محور المقاومة يستفيق من وعكة الطائفية .| كريم أبو الروس . - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

محور المقاومة يستفيق من وعكة الطائفية .| كريم أبو الروس .

تريد الكثير من الأطراف أن تغلف الصراع بغلاف الطائفية لإدارة الصراع الحاصل لصالحها .

  نشر في 01 مارس 2017 .

منذ بداية الأزمة السورية إتجهت أنظار العالم والمنظمات الدولية والإقليمية ووسائل الإعلام المحلية والعالمية إلى سوريا، بحكم أنها أكثر إحتداماً وكأول دولة من محور الممانعة تسقط في هذه الزوبعة التي أصابت المنطقة العربية، ولا بد أن نذّكر أن المواقف الدولية والمحلية وحتى مواقف الأحزاب السياسية في ذلك الوقت، كانت غير متوافقة على الرغم أنها كانت متشابهة في المضمون أمام ثورة مصر وتونس وليبيا، فإيران مثلاً في سرديتها تجاه الثورة السورية إعتبرتها طعنة وتشويه لبرنامج الممانعة بينما إعتبرت الثورات الآخرى هي نهضة للشعوب العربية للتخلص من الطغيان وجبروت الأنظمة العربية الظالمة .

وإن كنا نريد قراءة الواقع في سوريا، سنجد مئات بل آلاف التنظيمات العسكرية التي تقاتل ضد الدولة السورية تحت مسميات دينية، وآخرى علمانية، وآخرى غير سورية توطنت في سوريا لأجل العمل لأجندات أجنبية، ومن هذا الكم الهائل من الضخ الإعلامي والسياسي والعسكري تجاه الأرض السورية، صارت قوى المعارضة تهيمن على الكثير من المواقع والمدن السورية المهمة بقوة السلاح والدعم العسكري واللوجستي وتحت غطاء دولي بحكم أنها معارضة " شرعية "، لذلك كان لا بد من إيران وسوريا وحلفائها كحزب الله، أن تتخذ موقفاً متشابهاً ضد الجماعات المتطرفة، وحتى غير المتطرفة منها .

ومن هنا ينطلق التساؤل الأكثر أهمية كيف تم تغليف الحرب في سوريا بغلاف الطائفية لشرعنة قتال الطرفين كلٌ منهم ضد الآخر؟ .

حين نعتبر أن إيران كدولة عظمى في المنطقة، وفاعل أساسي في الأزمة السورية وفي جميع الإتجاهات، نرى أن هنالك الكثير من الأسباب التي جعلت إيران تقف خلف الدولة السورية كمحامٍ وصاحب حق ودين، فإيران لم تتخذ موقفاً متأرجحاً من الأزمة السورية منذ ست سنوات، كان موقفها واضحاً وثابتاً منذ البداية وإلى الأن، فهي تعتبر أنها تواجه مشروع أمريكي تنفذه أيدي إسلامية سنية تحت رعاية تركيا وقطر والسعودية ومشروع الدولة الإخوانية الكبرى، لذلك دائماً ما كانت تتجاهل التصنيف الطائفي والعرقي في تدخلها في الصراع السوري، ونتائجه المظلمة التي إرتدت سلباً على سوريا ومآخذ هذا الصراع من خلق لأقليات متطرفة بحجة أن إيران موجودة في سوريا، فمثلاً نجد أن الكثير من الدول الإسلامية العربية تتخذ موقفاً صارماً تجاه سوريا بسبب أن إيران الدولة الشيعية تقاتل في سوريا لإتخاذها موطئاً لبدأ الحرب الطائفية .

لجأت الكثير من وسائل الإعلام بالتسميات الطائفية تجاه القوات الإيرانية وقوات الجيش السوري وحلفائه والقوات الفلسطينية واللبنانية التي تقاتل إلى جانبه، لإضفاء بعض من التحامل الديني على الصراع معها، وكان لحزب الله نصيبٌ كبير من حملات التشويه الطائفية التي لم تتخذ من أسباب تدخله في سوريا كأسبابٍ واقعية ومنطقية وترجع إلى مضامين الحزب وإستقلاليته في إتخاذ القرارات بحكم أنه ملتصق بالحدود السورية وأن أي خطر يهدد سوريا فهو بالضرورة يهدد لبنان وإستقراره وربما لو إتخذنا الأمور بشكلها الاوسع فإن المشروع الكبير الذي ينفذ على الأرض السورية والعراقية لا بد أنه يهدد أيضاً حزب الله في لبنان، لذلك كانت دائماً وسائل الإعلام والدول العربية تتخذ موقفاً صارماً تجاه حزب الله حتى أنه بعضها إعتبره إرهابي .

هنا يمكن القول أن الغلاف الطائفي للصراع في سوريا أفاد كثيراً إيران وسوريا وحزب الله وحلفائهم، من توسيع القوة الضاربة تجاه هذا المشروع الذي يلتهم مدناً سورية وعراقية، فنرى أن الحرس الثوري الإيراني اليوم يتمركز بقوة في سوريا والعراق ويدعم علناُ الحشد الشعبي والجيش السوري، دون أدنى إهتمام بكل هذه المواقف التي تقف ضد المحور بشكل عام، فإيران لم تخلق صراعات في الوطن العربي، بل أدارت هذه الأزمات لصالحها وإستفادت من وجود هذا التشوه الفكري المتطرف للجماعات الإسلامية .

كما أن إيران وحزب الله وسوريا دائماً ما كانوا يرددون السردية المألوفة للجميع بأن هذه الجماعات التي تقاتل في سوريا هي مدعومة من تركيا والولايات المتحدة الأمريكية وقطر والسعودية وبالتالي فإنها لا تقاتل جماعات سنية كما تصف هذه الجماعات نفسها، بل تحمي محور المقاومة والممانعة من سقوط مدوي بأدوات تسمي نفسها إسلامية، لذلك كان لا بد من إيران وحلفائها في المنطقة أن تنزع عن هذا الصراع غلاف الطائفية وتلبسه صراع المصالح المشتركة مع روسيا، فمنذ الوقت الذي دخلت فيه روسيا إلى الصراع إلى جانب إيران وسوريا وتفاهماتها مع تركيا إتجهت الأنظار إلى أن الصراع لم يمكن طائفياً بهذا القدر الذي روج له، بل كان صراعاً على المنطقة وهذا ما يشاع الأن، فروسيا لعبت دوراً هاماً في نقل أنظار العالم إلى مشروع الإرهاب الذي ينفذ بأدوات إسلامية لصالح دول أجنبية وأجندات خارجية .

معركة حلب منذ شهور كانت نموذج لهذه الفرضية التي تقول بأن الصراع في سوريا لم يكن صراعاً طائفياً كما روجت له بعض الجهات، فروسيا وإيران بعدما تحررت حلب قدمت مشروعاً للتوسية السياسية، ودعمته تركيا التي دائماً ما كانت تقف إلى جانب المعارضة، حين أدخلت روسيا السياسة إلى الصراع العسكري ذابت الطائفية منه، وإستفاق محور الممانعة من وعكة الطائفية التي ألبسه إياها الكثيرون 


  • 1

  • كريم أبو الروس
    كريم أبو الروس من قطاع غزة كاتب وناشط مجتمعي وحقوقي، طالب علوم سياسية في جامعة الأزهر .
   نشر في 01 مارس 2017 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا