لا شك أن علوم الإدارة والقيادة تعد من العلوم الأساسية والمهارات التي لا غنى في مختلف الأعمال والقطاعات، وهناك الكثير من النظريات والكتب والمحاضرات التي تتبارى فيما بينها في كيفية إدارة فرق العمل والطاقة البشرية في الصورة المثلى بهدف تحقيق أفضل عائد ممكن..
وعلى اختلاف النظريات والمناهج المتنوعة في الإدارة يبقى هناك منهج عبقري وبسيط في ذات الوقت يضمن تحقيق الهدف دون جهد كبير من القائد..
ألا وهو ما يمكن تستميته استراتيجية غميضة الجاموسة!
قبل المضي قدماً أؤكد أنني لست بصدد المزاح أو السخرية، ولعلك عزيزي القارئ تفهم مرادي إذا ما صبرت قليلاً وقرأت مقالي لنهايته..
من عاش في قرى الفلاحين أو زارها أو حتى رأى بعض مشاهدها في فيلم أو صورة لربما رأى هذا المشهد.. فلاح بسيط يجلس مسترخي أسفل شجرة.. يستظل بظلها الظليل يشرب كوب شاي العصاري بينما بجواره توجد ساقية قديمة مربوط بها جاموسة أو ثور يسير في دوائر لا نهاية لها مركزها عامود الساقية.. والعجيب أن الثور رغم ضخامته وقوته لا يعترض أو يتذمر والسر هنا ليس لكون الفلاح أقوى من الثور بالتأكيد... لكن السر يرجع لهذه الغميضة أو الغمامة المثبتة على رأس الثور، يضعها عمنا الفلاح فتحجب الرؤية والطريق عن الجاموسة أو الثور أو حتى البقرة أو الحمار إذا أراد..
والحكمة من هذه الغميضة أنها تعطي الدابة أياً كان نوعها إحساس أن الطريق الذي تسير فيه لابد وأن له أخر ونهاية بس المسألة تحتاج شوية صبر... ثم تصل وترتاح.. وبدون الغميضة لن تتحرك الدابة قيد إنملة كونها ستكتشف أن المسار دائري لا يوصل لشيء بل ربما يصيبها بالدوار أو الدوخة..
"غمي عين الثور من دول ولا الجاموسة ولا أيتها بهيمة عندك.. تضمن إنها ما تُحرُنش ولا تعصاك... تدور ساقية.. تدرس قمح... إن شاء الله حتى تركبها وتدورها من غير شغلة ولا مشغلة لما يتهد حيلها"
هكذا شرح الفلاح الخبير فلسفته ونظريته في الإدارة والقيادة.. بعيداً عن قاعات المحاضرات المكيفة... وميكرفونات المدربين وأجندات الخبراء... غميضة الجاموسة مفيش غيرها!
واليوم نرى غميضة الجاموسة أثبتت جدارتها وقدرتها..
فسارت الغميضة تستخدم في قطاعات أوسع وغير تقليدية بل وعلى دواب مختلفة تماماً عن تلك التي جربها الفلاح، والعجيب أنها لازالت ناجزة ومتفوقة. والأكثر من ذلك أنها صارت مواكبة للتقنية وعصر العولمة... فصارت هناك غميضة الفضائيات وغميضة الكورة وغميضة الهلس والهجص وغميضة التوك شو وغميضة الفراقيع والبومب وغميض السكس وغميض التوهان وغميضة الغلا وغميضة العو مستنيك بره وغميضة إحنا أحسن منهم..
وهلم جرا قائمة طويلة من الغماميض والغمامات التي يتم ابتكارها بشكل يومي...
وعلى رأي المثل.. طول ما الغميضة على العين الثور مش هيقولك على فين!