علي الرغم من الإختلاف الظاهري في منهجية وأسلوب "مبارك" وخليفته "السيسي" في التعامل وإتخاذ القرارات سواء علي نحو سياسي أو إقتصادي ؛ بمعني أنه في رأيي وأعتقد أنه في رأي الكثيرين أيضاً أن مبارك كان رجل سياسي إذا ما قورن بمن خلفه في الحكم متجاهلاً فترة المجلس العسكري ومرسي إلي حين ؛ فسياسة مبارك أعطت الحق للجماعة بالمشاركة في مجلس الشعب ومن ثم وصلت نسبة الحاصلين علي مقاعد مجلس الشعب في عام 2005 لما يقرب من 88 مقعداً أي حوالي 20% من المقاعد كاملة ، بالإضافة إلي دور مصر السياسي وقت حكم مبارك في حل النزاعات بين الدول العربية ولاسيما القضية الفلسطينية وإن كان يشبه كثيراً دور الشرطة المصرية في حل النزاعات أو حتي في أفلام السينما المصرية علي أقل تقدير ، فيما امتنع "السيسي" عن هذا الدور السياسي وفضَّل المصارحة علي السياسة وتَجَاهَلَ الإعلان عما لا يطيقه سراً ؛ فكانت أولي قراراته طبعاً بعد التفويض فض إعتصامي رابعة والنهضة وفض المسيرات والتظاهرات السلمية ، ومن ثم الإلقاء بالإخوان والمعارضين من كافة الفصائل والأحزاب اليسارية في السجون والمعتقلات بدلاً من الوصول لحل يمنع سفك الدماء أو تمكين مجلس رئاسي مدني مكون من كافة الطوائف والإتجاهات الفكرية المختلفة من إدارة شئون البلاد لحين إجراء إنتخابات رئاسية ، فضلاً عن الهيمنة علي وسائل الإعلام والصحافة وتضييق الخناق علي أصحاب الأقلام السياسية في ظل إنفتاح شديد إذا ما قورنت أيامنا الحالية بعصر مبارك ؛ فمبارك وإن كان يعطي حصة من المال للجرائد المعارضة للنظام وقتها أو كان يسمح للمعارضة بالحصول علي مقاعد في مجلس الشعب بالإتفاق المسبق بهدف خلق جو من الديمقراطية المزيفة إلا أنها في نظري كانت خطوة خلقت فكراً جديداً تشوبه الخيانة فضلاً عن تأثيره علي مجري ثورة يناير فيما بعد ، ناهيك عن دور الإعلام والذي استسلم له الكثير من المغيبين مؤخراً في إظهار كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس علي أنها العدو الأكبر أو الشيطان الأكبر في الشرق الأوسط متجاهلين عمداً عدونا الرئيسي المغتصب للأرض غافلين عن ما قدمه ومايقدمه القسام والفصائل العسكرية للدفاع عن أراضينا ، وأصبح الدور السياسي مقتصراً علي من يعطينا أكثر من المعونات الإقتصادية أو العسكرية ؛ فحفنة من الأموال تكفي للإستغناء عن أي شئ ولو كان يقتضي ذلك منك التنازل عن أرضٍ سبق وقد حارب واستُشهِد بسببها الكثير وما خفي كان أعظم ، إلا أنهما يتفقان في سياسة الظلم وإهدار الحقوق والمال العام والخصخصة بشتي أساليبها ناهيك عن سياسة التعذيب والإعتقال والقتل العمد ..

أما عن الدور الإقتصادي ، فقد شارك مبارك في حرب الخليج وهي بالفعل تعتبر بمثابة مشاركة ذكية تصب في صالح الإقتصاد المصري وإن لم تقترب من الصواب في عُرف العروبة وسياسة العائلة الواحدة - إن صح التعبير - فبشخطة قلمٍ ألغت أميركا ديون مصر البالغة 38 مليار دولار ، بينما أمر "السيسي" بحفر تفريعة جديدة لقناة السويس في فترة قصيرة جداً متجاهلاً آراء الخبراء والمحللين الإقتصاديين والتي تحول دون ذلك ..

وحتي لا يختلط الأمر علي من يترصد لي الأخطاء ويظن أنني أمدح في رئيس دون الآخر أو من يتوهم أنني أوافقه الرأي وأحن شوقاً إلي أيام مبارك ، فخلاصة القول : أن المبادئ لا تتجزأ عند المقارنة عموماً ، وفي حقيقة الأمر أن الواقع السياسي أو النهج الذي سار عليه "مبارك" طيلة حكمه كان يتسم بالديمقراطية في ظاهره ، والتفرد بالرأي والإستبداد والظلم في باطنه ، بينما جاء نهج "السيسي" - هذا وإن اعتبرناه نهجاً - مغايراً لكل المعايير ليمحو كل أساليب السياسة والمشورة - وإن كانت زائفة - ويحذو حذو "ترامب" و "كيم جونغ أون" فلا تتسم سياسته بالديمقراطية سواء كانت في ظاهرها أو باطنها ، بل علي النقيض تماماً ..

وإذا كنت قد اقتصرت علي ذكر بعض النقاط السياسية والإقتصادية وقت حكم مبارك دون الخوض أكثر فأكثر ، فمن المؤكد أن هذه قراءة سريعة ومقارنة بين أسلوب مبارك والسيسي إلي وقتنا هذا واعتمدت فيها علي ذكر ما يؤكد كلامي غير متجاهل الظلم وسياسات التعذيب والقتل الممنهج والخصخصة وإستنزاف أموال الشعب بل وتمكين رجال الأعمال منها والتي بدأت علي يد مبارك واستمرت إلي وقتنا هذا ..

وأري أنه إذا اختلف الأسلوب فالطريق واحد ، وصحيح أن " كل الطرق تؤدي إلي روما " لكن مع سياسة هؤلاء فكل الطرق تؤدي بنا إلي حافة الهاوية ..