[1] القصة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأم رنا والتي لم تصبح أما بعد تدون في مذكراتها يومياتها المغلفة بهلاوس الحمل لتحدث الولادة وتكتشف رنا أن الأمر يتخطى مجرد وهم.

[2] الإيقاع

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تنتمي الرواية في تصنيفها إلى أدب الرعب الذي قدمته الراوية في روايتها -كيفيا وكميا- بصورة لا نظير لها ولا غالب عليها في تاريخ الأدب العربي. حيث يبدأ الرعب في أجواء مصرية عائلية صغيرا لا يتعدى كونه تخيلات تتزايد تدريجيا ويتصاعد الإيقاع وتتحول التخيلات إلى أهوال. ولا يوجد إلا أعمال قليلة يمكن وضعها في ذات مرتبة هذه الرواية ضمن أقوى روايات الرعب العربية. ورغم كل ما أقوله عن الرواية إلا أنها لم تسلم من بعض التشتت في وسطها ونهايتها. الاختلال الحادث في وسط الرواية نتج عن التحول في إسلوب السرد. أما في نهايتها فآتي من غرابة النهاية التي لم يضعفها وإنما لخبط القارئ خاصة مع بعض الظنون أن النهاية أتت غير مبررة قصصيا.

مثل المفردات التي قدمتها في روايتها السابقة على تلك؛نيكروفيليا,والسوداوية والألم والحزن والخوف والموت والنفور والبشاعة والشذوذ الجنسي والكراهية. تقدم هنائي هنا مفردات لا تقل قتامة وسوداوية عن تلك في بناء عالمها,مثل القيد والقمع والاستعباد واللاهوية جنسية و

[3] الخطاب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الاستبداد والاستعباد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تعرض الرواية واحدة من أكثر الأفكار رعبا في تاريخ المخيلة البشرية,وهي القمع السياسي, بصورة ماورائية ذات أبعاد إجتماعية ورمزيات واقعية. وتعطي بعدا آخر لمفهوم "المحركين" الميتافيزيقي,جاعلة إياه من تحريك عن بعد إلى تحريك لأفكار الإنسان تجاه محيطه,تحريك لمجموع تصرفاته وأعماله المنسوبة وهما إلى إرادته. كما أنها تظهر تصورا للشرّ غير مسبوق إليه في العالم العربي,متمثلا في الطفل الأزرق. وهو تصور مقتبس من بعض الموروثات الإسلامية عن الشيطان,ومن الهالة المحاطة باللون الأزرق. ثم نسبت إليه نوع خبيث من الألعاب الشيطانية متمثل في المستوى العميق من الإيهام,وهو أن يقتنع الموهوم بأن ما يحيطه ليس إلا وهم وهو عكس ذلك. معطية لـ نظرية المؤامرة / تحريك الدمى بعدا آخر. وبالرغم من أن موضوع نظرية المؤامرة متكرر -دان براون نموذجا- إلا أنه لم يفقد بريقه بعد طالما كان تناولا جيدا بمثل ما قدمت الكاتبة في روايتها. يعيب هذا التناول أمران الأول متمثل في التقريرية التي أتت بها محيلة الفصول القصصية إلى مقالات بحثية بدون أي حس أدبي. العيب الثاني هو المباشرة في الوعظ التي تمادت فيها الكاتبة لدرجة أن تعلن عن حضور الرواي / المؤلف على حساب النص.

يعد الخطاب أقوى ما قدمته الروائية هنائي في روايتها,أولا لأن الإتفاق أو الإختلاف مع الموضوع المطروح ليس المعيار الوحيد الذي تُقاس به جودة الموضوع والطرح المتصلان بشكل لا يكاد يمكن فصلهما عن بعض. بل توظيف الكاتبة له في سياق رواية وقد نجحت الكاتبة في ذلك. ثانيا لأن الموضوع نفسه ليس هينا. ولا يجب أن يتم تصديقه بالكامل أو تكذيبه بالكامل,بل يتم تناوله تحت عين التحليل لإثبات ما هو صحيح وتكذيب ما هو خطأ. وبقدر ما راعت الكاتبة إيصال رسالتها,فإن العالم الأول لم يفسد,وهو مراعاة توظيف الفكرة في إطار رعبي قوي. وتحمل الرواية رمزيات صريحة تتمثل في أمران؛أولا لعبة المؤامرة وثانيا تحريك الدمى. في النقطة الأولى يمكن جمع المحاور المبنية عليها لعبة المؤامرة / نظرية المؤامرة في الآتي

[1] لعبة المؤامرة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1-النزعة الإستهلاكية

2-العولمة والتغريب

3-الغزو الثقافي

4-الأنظمة السياسية والإجتماعية

5-الهيمنة الإعلامية

6-غسيل العقول

7-إستهداف الأطفال

8-تصدير الرموز

9-إستغلال الدين

10-توظيف الوسائط البصرية المعتمدة على الصور المتحركة مثل السينما والفيديو

11-توظيف أدوات ثقافية أخرى مثل اللغة والأدب وعلم الإجتماع والتأريخ

وجميع هذه المحاور الثقافية تعادل الخيوط الميتافيزيقة التي يتم التحكم من خلالها بجميع شخوص عالم الرواية المنعكس عليه نظرية المؤامرة في عالمنا.

[2] تحريك الدمى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الدمية في معناها العام تشير إلى العبودية,وليست العبودية هي الوجه الوحيد الذي تحمله الدمية في معانيها المرعبة.

والكاتبة في تناولها للدمية في إطار من الرعب,تناولت مفهوم غربي وقامت بتقديمه في قالب عربي أصيل,مبتعدة عن المعاني الرعبية المتضمنة للدمى في الثقافة العربية مثل الإثر التي تعد وجه آخر من التحكم غير العبودية الصريخة. فأن يكون الشخص منوما أو مسحورا كلاهما وجهان للإستعباد الممنهج الذي يتم للضحية غالبا دون إدراكها لذلك.

[4] الإسلوب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ونوضح فيه نقطتان

أولا التشخيص

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وكعادة شيرين هنائي تصبح أسماء الشخصيات دوال لها مدلولات تصف حامل الإسم في رمزية واضحة كما فعلت بـ عملها السابق نيكروفيليا وعملها اللاحق طغراء. وكما يفعل نجيب محفوظ في بعض أعماله

وقد جمعهم قارئ اسمه محمد عربي وأضفت إليهم كما الآتي

1-رنا / الغزال

2-آسر / الذي يأسرك بجماله

3-زين / زين الرجال برجاحة عقله

4-رمزي / رمز للمقِيد والمقيَد (الفاعل والمفعول)

5-خوشيار / صورة للساحرة الشريرة

ثانيا السرد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إن السرد به خلل رئيسي متمثل في ضعف إنتقال السرد من منظور المذكرات إلى منظور الراوي. والذي نتج عنه التقريرية الزائدة للراوي والتي لا تليق بالرواية. فهناك صنفان من التعبير السردي؛التصوير والتقرير,الأول معني بالقصة والثاني معني بالمقالة. وأعتقد أن الكاتبة مدفوعة بنزعة تجريبية قامت بتجريب الإثنان من خلال تقديمهمها بالتعاقب بدئا بالتصوير في المذكرات التي تكتبها رنا مهني لوليدها الذي لم يولد بعد,ولا يُعرف جنسه فتى أم فتاة. وهي فكرة (كتابة المذكرات نيابة عن طفل / مجنون / مريض) جيدة لا أعرف هل تم إستخدامها في أعمال أخرى؟ وبالتالي لا أعرف نماذج لها. ثم إنتهاءا بالتقرير الواضح بكل جمود بتصريح صادم من الراوي أن ما آتي هو تلخيص لما مضى.

وبرغم هذه العيب الكبير إلا أنه يجدر الإشادة بطريقة توظيف الكاتبة لهذه التقنيات السردية من أجل خدمة دلالات الخطاب الذي تريد إيصاله. وذلك من خلال إنتقال بؤرة / رؤية الأحداث من وجهة النظر الأولى والراوي المصاحب وضمير المتكلم إلى وجهة النظر الثالثة والراوي العليم وضمير الغائب. والمعنى المراد من ذلك الإنتقال هو إنتقال الوعي من الرؤية الصندوقية في (المذكرات) والتي تمثل عقل شخص واحد (رنا) إلى الرؤية خارج الصندوق بعد التحرر من القيود,والتي تمثل منظور الإله الذي يفترض أنه خارج نطاق أي سلطات / قيود.

إن التحول في إسلوب السرد يخدم الفكرة في أكثر من زاوية,

ثالثا الإسلوب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إسلوب المذكرات كان حميميا ومتماسكا و...,صفات تجعله أكثر ما برعت المؤلفة في كتابته حتى الآن بداية بنيكروفيليا ثم استرجعته لاحقا في شذرات من طغراء,وحاولت التخلي عنه مرة أخرى من أجل التجريب في أسفار النهايات. وحاولت جعله أكثر عمقا في ذئاب يلوستون وهي تروي مذكرات ذئب.