تطاردني وتلاحقني في أحلامي وحين أفيق وأعود لواقعي أعتزل وأجلس في فقاعتي وأبتعد عنك ..
جميعنا نهرب من احتياجاتنا، نخاف من الضعف ومن الفقد بعد التعلق، نأمل في النجاة بالبحث عن الأفضل بعيدا عن أماننا، ثم نعود خائبين نبحث شاردين عن عيونهم لنهدأ.
هل رأيت الطفل المنمق الصغير باسم الثغر الذي ترك يد أمه بعنف وجري وكانت ضحكته مدوية؟
لقد وجدته حين ابتعد قليلا حائرا دامعا ويبحث عن أسره مجددا ..
المراهقة التي أعلنت في خطبة طويلة عن حقها في نيل حريتها كاملة، وبأنها خرجت عن الطوق وأصبح من حقها أن تكون المسؤولة الأولى والأخيرة عن قراراتها .. تمالكت نفسها أمامهم جميعا ولكنها في النهاية احتمت بأبيها خائفة .
وأنت يا سيدي صحت على مدار عقود عن حاجتك للحب ولشريك للدرب، وبأن كل شيء سيكون على ما يرام حين تأتي هي .. ثم حين رأيتها تنظر وتبتسم اليك جبنت وابتعدت ولعنت الظروف التي حالت بينك وبينها والظروف بريئة من اتهاماتك.
وهي التي كانت تنكر كل أشعار وكلمات الحب، ولطالما سخرت مع صديقاتها على الأفلام الساذجة التي لعبت بعقول الفتيات، وحين أيقنت أن عيناك شباك لا مفر لها منهم ارتدت سريعا عباءة القوة واللامبالاة.
جميعنا أغبياء، كل الشعارات الرنانة التي لا يكف اللسان عن ترديدها فارغة، ولكن لسخرية القدر المادية التي تحيط بنا لم تؤثر على روحنا بعد وأكتفت بتجاعيد وجهنا..
أرهقنا من الزحام، وأصابنا الصمم من أصوات أفكارنا العالية، تغير العالم السريع أصبح يرهقنا ومللنا من التأقلم، عالمنا وردي جميل ولكنه سجين عقلنا فقط، الواقع مريب ويفوق قدرتنا على التفسير، الأمان أصبح يقتصر على كلمات الأغاني فقط، المجازفة لم نعد نقدر على تبعاتها، ولذلك اكتفينا ووجدنا أن عالمنا يحمينا بالقدر الكافي ويجعلنا نستمر.
الزحام شديد، الهواء يقل، وأصوات الشجار تتصاعد ..
ابتعد وعد لفقاعتك، عالمك الذي ترسمه لنفسك قبل النوم ويتحقق فيه كل آمالك، والأفراد الذين يشاركوك حين تكون وحيد مرهق..
(وأفظع ما في الخيال أنك تستفيق منه على الحقيقة المرة)
كل موقف خانك فيه التعبير، كل نظرة تمنيت أن تطول، كل لمسة لم تحدث، كل كلام لم يقال، كل دمعة تمالكت فيها نفسك وأصابتك بالخنقة، كل هذا حدث لأن عالمهم مريب.
هل فقاعتنا مرض ؟! أم هي وسيلة لتبقينا قادرين على الاستمرار ..
هل فقاعتنا أسهل من الاعتراف بنقصنا ومن عدم قدرتنا على التغيير ؟
هل الانعزال والحديث بسخط وضيق فقط لكي لا نبرز للجميع عجزنا وضعفنا !
هل وحدتنا بسبب مثاليتنا الكاذبة ؟
أم نهرب لأننا نهاب رؤية أن الجانب المظلم سيظل مظلما بهم أو بدونهم وأن الواقع لا مفر منه ..
لا أعلم حتى الآن لماذا لم نستطع أن نتقبل أن كل شيء لن يكون على ما يرام!
اذا كانت فقاعتنا واقع، واذا كنا نعيش في مدينتنا الفاضلة، ولو تحقق كل ما نحلم به، وان ابتسم الجميع في وجهنا صباحا، ماذا سنجد في حياتنا الأخرى!
بعيدا عن زحمة الأفكار وعدم ترابطها، اعترف يا سيدي بأنني عنيدة مغفلة ساذجة واهوى تعقيد الأمور وأخاف أن يسير كل شيء بهدوء، كما قلت لي من قبل في أحد نقاشاتنا القليلة.
التعليقات
هل تحبني ؟
هل يستحق الأمر هذا العناء ؟
هل سيقبلونني في هذه الوظيفة ؟
هل أستطيع أن أدير عملاً خاصاً بي ؟
و غيرها من المخاوف التي نقيّد أنفسنا بها حتى تغرقنا .
شخصياً حتى أتغلّب على هذه المخاوف أحاول أن أتخذ قراراتي بسرعة و حزم , حتى إن جاءت متسرعة و خاطئة بعض الأحيان , لكن قرار خاطئ أتعلّم منه أفضل من لا قرار لن أستفيد منه شيئاً بل سيزيد خوفي و يفوّت علي فرصاً ربما لن تعوّض .
بداية موفقة , و في إنتظار كتاباتك القادمة .