فلسطين وهي كأس العلقم الذي نتجرعه عند ذكرها، ويتجرعه كل من يدرك لهذا الاسم معناه، ولكن ماذا تبقى من حيلة لدى ذلك العربي المسكين سوى الهتافات الصاخبة والتي تتلاشى مع مرور الأيام.
أما فلسطين ذاتها فهي تلك القامة الشامخة والتي تصفع كبريائها رياح العدوان اليهودي، وتنخر في جسدها الممتد عراقة دودة الزمان، محاولة قتل ذكراها في الذاكرة.
- ذاكرة العرب و المسلمين -
نعم، لا يدرك معنى هذا الاسم إلا الذي يدرك حجم الكارثة، الذي يدرك معنى ضياع الأرض، معنى غياب الهوية، معنى الحياة السم في بلاد الآخرين.
يصرخ محمود درويش فجأة:
(كم كنت وحدك
كم كنت وحدك يا ابن أمي
يا ابن أكثر من أب كم كنت وحدك...)
فيطرق العربي المكتوف اليدين رأسه خجلا، فماذا عنك يا صديقي الحاكم؟ يا صاحب السلطة و القرار؟ أين تولي وجهك من صدى كلمات درويش؟
آهٍ... يا محمود درويش، جعلتني أتمنى أن أعيش فلسطينيا ولو لساعة واحدة؛ كي أتنفس هواء نقيا ولو لساعة واحدة، كي أنجو من هذا الهواء المر الذي يخنقني، الذي يقتلني على مهل... ولو لساعة واحدة!
هل هناك متسع من الوقت للبكاء يا ترى؟
أم الوقت حان للإنتصاب من جديد؟
آمنا بأننا خير أمة أخرجت للناس، وآمنا كذلك أننا في فترة ما - من الزمان - رغنا عن الصراط القويم.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه ولا يجد الإجابة هو: لماذا لا نزال قابعين في الحضيض بعد؟!
من ذلك الزمان إلى الآن ونحن كالجسم المحموم الذي يتنهد على فراش الموت،
فلا موت يريحه ولا إرادة تنشله.
هل هناك خلل ما؟ أم يجب إعادة قراءة التاريخ مرة ثانية؟
.....
الإثنين
21ربيع الأول 1436هـ
12/يناير/ 2015
---------
كتبه: سالم بن محمد الرحبي