قد يكون سر التوتر و القلق أو الإضطراب الدائم و الحزن المفرط الذين يعاني منه كثيرون الآن هو غياب معني العبودية..و أننا نلهث دائما في الجري وراء الدنيا و في الحصول علي نعيمها و كل ملذاتها فُنحْبط و قد يصيب اليأس ربوع قلوبنا إذا فقدنا شئ من هذا النعيم الزائف و الزائل ..و إن حصلنا علي شئ منها لا نشبع و كأننا نقول هل من مزيد؟! ..لا نكتفي و ننسي كل ما وصلنا إليه بمجرد الوصول إليه لأننا نكون في سعي جديد لما يبدد شعور التعود و الإعتياد و إن كان في أشياء تمنيناها حقاً.
لقد نسينا السبب الأساسي لوجدنا حتي أننا لا نعرف لماذا نحيا و لمّا خلقنا؟!
نحن نسعي لنعيش حياة تشبه حياة الناس فنصنع مثل ما يصنع الناس و نأكل مثل ما يأكل الناس و نلبس مثل ما يلبسو نمشي مع القطيع أينما يسير نسير معه و لا نعرف إذا كانت هذه هي الحياة التي أردناها حقاً أم لا؟!
إن الحياة التي يجب أن نحياها هي الحياة لله و بالله نحن ما وجدنا إلا لنعبد الله.. و ما أجمل أن تكون عبداً لله ..إن العز كله أنت تكون عبداً له و الذل كله أنت تكون عبداً لما سواه فأنت ذليل إذا اتبعت نفسك ..ذليل إذا اتبعت شهواتك ..ذليل إذا اتبعت الناس..ذليل إذا اتبعت شيطانك ..كل هذه الأصنام التي تحجبك عنه و تبعدك عن عِزه و نورهِ.
إن كنت عبداً له قمت بكل ما أمرك به فهل للعبد ألا يُرضِي مولاه؟! و هل للعبد أن يتبع هواه؟!
إن كنت عبداً له عرفت أن كل مَنْعِه عطاء.. و رأيت في ابتعاد الناس لذة قرب له ..و رأيت في المرض عافية و معافه و في الصحة منة من الرحمن .. و رأيت أن اختياره هو أحسن أختيار ..و رأيت في البلاء نعمة و في النعمة تفضل و إحسان ..و رأيت في الفقر عدم أشتغال بما قد يلهي و في الغني عطاء لمحتاج.
"فمن وجد الله ماذا فقد و من فقد الله ماذا وجد"
فإن أردت السكينة و الطمأنينة و ما تثبت به فؤادك فاذكر الله علي كل أحوالك و إن أردت النعيم في الدنيا و الآخرة فهو لذة الأنس بالله و القرب من الله .. فكن الله كما يريد يكن لك فوق ما تريد..و اترك ما للناس للناس..و لا تقلق من الدنيا ولا عليها فلك رب يدبرها..و لا تنشغل بالأسباب و انشغل بالمُسبب.
"فَلَيْتَكَ تَحْلُو وَالحَيَاةُ مَرِيرَةٌ ..وَلَيْتَكَ تَرْضَى وَالأَنَامُ غِضَابُ
وَلَيْتَ الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ عَامِرٌ.. وَبَيْنِي وَبَيْنَ العَالَمِينَ خَرَابُ
إِذَا صَحَّ مِنْكَ الوُدُّ فَالكُلُّ هَيِّنٌ.. وَكُلُّ الَّذِي فَوْقَ التُّرَابِ تُرَابُ"