تعريف شخصي مقتضب لأخلاقيات (la déontologie) التعامل بين كاتب الفيسبوك و قرّائه؟ مواطن العالم د. محمد كشكار
تعريف شخصي مقتضب لأخلاقيات (la déontologie) التعامل بين كاتب الفيسبوك و قرّائه؟
نشر في 10 شتنبر 2014 .
تعريف شخصي مقتضب لأخلاقيات (la déontologie) التعامل بين كاتب الفيسبوك و قرّائه؟ مواطن العالم د. محمد كشكار
السؤال: لماذا هذا التعريف الآن و مَن تكون مجموعة القرّاء المستهدفة؟
الجواب:
1. مَن تكون مجموعة القرّاء المستهدفة؟ هم بعض اليساريين من أصدقائي الحقيقيين أو الافتراضيين الذين ينتقدون شخصي بكل صفاقة و وقاحة و عدوانية مجانية (على فكرة، المتضرر من الوقاحة هو وحده الوحيد، و لا أحد غيره، المتأهل و المخول أن يقيّم درجة الوقاحة الموجهة ضده) و لا ينقدون فكرتي أو فكرة الكاتب الذي أنقل عنه بكل أمانة علمية، و الدليل على أمانتي أنني لم أغفل و لو مرة واحدة عن ذكر المصدر مع ذكر سنة الطباعة و رقم الصفحة المعنية في أول كل مقال نقلته و نشرته على حسابي الفيسبوكي من بين 385 مقال منقول أو معرّب. و لو عكسوا لأصابوا، أي المفروض و المعقول أن ينقدوا بكل ما أوتوا من قوة الحجة و المنطق و يحاولوا أن يكذبوا وجهة نظري أو يفندوا فكرة الكاتب الذي أنقل عنه، و ليس لهم الحق تماما و ليسوا أحرارا البتة في شتمي و قذفي أنا شخصيا أو سبّ الكاتب. جل القوالب الجاهزة و المسلّمات و الجمل الرنانة المتداولة بين الناس خاطئة تماما أو مجانبة جزئيا للحقيقة مثل "العقل السليم في الجسم السليم" (و الله لم أر في حياتي - 60 عام - جسما رياضيا واحدا يحمل عقلا سليما، و لم أر أيضا عالِما واحدا أو مبدعا واحدا يتمتع بجسم سليم)، و هكذا يقول أيضا المحاور التونسي العادي في موضوعنا اليوم "أحترمك و أحترم وجهة نظرك"، لو احترم العلماء و المفكرون وجهات نظر زملائهم لَما سعوا لتفنيدها كما يدعوهم واجبهم و لَما تطور العلم و تجددت الفلسفة و لألغينا علم الإبستمولوجيا (معرفة المعرفة أو نقد المعرفة العلمية)، إذن المنتظر من القارئ هو مقارعة الرأي بالرأي المعاكس، أما أنا كبشر، فاعتقني الله يخليك و اتركني لحال سبيلي الله يرضى عليك و اعطني حريتي و اطلق قلمي، و ما ضرّك أنت لو غرّدت أنا خارج السرب، أأنت رب السرب؟
2. لماذا هذا التعريف الآن؟ لأن سوء التصرف و سوء الفهم رجعا هذه الأيام إلى مجالي الحيوي أي ساحتي الفيسبوكية من قبل نفس االشريحة المستهدفة. فيما يتمثل سوء الفهم؟ رغم الحذر الشديد الذي أتخذه و الاعتراف المسبق بإمكانية الخطأ في تحليلي اللذان أفتتح بهما جل مقالاتي مثل " و أقول أن التحليل التالي هو تحليل غير علمي و غير موثق و هو أقرب للتحليل الانطباعي أو حديث المقاهي."، و رغم الجملة الشهيرة التي أُمضي بها كل مقالاتي "لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى، و على كل مقال قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي."، رغم كل هذا التواضع العلمي، ينالني ما ينال الكاتب المتكبر المتغطرس المعتز و المزهو بنفسه و الواثق بعلمه إلى حد الجهل.
فيما يتمثل سوء التصرف من قبل قلة قليلة من القرّاء؟:
- ينسى أو يتناسى مستعملو الفيسبوك أن السجل الفيسبوكي (le journal Facebook) هو سجل شخصي بحت، يعني فضاء خاص مغلق كالبيت الشخصي، و من باب المدنية و الكرم الافتراضي فتحتُه إراديا لاستقبال الأعزاء و الغرباء، و لم أسمح لك أيها القارئ الأقلي اليساري الكريم بالدخول إلا بعد أن طرقت بابي بأدب (demande d`ajout d`amis)، فإن رُمت الإقامة عندي فلا تغفل لحظة عن كونك ضيفي و أنت الذي قدِمت إليَّ لتقرأ ما أنشر في سجلي، فحاول من فضلك أن تكون مجاملا لبقا خفيفا إذا أردت مناقشتي فكريا و لا تتجاوز في مخاطبتي حدود اللطف و اللياقة و الكياسة و الأدب، فإن قلّ أدبك في داري فأقصى ما أفعله معك هو حذف تعليقك (je supprime ton commentaire sans explication)، فإن فهمت أنت الإشارة فقد نلت أنا المرغوب و جنبتك أنت الإحراج، و إذا واصلت تحديك لشخصي منعتك من دخول بيتي ثانية (je te bloque virtuellement) و إذا اعترفت بذنبك و اعتذرت لي، رحبتُ بك ثانية صديقا في حسابي الفيسبوكي.
- و الله بصدق أصبحت لا أفهم بعض أصدقائي اليساريين الذين يعايرونني بتعدد صداقاتي النهضاوية الحقيقية و الافتراضية. هل ذنبي أنني متماه مع مجتمعي التونسي العربي المسلم؟ هل ذنبي أنني لا أشتم خصومي السياسيين؟ لم أتنكر لأصلي و هوية مجتمعي و صارحتُ أصدقائي النهضاويين بانتمائي الفكري لليسار العَلماني الاشتراكي الديمقراطي على النمط الإسكندنافي الذي سوف نكيفه و نعدله و نلائمه عند التطبيق في تونس، و صنفت نفسي معارضا لحزبهم لا معاديا لهم و لم أستعمل معهم، لا تقية و لا خطابا مزدوجا، كنت واضحا معهم فقدروني و لم يتطاولوا عليَ و لو مرة واحدة خلافا لبعض رفاقي اليساريين الذين لا يتركون فرصة تمرّ دون النيل من شخصي و ليس من أفكاري، و لا يغفلون أبدا عن الحط من شأني و إحباطي و تحطيمي. الله يسامحهم و يحنّن قلوبهم على بعضهم أما أنا فلست في حاجة لحنانهم و لن أستجدي يوما رضاهم و سأعارضهم و أصمد أمام صلفهم كما صمدَت روزا ضد لينين.
- و صرت أيضا لا أفهم دعوتهم السخيفة لي بالكف عن نقد الماركسية. أهي ملكهم الشخصي؟ و هم لا يؤمنون بالملكية الفردية و لا بملكية وسائل الإنتاج المادي، فما بالك بملكية وسائل التفكير، و لن يقدروا على تأميم هذه الأخيرة حتى و لو أرادوا. و الله لو قام ماركس من قبره لبصم بــ(j`aime) على جميع مقالاتي التي تنقد نظريته، أليس هو القائل: "لو قرأت "بيان الحزب الشيوعي" (le Manifeste) بعد مائة عام لَغيرت فيه الكثير"، و لو وصله خبر تهجمكم على شخصي لأنكر عليكم ماركسيتكم و تبرأ منكم و لَبارك مثلي و عمّد الاشتراكية الديمقراطية على النمط الإسكندنافي.
- و يقولون أن حججي النقدية ضد اليسار يستغلها و يوظفها ضده خصوم اليسار الفكريون و السياسيون. هذه تهمة أنكرها و نفوذ و شهرة فكرية و سياسية لا أدعيها. أنا لست نعوم شومسكي و لا أحمد منصور الجزيرة الذي عندما ينشر مقالا، يتقاسمه عشرون ألف قارئ فيسبوكي و يُعجَبُ به ثلاثون ألف. و لست فيلسوفا صحافيا مشهورا يهاجم اليسار كــريمون أرون. و لست محللا سياسيا كــصلاح الدين الجورشي أو السفيانين بن حميدة و بن فرحات. أنا، يا سادتي يا كرام، مواطن العالَم د. محمد كشكار، أستاذ ثانوي متقاعد، يُفرحه 20 (j`aime) و يطير من الفرح إذا نال مقال يتيم من مقالاته 20 (partage)، فرجاء لا تنفخوا في صورتي و تحمّلوني مسؤولية فشلكم في انتخابات 23 أكتوبر 2011 أو - لا قدر الله - فشلكم في الانتخابات الرئاسية أو التشريعية القادمة، أما أنا فأعتبركم من الفاشلين قبل أن تخوضوا الانتخابات و سوف أصرّ و ألحّ على اعتباركم من الفاشلين حتى و لو فزتم بالرئاسة و الأغلبية البرلمانية معا. فلو لم تكونوا فعلا من الفاشلين فكيف تطلبون الكف عن الكتابة و النقد من كاتب محدود الموهبة و الإشعاع، مغمور بسيط مثلي. أأنتم بالله تيار أم قشة يحملها التيار؟
إمضاء م. ع. د. م. ك.
قال الفيلسوف اليساري المغربي عبد الله العروي: "لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسانه (المجتمع)، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه". و مجتمعنا التونسي عربي إسلامي، شاء اليسار التونسي اللائكي - على المنوال الفرنسي - أم أبَى!
يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه و يثقوا في خطابه أما أنا - اقتداء بالمنهج العلمي - أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات و أنتظر منهم النقد الهدام المفيد.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى، و على كل مقال قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي.
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأربعاء 10 سبتمبر 2014.