الإخراج الأخير لرواية (دخل ولم يخرج)

""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""

هيام فؤاد ضمرة

""""""""""""""""""""""""""""""""

جريمة بشعة انتهكت كافة المعايير الانسانية تلك التي تعرض لها الكاتب الصحفي جمال خاشقجي واهتز لبشاعتها العالم، خاصة أن تم مراجعة ولي العهد بعدما تبين وجود عناصر من حرسه الخاص بين ضباط فريق الاعدام الذي وصل اسطنبول وتوجه للقيام بالمهمة نحو قنصلية بلادهم وغادروا اسطنبول بعد أدائهم المهمة على عجل في نفس الطائرات الخاصة التي أتوا بها، وكان رده النفي بكل استهانة ولا مبالاة.

على أي وجه ستغلق عليه قضية المغدور جمال خاشقجي؟ خاصة فيما يتعلق في مسألة دور ولي عهد المملكة العربية السعودية، وكل المعطيات تؤكد تورطه في إعطاء أوامره إلى جهازه الأمني لإرسال فرقة إعدام على مستوى عسكري عال وبعدد كبير وصل إلى 15 عنصراً تعددت أدوارهم وتخصصاتهم إلى اسطنبول لتصفية جمال خاشقجي غدراً وغيلاً داخل جدران القنصلية السعودية في اسطنبول عند مراجعته القنصلية للحصول على أوراق معاملة تخصة؟

ففي كواليس السياسة تجري الآن محاولات حثيثة لتطويق الأزمة بعد انكشاف المتواري خلف الضباب مع توفر القرائن المؤكدة على ارتكاب جريمة بشعة خلف جدران القنصلية السعودية.. فهل سيقف ملك البلاد في الشقيقة السعودية مكتوف الأيدي أمام ما يمارسه ولده بقرارات منفردة ويضعه في بؤرة المسؤولية في تصفية مواطن سعودي بصورة بشعة على أرض دولة أخرى صاحبة سيادة، فيما هذا المواطن الذي يؤكد الجميع أنه لا يشكل أي خطر على الأسرة الحاكمة ولا على المملكة؟.. فهل سيُعامل ولي العهد معاملة المتسبب بالموت لمواطن سعودي والمحرض على القتل قانونا حسب الشريعة الاسلامية كبقية الناس؟ أم سيجدون له مخرجا من الحلقة الضيقة التي وجد نفسه داخلها؟

ما دور القنصل محمد العتيبي في هذه الجريمة؟.. ثم ما دور السفير السعودي في أنقرة وليد الخريجي فهل يعقل أن يتصرف القنصل دون الايعاز من السفير الذي يعلوه وظيفياً؟..

ففي كواليس السياسة الآن تجري محاولات ومداولات للتضحية بفريق كبير من شركاء الجريمة لإبعاد ولي العهد عن دائرة الاتهام بعد أن تصاعدت الأحداث وخرجت عن السيطرة ولم يعد الإنكار يفيد بعد أن تكشفت كافة الحلقات التي كانت غائبة عن الذهون والعيون، وبات الأمر مربكا للقيادة السعودية التي باتت مهددة داخلياً وخارجياً، وصار لزاماً عليها أن تنفق الكثير من الأموال وتقدم أكثر من الامتيازات والتنازلات لأسترضاء أسرة خاشقجي المنكوبة واغلاق الكثير من الأفواه على أمل انقاذ الموقف، واسترضاء تركيا وضخ الكثير من الأموال والاستثمارات المالية والاقتصادية إليها، وستتأثر الكثير من المواقف السياسية والخلافات التي كانت دائرة في منطقة الجزيرة وخارجها لتطويق الأزمة ولتخفيف الضغط على المملكة، والمحاولة الحثيثة لانشاء علاقات ودية جديدة مع المعنيين بالمساعدة لتطويق المشكلة الكبرى فقد بات لقتل الصحفي خاشقجي والتمثيل بجثته فضل كبير في احداث التغيير في التعاملات الراكدة وتغيير المواقف المتحجرة وربما ستؤدي إلى تحقيق الاصلاحات التي كان خاشجي نفسه يطالب بها إذا ما وجدت جانباً من المعنيين يدفع بهذا الاتجاه مستغلاً الظروف.

ما الذي يحدث في دولة الجوار الجنوبي؟ وبأي عقلية يفكر ولي عهدها وعلى أي النظريات يتكئ في اتخاذ قراراته الخطيرة؟ ولماذا تم حظر حركة كل الذين شاركوا في الجريمة البشعة تخوفا من تسريب أسرارها؟ وعلى ماذا ستنتهي الإقامة الجبرية على السفير السعودي وسواه؟.. فهل سيكون السفير السعودي والمشتبه به صلاح الطبيقي أول المضحى بهم بالإضافة لأفراد آخرين لهم ثقل أمني محسوب؟ فصلاح الطبيقي هو مدير الطب الشرعي في السعودية، وهو من قام بمهمة تقطيع جثة المغدور على أنغام الموسيقى حسب طلبه، فبأي شكل مرعب هذا الذي لا تأنف نفسه من تقطيع انسان بشري على صوت الموسيقى، والعملية برمتها جرت أمام أعين القنصل وكامل فريق الإعدام الخمسة عشرة، فهم نفسهم القتلة المارقون المأمورون بارتكاب أفظع جريمة وأكثرها تجنياً.

فجميع الأشخاص الذين كانوا في فريق الإعدام لتصفية المغدور باتوا معروفي الهوية وصورهم ملأت الصحف والمواقع الالكترونية وصفحات الفيس بوك، وبعضهم ضباط أمن وعملاء استخبارات ومن حراس الديوان الملكي وضباط جيش وموظفون حكوميون.. فماهر عبد العزيز مترب كان دبلوماسيا في السفارة السعودية في بريطانيا وحارسا شخصيا لمحمد بن سلمان، وعبد العزيز الحساوي هو ضابط استخبارات مرافق لمحمد بن سلمان، وثائر غالب الحربي تم ترقيتة لبسالته في أعقاب محاولة اقتحام القصر الملكي.

كل تلك البينات والقرائن كان من السهل الحصول عليها من قبل الجهات الأمنية التركية التي سربت المعلومات بأسلوب التقطير جزءً فجزء وطال بها الأمد قبل أن تفترش كامل المعلومات للعامة، وأجزم أنّ كل المعلومات بما فيها العثور على بقية أشلاء خاشقجي تحقق في وقت مبكر جداً من وقت الإعلان عن النتائج، إنما لأنّ أصابع الاتهام كانت تشير نحو شخصية سياسية كبيرة اقتضى الأمر ايجاد مخرج بأي طريقة يوافق عليه كافة الأطراف دون أن تهتز العلاقات السياسية والاقتصادية.. فهل تذهب روح المغدور هباءاً منثوراً وتأتي الحلول على حساب القضية الغريبة؟