أنا والآخرون وأشياء أخرى. - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

أنا والآخرون وأشياء أخرى.

قصة قصيرة.

  نشر في 22 أكتوبر 2020  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

يسعدني أن أشارك قصتي الفائزة -  بالمركز الأول في مسابقة "قصص على الهواء" التابعة لمجلة العربي عدد مايو 2020 - مع رفاق المنصة ومديرين مقال كلاود الرائعين.

أنا والآخرون وأشياء أخرى..

تتوقف الأقدام عن الهرولة والأيادي عن التلويح، تهدأ الأصوات من كثرة الصراخ بلا طائل، و بينما تهرع عجلات السيارات بلا توقف وأقدام المارة دون مبالاة، تسقط الأنفاس المتعبة، تشرد روح صغيرة من بينهم، تغادر في صمت جنائزي، وتبقى بضاعتهم شاهدة على مر اللقمة.

نستظل أسفل شجرة نبق، تغمرنا بحفيفها وبما لذ وطاب، يغفو صاحبي محبطاً دون أن يعرض بضاعتنا، يمر بنا الناس بنظرات متسائلة، فراحوا يلقون بما تيسر لهم في يد صاحبي، وعندما استفاق فوجئ بتلك الجنيهات، نظر لي وراح يتلفّت مستغرباً ثم رمق السماء شاكراً الإله، تأمل إعاقته قليلا – التي لم يقصد أن يُظهرها – ثم تمتم ووجهه يتهلل فرحا: 

- فليكن هذا عملنا الجديد!

أحزن على تهميشه لي، حتى علب المناديل – رزقه القديم – أهملها حتى أصبحت بحاجة لمناديل تنظفها. 

كم حملتها له وتشاركنا في بيعها في أسوأ الظروف، لكن كل ذلك أصبح منسياً منذ حادثة الطفل المفجعة.

- لقد رأيت زوجتي اليوم واشمأزت منّي أكثر من ذي قبل!

قال صاحبي وهو يزعق ويركل في الأشياء، قدمه المصابة تؤلمه بشدة، فجلس وراح يخبئ وجه الباكي بين كفيه.

أراقب حجرتنا المتداعية وتلك الفوضى التي زادت من بشاعتها، هيئتي أيضا كانت متسخة وذابلة، أحاول ألا أراقبها، لكن المادة التي تكونت منها آخذه في التغير، وهو ما عاد يُبالي لشيء. 

 يوم جديد يمرٌ علينا لكن لا جديد فيه عدا أنه صحبني معه، نستقر أسفل شجرة النبق ذاتها، كان المكان مزدحماً فراحت الأيادي تمتد إلينا، ولوهلة امتقع وجه صاحبي، جذبني من يدي بشدة وغادر وهو ينادي على سيدة ما حتى توقفت، تأملته بازدراء ثم حوّلت نظرها إليّ في فضول، وفجأة صرخ فيها: 

- ليتني كنت تركتك لعجلات القطار !

لم يُمهلها وقتاً كي تستوعب صراخه وغضبه، غادرنا على الفور وظللنا نسير لأميال رغم إعاقته، ثقل جسده وتعبه تسربا إليّ، ولأول مرة شعرت أنني أصبحت عبئاً عليه.

نجلس أخيراً على رصيف ما، يتلفّت ولا يدري أين هو، المكان شبه خال، شخص ما مرّ بنا، رمقني في فضول قبل أن يتحدث عن كونه تائهاً وغريباً، ضحك صاحبي وبادله الكلام والشعور نفسيهما، فجلس الرجل بجوارنا وظلا يتسامران لدقائق، أما أنا فشعرت أنني ابتعد عن صاحبي حتى أصبحت ملاصقا لجسم الرجل، ولم تمر عدة دقائق حتى وجدتني أطير معه. 

وبجوار منزل قديم تفحصني وهو يلهث ثم راح يفتش فيّ بنَهم، أخرج كلّ ما كنت أحمله لصاحبي، بقايا أكل، سترة ومياه وبعض الجنيهات، صرخ الرجل غضباً ثم أمسك بي وقطعني، تكويني كان يهوي ومع ذلك لم تتهتك هيئتي ككل، كنت ثابتاً كقدم صاحبي المصابة.

لكن الرياح تهب عليّ قوية، فحملتني معها حيث الفضاء واللاشيء.

_ وهذا رابط مناقشة قصتي على إذاعة مونت كارلو الدولية https://cutt.us/slUxa

ولاء عطالله



   نشر في 22 أكتوبر 2020  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا