دعوة "القومية المصرية" - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

دعوة "القومية المصرية"

متاهة الباحثين عن الهوية المؤكدة

  نشر في 02 ديسمبر 2016  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .



ليست الدعوة للقومية المصرية فكرة جديدة وليس هناك ما يتطلب محاولة إثبات وجودها من عدمه فالقومية المصرية موجودة بالفعل و تفاصيلها متجذرة في كل ملامح الشخصية المصرية منذ آلاف السنين عبر تراكمات حضارية حددت قسمات تلك الشخصية التي تتمايز بشكل واضح عن مثيلاتها في دول الجوار أو ما يعرف بالمحيط العربي غير أن ما كان مطلوبا من المصريين عبر قرون طويلة هو إضمار تلك الهوية القومية تحت حكم إمبراطوريات سادت العالم في مراحل مختلفة9 من التاريخ و آخرها الإمبراطورية البريطانية التي رحلت عن مصر قبل مايزيد عن نصف قرن من الزمان ليحكم المصريون بلادهم لأول مرة في التاريخ منذ العصر الفرعوني ورغم ذلك كان على المصريين أن يخفوا هويتهم القومية مرة أخرى و هذه المرة تحت مظلة أكبر هي القومية العربية ..

كان الحماس للعروبة في الحقبة الناصرية حماسا يعبر بحق عن تأييد الأمة المصرية للمشروع العربي الذي يهدف إلى تحقيق نهضة شاملة للعرب جميعا تستعيد الأمجاد التاريخية التي جمعت شعوبهم معا وتعيد النصاب لأوضاع فرضها الاستعمار الغربي لسنوات طويلة .. كان حلم المصريين الرومانسي هو دولة عربية كبرى تضمهم مع الشعوب العربية وتمتد من المحيط الى الخليج لتستطيع الوقوف بكرامة و عزة أمام الغرب الذي إستباح البلاد العربية على مدار سنوات الاحتلال الطويلة ..

غير أن الجميع أدرك بعد ذلك أن هذا الحلم الكبير لم يكن سوى مجرد وهم أكبر فقد توالت الأحداث الصادمة للمصريين منذ فشل الوحدة مع سوريا مرورا بحرب يونيو 1967 و حتى إتفاقيات كامب ديفيد و ماتلاها من تعليق عضوية مصر في الجامعة العربية ثم عودتها مرة أخرى ثم سلسلة من الأحداث التي تلت ذلك و كان على مصر خلالها أن تتحمل تبعات دورها القيادي العربي التاريخي وكان على المصريين طوال تلك الحقبة أن يضعوا هويتهم المصرية في مرتبة أدنى من الغطاء العروبي الذي تهشم تقريبا تحت ضربات حروب و صراعات عربية عربية أصاب مصر منها ما أصابها ..

وبعد كل هذه التجارب العروبية المريرة باتت مصر كمحارب يصر على أن يخوض معركته ممسكا بدرع متآكل صدئ بينما إذا نظر تحت قدميه سيجد درعه الحقيقي الذي أثبتت الأيام و السنوات قوته و صلابته ذلك الدرع هو القومية المصرية التي يمكنها في هذه اللحظات التاريخية العصيبة أن تصنع الغطاء الأيديولوجي للمصريين مسلمين و أقباط بعد أن تهشم الغطاء العربي مفسحا المجال لتيارات التطرف الديني و مهددا بإنشقاق لم يسبق له مثيل بين المصريين أنفسهم و كل ما على المصريين الآن هو التقاط ذلك الدرع للذود عن مصر مثلما كان الحال منذ آلاف السنين ..فلا يعقل أن يخسر المصري شقيقه المصري في مقابل شعارات بالية عن الأخوة العربية .

وليكن واضحا أن الإنتماء إلى القومية المصرية لا يعني مطلقا أي نوع من العداء مع دول الجوار كما لا يعني التخلي عن الجزء العربي من الهوية المصرية بكل مكتسباته الحضارية لكنه يعني تحديدا وضع الأمور في نسقها الصحيح بأن تكون الأولوية للقومية المصرية و ليست العربية و أن لا تتعامل مصر مع دول المنطقة تحت مظلة قيم ومبادئ القومية العربية التي تتطلب عادة تضحيات و تنازلات تتعارض في احيان كثيرة مع المصالح الحقيقية للشعب المصري إنما التضحيات المصرية ينبغي أن تصب في المقام الأول في صالح مصر و أبنائها و مستقبلها ..

كما أن القومية العربية لا تعني أيضا التخلي عن فكرة التعاون الإقليمي مع الدول العربية أو تحقيق الوحدة الإقتصادية أو حتى الوحدة السياسية فالتعاون و تشابك المصالح بين الدول لا يتطلب الانتماء إلى قومية واحدة و النموذج الأوروبي حاليا خير برهان على أن تعدد القوميات و اللغات و الثقافات لم يقف حائلا أمام شعوبها في تحقيق الوحدة .

إن على المصريين الآن أن يجهروا بأعلى أصواتهم بأن قوميتهم هي المصرية..و أن يرفع كل مصري شعار " أفتخر بأني مصري " فلا ينبغي أن نخافت بنداء القومية المصرية أو نتردد أمام ما تبقى من حطام القومية العربية فكل ما علينا هو إزالة هذا الركام الذي يعوق مسيرتنا و أن نضع عبارة "القومية المصرية" في الموضع الذي تستحقه ضمن مواد الدستور المصري و في مناهج التدريس و عبر كل وسائل الإعلام وعلى جيران مصر أن يتقبلوا هذه الصيغة الواضحة في علاقتهم مع مصر كما يتقبلونها برحابة صدر مع بلدان إسلامية أخرى كتركيا و ايران و باكستان .

إن التحديد الواضح لهوية أي أمة هو البداية الحقيقية لنهضتها و إزدهارها أما ترك الباب مواربا بين العروبة و المصرية فإن ذلك يعرقل خطواتنا إلى الأمام و يلقي على المصريين أعباءا تفوق الاحتمال و تمنح التفوق لأعداء مصر على حدودها الشرقية كما كان الأمر عبر التاريخ .

ومن أجل إظهار هويتنا المصرية بوضوح علينا أن نعمل على تحقيق تواصل حقيقي مع جذورنا التاريخية عبر العصور.. فرعونية كانت أو قبطية أو إسلامية و ان نفخر بكل إنجازاتنا خلال كل تاريخنا دون إستثناء و دون أن نغلب عصرا على عصر وهو ما كان يحدث طوال سنوات مضت حتى أن كلمة فرعوني صارت تهمة و نوع من السباب يوجهه إلى المصريين بعض ما يُقال عنهم "أشقاء" .

كما أن التخلص من العباءة العربية المهترئة سيسمح لمصر ببناء شراكات و علاقات دولية أكثر جدوى في زمن لم تعد فيه المسافات حائلا بين توطيد العلاقات و تقوية الأواصر و الروابط وفي كل الأحوال سيظل التعامل مع الدول العربية له أهميته الاستراتيجية الكبرى لكن لابد أن يكون ذلك بناءا على قواعد العلاقات الدولية المتعارف عليها و التي لا تتضمن على الإطلاق تلك الشعارات العروبية البالية التي فقدت مضمونها و مغزاها بل وصارت و صرنا معها ومع دول المنطقة أضحوكة العالم أجمع .

وفي النهاية فإن الدعوة لتبني شعار القومية المصرية ليس دعوة لتأسيس حزب قومي مصري أو إتجاه سياسي معين لكنها دعوة لجميع التيارات و الإتجاهات في المجتمع المصري للجهر بهويتنا الحقيقية دون خجل أو مراعاة لشعور أحد أو حسابات لا تقدم ولا تؤخر وهي قبل كل شئ دعوة صريحة لكل مصري أن يكون مصريا قولا وفعلا .


  • 3

   نشر في 02 ديسمبر 2016  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

فكرة الهوية لا يمكن ان تكون مشروعاً، لأنها ببساطة مجرد ردة فعل نابع من احساس او شعور عاطفي مضلل، مع احترامي لوجهة نظرك طبعاً والتي لا أقلل منها، بل أؤكد على ضرورة أن يقومها ويصوبها مشروع وطني شامل، يحترم التعدد والتنوع بكل أشكاله، ودون ذلك فإن انتاج هوية أو إعادة انتاجها ستجرنا الى نفس المربع الأول.. الانحياز المتطرف للذات والرفض المطلق للآخر..
برجاء أن تقرأ مقالتي على الرابط أدناه.. ولك التحية
..
https://www.makalcloud.com/post/box3x38qm
0
لمست الوتر او اخرجت ماكان غارقا ف العمق فعلا اولا القوميه المصريه .....اولا واخيرا وبها نستطيع جمع علاقتنا مع الجميع احترامناوخوفنا وتماسكنا بقوميتنا وهويتنا هو الاول
1

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا