في المحبّة دائماً - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

في المحبّة دائماً

  نشر في 06 نونبر 2018 .

   كيف يكون الإنسان مقفلاً على ذاته وهو منفتح اليوم على العالم بفضل وسائل الإتصال المتاحة لكل صغير وكبير على هذه الأرض ، وبفضل سهولة التنقل في أرجاء المعمورة ! إنها إزدواجية تجعل من صاحبها مكمناً للبؤس والشقاء ، وإن تعلّل بالقول : أن مافي هذا العصر من قتل وتدمير وظلم وبطش يسلب من الإنسان صفاء نفسه وسلام روحه ، ويرديه فريسة للشناعة المستحكمة فيما حوله ، ويجعله غير قادر على المحبة والتعايش مع الآخرين . 

    مع العلم أنه مامن إنسان يعيش بمفرده في جزيرة معزولة أو صحراء فارغة ، إن المجتمعات البشرية في عصرنا هذا وليدة مدنيّة عريقة ، فهي قائمة على نظام مؤسساتي متشابك ، لا بد للإنسان من أن يكون عنصراً منتمياً إليه ، لذا لابد له من التعايش مع الآخرين ،لا بد من  تبادل الخدمات والمعلومات والأنشطة ....وفي ظل ضرورة هذا النظام التبادلي أليس جديراً به أن يعمر قلبه بالحب ، الحب الذي -وحده - يمكنه القضاء على الشناعة والظلم والفتك ، الحب الذي يستطيع مواجهة كل ذلك ، لا الكره والانزواء . 

     إن تاريخ البشرية مليء بالحروب والدماء والويلات ، ولا يكاد يختص بشعب دون غيره ، وهو أيضاً عامر بالحب والشعر والفنون والعمران ، بالحب استطاع الإنسان التخلص من قباحة الكراهية ، وبالحب استطاع أن يعمر الكون متعاوناً مع أخيه الإنسان ، فإن نحن تعلمنا أن نحب الآخرين نستطيع أن نتعلم ونكمل ما ينقصنا ، حتى وإن كانت تفاصيل صغيرة ، أوليست التغاصيل الصغيرة هي من يضفي إلى يومنا بعض الجمال !  أن نحب الآخرين الذين هم ( غيرنا ) أي المختلفين عننا في المعتقد أو العرق أو الشكل واللون أو الفكر .... لأننا جميعاً أبناء البشر ، أبناء الأرض ، منها أتينا وإليها نعود . 

   ما ألطف تلك السيدة العجوز التي صادفها الأديب نيكولاس كازنتزاكيس وهو في طريق رحلته الأولى في اليونان ، كانت السيدة راجعة من الكرم وفي يدها سلة مغطاة ، اقتربت منه  مبتسمة وكشفت الغطاء عن التين وقدمتها إليه قائلة ؛ تفضل كُل يا بني . فسألها الأديب مندهشاً : هل تعرفينني يا أماه ؟ 

أجابت : كلا . لكن أنت إنسان وأنا إنسان وهذا يكفي . 

       لقد أمر الله بحب الإنسان لأخيه الإنسان في كل الأديان ، وقد فضّل الإنسان على كافة مخلوقاته فمنحه العقل والوجدان ، ونهاه عن ظلم أخيه الإنسان ، وهذا هو الحب الخالص دون قيد أو شرط .  كما عند الفيلسوف الشيخ الأكبر محيي الدين ابن عربي : 

    لقد صار قلبي قابلاً كل صورة      فمرعى لغزلان ودير لرهبان 

    وبيت لأوثان وكعبة طائف          وألواح توراة ومصحف قرآن 

     أدين بدين الحب أنّى توجهت       ركائبه فالحب ديني وإيماني . 

   ( فليحب أحدكما الآخر ، ولكن لا تجعلا من الحيب قيداً ، بل اجعلاه بحراً متدفقاً بين شواطىء  أرواحكما . ) 


   هكذا أوصانا جبران خليل جبران . فلنكن كما يجب أن يكون أحفاده .    



                                         ------------------------------------------------



  • 1

  • خولة رمضان
    درست اللغة العربية وآدابها، عملت في الكتابة والنشر. نشرت المقال والبحث والقصة في عدد من المجلات والصحف العربية. مثل مجلة دراسات عربية والمعرفة والوحدة. ومن الصحف السفير والمستقبل والمدينة
   نشر في 06 نونبر 2018 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا