بين "احلم معايا ببكرة جاي ولو مجاش احنا نجيبه بنفسنا " وصولا إلى "أملنا يا وطن خلصان " ترتسم صورة جيل كهلٍ بعمر العشرين ، جيلٌ بفجيعة دهور ،جيل ٌ بعمر أمة ..
تتبعثر خيوط الأحداث وتلتقي أخيرا لتنسج حكاية جيلٍ تستعصي على السرد وتصعب على الفهم وتحتاج أكثر من كتاب وأطول من عمر لنسردها ونستوعبها ..
أعوام عديدة انقضت ،بعضهم كان يجلس على يد شيوخ يستمع اليهم ينتقلون معه من الفروض والواجبات وغض البصر حتى القدس ،فلسطين فلسطين يا ولدي قبلتنا ووجهتنا ،فلسطين التي سيحررها جيلك عندما يكبر !! يضع كثيرون صور الأقصى على حوائطه ،يتطلع إليه بشغف ،
لم نكن نعي أن الأمر أعقد من ذلك بكثيـــر ،وأن الطريق اليها ليس مخضبا بالدماء ،وأن لبيك ليست بجعل جماجمنا سلما ،الأمر أعقد !!
يتكوم آخرون على إحدى المقاهي ،يحوقل بعضهم أسفا على حال البلاد والعباد ،يتساءل شبابٌ من أين يبدأ الطريق ،يغلف همومه برمية زهر يصيح بعدها زهوا بانتصاره !!
ها نحن جميعا متراصون كبنيان قوي ،لا يصدق الرائي كيف لصغار لم يفقهوا عن الحياة بعد أن يكونوا بهكذا ثبات ويقين بشيء مشكوك به أصلا ،صولات وجولات جيل يصوغ سطورا وقعها مختلف على التاريخ والزمن ،تتناثر الدماء وتتشابك معها الأيدي ويتلاقى اليقين بأن التغيير يبدأ وسيبدأ دوما من هنا !!
يجلس البعض إلى قاداتهم يستعمون إلى تعليماتهم ،فهم أكثر حكمة ومعرفة بالشؤون والصالح العام ،نفعل كذا ولا نفعل كذا ،تنظيمات لم تعط مساحة لقيادة الشباب فقد كانوا وما زالوا العساكر المطيعين ،المبادرون دوما إلى ساحات العمل ،الشباب المشبع بأفكار الخلافة والأمة وأن الطريق يبدأ من هنا ،ها هم ذي الشباب تصدح حناجرهم بالهتاف والصراخ أيضا ،فذاك فقد صديقه وآخر أصيب وغيره ولج سجونا كالمقابر كأنما دفن حيا ،لكنك بالناهية ما عليك سوى سماع الأوامر والإقتناع بأن ما يراه الأكبر أصلح ،أصلح للتنفيذ وأصلح لتحقيق الغاية ،عليك أن تسلم به وتطبقه بحذافيره ..
تتَشتت الأصوات ويغيب القائد وتتعقد الأمور في ربوع الأرض ،يقف جيلُ آمن بالمحال دفقة واحدة ليتزعزع على غرة أيضا ،ما الذي حدث ..
نحن الذين خرجنا لتتغير عالم بأسره وعُدنا بخفي حنين ،نحن الذين لم يعول الكبار علينا شباب طائش ،فغر فاه بعدها حين رأى ما فعله صبية من وجهة نظره ،لم تترك مساحة لهم لإكمال ما بدأوه ،تشققت القيادات ووجدنا أنفسنا داخل سياج عالم أعقد مما علموننا ،وأن الطريق لا يبدأ بالدماء ولن تحسمه الدماء ،العالم اوسع من أحلام ميدان لم يكن ناضجا وقتها ولم ينضج ..
ها نحن نلملم الشتات من هنا وهنا ،جيلُ ربيع ظن أن الشمس ستشرق بعده فازدادت ظلمة واحتلاكا ،لم يخبره الكبار بأن الإنتصارات الكبيرة والأحلام العملاقة لا تأتي بالطرق السهلة ولا تتحقق في أيام قليلة أو حتى بضع أعوام ،الموضوع أكثر تشعبا وتعقيدا ..
يسرد بعضهم تخبطات جيل وتساؤلاته التي نبتت في أوج حماسه واقدامه "يا عالمي يا أيها الوجع المسافر في دمي" تعود احلام الأمة الأشمل التي تحمل جراحات سوريا وفلسطين واليمن والعراق وحتى أفغانستان ،نحمل في صدورنا فتات آمالٍ لازالت قائمة وإن تبلورت وفُهمت بصورة أعمق ..يذكر شيخ : الأمة يا ولدي الأمة ،يجيب لقد فهمناها واستوعبنها كخالد زامن وقت الخلافة الأولى حتى ميادين الثورة القاصرة ..
-
Heba Hamdyالكتابة صرخة ،نطلقها بعد أن تروض الحياة أحبالنا الصوتية على الصراخ المكتوم ...
التعليقات
https://rwaealfekr.blogspot.com/2019/11/blog-post.html