(وأهل نجد كانوا قبل هذه الدعوة قد بعدوا كل البعد عن تعاليم الاسلام وتردوا في هاوية سحقية من الشرك والضلال فعادوا الى ما كانوا عليه مشركو الجاهلية الأولى قبل البعثة من التعلق على غير الله من الأولياء والصالحين وغيرهم من الأوثان والأصنام ، وبهذا يعلم أنما كان عليه أهل نجد قبل ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب من عبادة الأوثان دين شرك باطل) الشيخ عبدالرحمن بن عبداللطيف آل الشيخ.

منذ نعومة أظافري ودخولي للمدرسة وأنا أتلقى الدروس الدينية المكثفة فكانت هي من أولوياتنا داخل المدرسة وخارجها وكتب الرياضيات والعلوم بمثابة الدرجة الثانية في التعليم فكان كل جهدنا على دراسة الفقه والحديث والقرآن وبالآخص كتاب التوحيد (الذي هو حق الله على العبيد) للشيخ محمد بن عبدالوهابهذه العبارة تكتب لنا في الصفحة الأولى في جميع مراحلنا الدراسية حتى باتت جزء من حياتنا ولكن لم نتسائل يوماً من الأيام من هو الذي جعله حق الله علينا ! ببساطة لم يكن لنا حق المناقشة سوى تعلم ما بداخل الكتاب والتلقين من أساتذتنا في المدرسة ولكن كان لنا الحق في السؤال عن ماهية المؤلف ،وهذا تاريخ آخر يدرس لنا في مادة التاريخ في جميع المراحل الدراسية حتى حفظناها عن ظهر قلب واعتقدت شخصياً أنه بمثابة الصحابة الكرام رضوان الله عليهم فآراه وأفكاره هي مانمشي عليها وهي صباحنا ومساؤنا فهي شبه مقدسة لا نستطيع مخالفتها ، و عندما انتهيت من مراحلي الدراسية وانفتحت على الدراسة الجامعية التي تبيح لك البحث أولاً ثم التعليم اختلطت بأناس من مذاهب وأفكار دينية وسياسية مختلفة يرفض البعض مذهب الشيخ بكونه (متشدد) لكن من واجبي أن أدافع عنه لأنه معلمي الذي تربيت على كتبه وأفكاره وكنت أرفض أي مناقشة تسئ أو تراجع أفكاري ليس تشدداً مني ولكن كيف أرفض حليب أمي وأقول أنه لونه أحمر أو طعمه مر ، ليس لدي يد فيه وعيت عليه ولم أجد بديلاً له ، غير هذا مع الاعلام التقليدي أو الاجتماعي الحر أسمع كثير لفظ (الوهابية) المتطرفون أو الرجعيون اللفظ الذي اشتق منه اسم ابن عبدالوهاب بالرغم من كتابتي لهذا اللفظ فأنا لا أستسيغه بسبب أنه مشتق من كلمة الوهاب وهو من أسماء الله الحسنى ، وأنا على علم بأن من يخالف الشيخ يطلقون هذا اللفظ على أتباعه ولم يقصدوا اساءة الى أسماء الله الحسنى ، فهم من رفضهم لهذا الفكر أو المذهب يطلقون أي اسم لتجميع أتباعه في بوتقة واحدة ، لكن لماذا هذا الرفض من جانبهم ؟ هل فتاويه وآراه أتت من بنات أفكاره أم أنها اقتبسها من القرآن الكريم والسنة النبوية وآراء السلف الصالح ومن قبلهم الصحابة الكرام رضوان الله عليهم ؟ واذا بعض فتاويه قاسية فانها أتت من بيئة الصحراء التي لا تعرف الا القسوة والجفاف ، فهو لم يأتي بشي غريب أو جديد في الدين فكانت رسالته هي انكار المنكر الذي وجده في الجزيرة العربية و رفض مظاهر الشرك والبدع واتجاه الناس الى الاستغاثة بقبور الصحابة والأولياء الصالحين الذي لا يملكون لنفسهم مقدار ذرة تنفعهم وعبادة الأوثان ، وإزالة القباب على القبور وتنفيذ الحدود التي تساهل الناس في تطبيقها و رفع ظلم عن الناس من حكامهم الطواغيت ،والعودة الى حياة السلف الصالح ، وهذه كانت جل رسالته اذ لم يبدع في الدين كما فعل الصوفية الذين حاربوا دعوته في بدايتها.

سنجد من يخالفه وينكر عليه فهذه سنة البشر الموافقة والمعارضة ، فكنا نسمع أن أتباعه هم الفرقة الناجية يوم القيامة وأن مخالفيه هم الطاغية و سمعنا أن أتباعه متشددون متعطشون للدماء وهذه مما عرفته من غزواته كما كانوا يطلقونها على حروبهم والكثير الكثير من المعارضة الفقهية والفكرية والسياسية للشيخ وأتباعه ، لكن نحن لا نملك غيره حتى في زمن البحث وحرية التفكير والاعتقاد صعب أن تسلخ جلدك وتعيد ترميمه فهذا ما وجدناه منذ طفولتنا وأكرر حتى لو شربت حليب أفضل من فطام والدتي سيبقى هو من نشأت عليه ويسري في عروقي حتى مماتي.