أقوى من الفولاذ .......خيوط العنكبوت أين الوَهَن إذن؟! - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

أقوى من الفولاذ .......خيوط العنكبوت أين الوَهَن إذن؟!

  نشر في 27 غشت 2021 .

قد يبدو العنوان صادماً لدى البعض ، ولكنه حقيقة علمية أثبتها العلم الحديث،  وبمجرد اكتشافها وجّه يدّه الطاعنة إلى التشكيك في صحة القرآن الكريم وإنتساب العديد من أوجه الزلل والخلل في سياقه ومضمونه.

لقد ذكر الله سبحانه و تعالى في سورة العنكبوت في الآية الواحدة والأربعين :

《 مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون 》

يحاول المتشككون والمتنطعون الذين تمتد أيديهم إلى القرآن الكريم من أجل تصيّد بعض الآيات زاعمين بها أن بها تعارضاً واختلافاً بين صحة آياته وعدم توافقها مع التطور العلمي الحديث واكتشافاته البالغة الدقة .

إن الردّ على تلك المطاعن يتمثل في تفنيد تلك الآية وتحليلها حتى يتضح من سياق ذلك مدى زعم تلك الإدعاءات .

* ذكر الله سبحانه وتعالى العنكبوت في صياغة مفردة :

لقد تم ذكر العديد من الحشرات والحيوانات في القرآن الكريم في صياغة جمعية ، مثل النمل والنحل وغيرها . إلا أنه ها هنا في تلك الآية ذكر العنكبوت بلفظ مفرد ، وهذا يتفق مع سياق العلم  الذي أثبت أن العنكبوت حيوان يحيا حياة فردية غير إجتماعية،  على عكس النمل أو النحل ، اللذان يحيان في بيئة أُسرية جماعية تحمل العديد من أواصر الودّ والرحمة والتعاون والتكاتف ضد براثن أي هجوم أو التعرض لأي ضرر .

* ذكر الله كلمة " اتخذت" مع لفظ العنكبوت :

عندما ذكر الله العنكبوت لكي يضرب به مثلاً ، جاء مع كلمة العنكبوت بلفظ "إتخذت" الذي يتوافق مع المذكر ، وتلك أحد المطاعن الأخرى التي وجّهت إلى القرآن الكريم.

إن العلم الحديث أثبت أن الأنثى هي التي تتكفل ببناء البيت الذي يجمعها مع ذَكَرها ، وذلك حتى يتم التخصيب . لذا نجدها عاكفة على نسج خيوطة وغزل وجمع شباكه ، حتى يتم التلقيح وتحدث عملية التزاوج .

وهنا يتضح أن القرآن الكريم جاء متوافقاً أيضاً مع العلم، وأنه ليس هناك ثمة أي تعارض بين مذكر كلمة العنكبوت المؤنث كلمة إتخذت.

* أوهن البيوت لبيت العنكبوت :

إن الله عزّ وجلّ في عُلاه عندما ذكر لفظ الوهن ذكره في بيت العنكبوت ولم تتعد الإشارة أو اشتملت على خيوط العنكبوت إطلاقاً .

إن هنا ملاحظة هامة ينبغي الوقوف عليها مَليّاً ، حتى يتم الرد على حقيقة ذلك الزعم المتمثل في السؤال أين الوهن ؟؟ .

إن خيوط العنكبوت طبقاً لإكتشافات العلم الحديث هي أقوى من الفولاذ ، رغم شدة صلابة الفولاذ وقوته ، ورغم المادة البروتينية التي تتصف بها خيوط العنكبوت الحريرية . إلا أنه يسمى بالفولاذ الحيوي أو الفولاذ البيولوجي ، وذلك لأنه يتحمل قوة ضغط أقوى من الفولاذ،  فإذا تم إجتماع خيوط للعنكبوت في سُمك أصبع الإنسان يصبح ذلك الخيط أقوى من الفولاذ عشرون مرة ، كما أنه غير قابل للذوبان في الماء ، على الرغم من أن خيوطها الحريرية بها مكون رئيسي وهو الماء،وذلك هو الإعجاز ، حيث كيف لا يذوب مكون مصنوع من الماء في سائل مماثل له .

إن هناك العديد من الأغراض والإستخدامات التي ينتفع بها من خيوط العنكبوت . حيث يمكن إستخدامها في الخيوط العلاجية أو الدروع الوقائية من أجل الحماية . إلا أنه نظراً لقلة الخيوط المنتجة أثناء نسجها وكذلك نظراً لحياتها الفردية غير الجماعية ، لذا فيصعب الإستفادة منها وتكوين مزارع خاصة بها لإستخدامها في أوجه الصناعات المتعددة.

نلاحظ مما سبق أن خيوط العنكبوت هي التي إتصفت بالقوة والصلابة والمتانة وشدة التحمل وشدة الضغط ، وهو ما أثبته العلم الحديث . إلا أن القرآن الكريم عندما ذكر العنكبوت ذكر بيته ولم يذكر خيوطه .

إن الوهن أو الضعف في بيت العنكبوت يكمن في ناحيتين ألا وهما :

- من حيث الناحية المادية : فإن بيت العنكبوت يتسم بالفراغات المتعددة به والخيوط المتباعدة عن بعضها البعض ، فهو لا يقي من حرارة شمس أو برد شتاء ، أو يحمي من هطول أمطار ، فإن من يحتمي به كأنما يحتمي بالعراء .  كما أنه يعد شباكاً لإصطياد العديد من الفرائس عن طريق إذابة أعضاء تلك الفرائس الداخلية وإمتصاصها .

- أما من الناحية المعنوية : فإن أنثى العنكبوت هي التي تنسج خيوط بيتها ، وبعد إختيارها الذكر لإتمام عملية التلقيح والتخصيب يتم التخلص منه عن طريق طرده خارج البيت أو إفتراسها إياه في بعض الأحيان ، وعند إكتمال نضوج بيضها وفقسه قد تتخلص منه أيضاً ، وإذا لم يتم التخلص منه فإن فقس البيض الناتج يجد نفسه في مكان مزدحم بالكثير ، فيبدأ في إلتهام من يحيطون به ويزاحمونه،  حتى يصبح البقاء للأقوى، وغالباً يكون النشاط الأخير بعد خروج البيض من الكيس الحريري هو إلتهام الأم والقضاء عليها ، لأنها أصبحت في حالة ضعف وإجهاد .  

وهكذا . فعندما ضرب الله مثل بيت العنكبوت كمثل الذين جعلوا له أنداداً وشركاء من دونه يلتمسون منهم النصر والقوة والعزّة . فإن الله يكشف لهم أن تلك الأنداد ما هي إلا أوثاناً واهية وواهنة ضعيفة اختلقتموها لأنفسكم ، كأنما تبغون القوة من الضعف كمن يستجير من الرمضاء بالنار ، وتغافلتم بذلك عن الله العزيز الحكيم خالق الأرض وممهّدها وجاعل السماء بلا عمد وخالق الإنسان فأحسن تقويمه وخالق كل شئ فأبدع صنعه وهو الذي يقول للشئ كُن فيكون .  

لهذا ضرب المثل ببيت العنكبوت من حيث غرابة سلوكياته وفساد أخلاقه وضياع أواصر المودة والرحمة بين أفراد عائلته،  وكذلك حبه للحياة متفرداً دون جماعة . لذا فإن كل مقومات الضعف والوهن والخلل والعيب لابد من إصطباغها به وإياه وليس بخيوطه  .


بقلم / دكتورة فاتن ناظر  



   نشر في 27 غشت 2021 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا