وحش الكهوف! | قصة قصيرة
لم يكن يشعر بالأعين التي تراقب حركته من كثب في انتظار الانقضاض!
نشر في 23 ماي 2023 وآخر تعديل بتاريخ 05 يوليوز 2023 .
في سباق مع الزمن للحاق بزوجته، هل سيتمكن من التغلب على الأخطار وإنقاذ حياتها؟ أم أنه سيقع فريسة سهلة للمخالب؟! فقط الوقت سيخبرنا في هذه الحكاية عن الحب والتضحية والشجاعة في مواجهة خطر لا يمكن تصوره!
في عالم من الخيال يُحكى أن:
في ظلام غابات الشمال، اتجه بسيارته القديمة نحو الممر الجبلي الضيق؛ فأوقفها في تردد قبل أن يقرر النزول متجها إلى فوهة الجبل، كانت خطواته المتثاقلة تنم عن خوف مبهم من المجهول، لم يكن يشعر بتلك الأعين التي تراقب حركته من كثب في انتظار الانقضاض!
أخذ يتحسس مسدسه المغروز في جانبه؛ فأحس ببرودة كالثلج دفعت يده بعيدا، سمع صوتا بالأعلى فنظر تجاهه مباشرة، فاتجهت أصوات مرعبة نحو عنقه المشرئب؛ فانزوى بجسده إلى جدار الكهف المليء بالثقوب، فاندفعت تلك الخفافيش إلى الخارج في أفواج كالجراد، تأمل ظلالها المتعاظمة فامتلكه شعور بالرعب شل حركته مؤقتا.
لحظات وساد السكون، والأعين تتطلع بنهم إلى تلك الفريسة الجديدة، وأصوات أنّات خافتة لإنسان يحاول الاستغاثة تخرج بانتظام، أطرق سمعه فهُيئ له شبح زوجته يناديه من بعيد، علم أنها بالداخل، تواعدا على الحياة معا في السراء والضراء، لم يكن الموت في سبيل إنقاذها كثيرا.
انبطح على الأرض وترك نفسه لمصيره المحتوم، لحظات واتجهت تلك الأعين إليه بعد أن أصدرت صرخة تخلع القلوب، رفع رأسه ليرى هذا الفم الذي يتجه إليه من السقف، لم يحتمل المنظر فنازعته غريزة البقاء وهو يقاوم تلك الأسنان التي أمسكت بجسده كالكلاليب، وجد جسده يرتفع في الهواء متجها إلى الداخل لمح زوجته من بعيد؛ فازدادت مقاومته شراسة بعد أن تأكد أنها على قيد الحياة.
شاهد الكائن الأسطوري الذي كان حديث المدينة، لم يكن يدرك أنهما سيكونان وجبة شهية لأولاده الصغار، أحس بلزوجة تسيل من جانبيه، فتذكر مسدسه وهو يرى نظرات زوجته تتابعه بحزن وفزع، نظر إليها في خضوع وهو يقترب من عش وحش الكهوف، وأفواه كالقبور تنفتح عن آخرها مصدرة صراخا حادا استعدادا لالتهامه.
ترك نفسه حتى اقترب من الأرض كثيرا، وزوجته تتوسل إليه بأعينها الدامعة، أغمضت عينيها لئلا تفجع بمنظره فيكون آخر عهدها به، فجأة سمعت صوت انطلاق الرصاص ففتحت عينيها لتجد زوجها مصوبا نحو رأس الوحش، وعنقه الطويل مُلقىََ أمام العش وحوله أفراخه الصغار.
-
أحمد جودةأضيء المساحة المظلمة في العقل بنور الوحي والمعرفة، لا أحب الاقتصار على تخصص واحد، لذة العلم لا تدانيها لذة، لكن العمر لا يكفي..