المُهرّب
في زمن الشاه محمد رضا البهلوي لم يكن الوضع المعيشي في المحمرة وجميع مدننا العربية أفضل من الآن.
ولكن رغم حرمان الشعب من حقه في ثروة النفط الذي يستخرج من تحت أرجله، فرص العمل لم تكن شحيحة ...
في المحمرة مثلا، يعمل الناس في أراضيهم يزرعون ويحصدون، وهناك من لا يملك أرضا.
أهل جزيرة صلبوخ والمحرزي وشط العرب لديهم نخيل، وليس الجميع يملك نخيلا؛ ولذا قد يستعينون بعمالٍ وقت الثمرة يأتون من قرى الجراحي أو من المحمرة نفسها.
هناك من يعمل في الميناء، علما أن السفن كانت ترسو من جميع أنحاء العالم في ميناء المحمرة ما يستوجب استخدام أكثر من خمسة آلاف عامل فيه.
أما الذين كانوا يهاجرون إلى الكويت بحثا عن عمل يدر عليهم خيرا أوفر، فليسوا بقليلين.
وقد تجد من لا تعجبه هذه المهن فيعمل كشبه تاجر يشتري البضائع أو المواد الغذائية من العراق ليبيعها في المحمرة أو عبادان أو الفلاحية أو في مدننا الأخرى بعيدا عن أعين الشرطة.
وكان من بين هؤلاء رجل اسمه جاسر؛ يعبر جاسر صباحا إلى البصرة في غفلة من جنود الحدود مشيا على الأقدام فيشتري صرة شاي تزن ثلاثين كيلو غراما فيبيعها في سوق المحمرة ويكسب قوت يومه. وكان هذا ديدنه في كل يوم.
وذات يوم وعندما كان جندي من جنود الشاه يمشط الحدود، عثر عليه وهو راجع من البصرة يحمل صرته؛ فاعتقله بتهمة التهريب.
شرح جاسر حالته المزرية للجندي بلسان فارسي هزيل وأن عليه أن يعيل عائلة تتشكل من عشرة أشخاص من بيع هذه الصرة، ولكن الجندي لم يتنازل!
اقترح عليه جاسر أن يقاسمه الصرة مقابل الإفراج عنه، بيد أن الجندي ألح على اعتقاله!
أخرج جاسر وفي محاولة أخيرة مبلغا من المال ودسه في جيب الجندي؛ إنما الجندي كان مصرا على أن يجلبه إلى المخفر الحدودي!
وكانوا فيما قبل يشدون الصرة بعصا غليظة يبلغ طولها مترا ونصف المتر فيحملونها على الكتف الأيمن ويسيرون.
وبينما كان الجندي يسير خلف جاسر نحو المخفر، نزع جاسر الصرة في حركة سريعة من العصا وضرب الجندي على رأسه فطرحه أرضا؛ فاغتنم بندقيته وشال صرته ورجع ليتابع سيره.
31-7-2018
سعيد مقدم أبو شروق
الأهواز
-
سعيد مقدم أبو شروقسعيد مقدم أبو شروق مدرس فرع رياضيات أسكن في الأهواز أحب القراءة والكتابة، نشر لي كتاب قصص قصيرة جدا.