفسه في القرآن علاقته بالإنسان (...ونحن أقرب إليه من حبل الوريد)
ثم نجد ذلك النص في الإنجيل...ففي أول أسفار العهد القديم "سفر التكوين" نجد (وَقَالَ اللهُ: «نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا، فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ، وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ، وَعَلَى جَمِيعِ الدَّبَّابَاتِ الَّتِي تَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ»)
وعن يسوع الناصري "عيسى"...نجد الله قد منحه من أسبابه ما لم يعط أحدًا قال تعالى في قرآنه (راجع الأية رقم 110 من سورة المائدة)...فتلك مشاركة صريحة للتحكم في الأسباب بين الله وإنسان -بإذن الله بالتأكيد- غير قائمة على العلم بالأسباب "معجزة"
وسيدنا محمد ﷺ كما ذكر مُسلم في صحيحه نجده يؤكد تلك الحقيقة ف(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ حَاتِمٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ)
علل النبي ﷺ نهيه بأن الله خلق آدم على صورته...النص صريح ولا يحتمل التأويل
-
محمد رفعتطالب جامعة الأزهر بكلية الصيدلة، 20 سنة، أحب احتساء القهوة إلى جانب القراءة ومتابعة الأحداث السياسية