" براجماتيّة .. بنيوية .. شيفونية .. برجوازية ... "
إنتشرت في الآونه الأخيرة الكثير من الكتابات على مواقع التواصل الإجتماعي و في الجرائد التي تحوى كثيراً من المصطلحات الفلسفية التي رغم قِدَم نشأة معظمها إلا أنها لم تنتشر في عالمنا العربي سوى في وقتنا الحالي بسبب ما يحدث في منطقتنا من صراعات و ثورات , و للأسف فإن معظم هذه الكتابات تكون مليئة بالغموض و الألفاظ المُعقدة – دون أن يذكر الكاتب معناها – و إستخدام مُفرِط للمصطلحات الفلسفية دون حاجة بالإضافة إلى وسوم (هاشتاج ) في نهاية المقال مثل (#عَبَث , #عُمق ) مما يجعل هذه الكتابات مثل الوجبة الدسمة صعبة الهضم .
يظن بعض أصحاب هذه الكتابات أنهم بذلك ينشرون الثقافة في المجتمع و يُشجّعون الناس على القراءة و التبحُّر في العلوم و الفلسفة , لكن ما لا يعلمه هؤلاء أنهم بذلك يُبعِدون الناس أكثر عن القراءة و يُبَغّضون الفلسفة إلى الناس , فضلا عن أن البعض يقصد تعقيد كتاباته حتى يظهر أمام الناس بمظهر المثقف العميق .
و إذا ألقينا نظرة سريعة على أسلوب كلام أي عظيم من العظماء سنجده على العكس من ذلك , يتميز بالبساطة و الإختصار دون إخلال بالمعنى و أمثلة لتقريب المعنى , و لنا في رسول الله – صلّ الله عليه و سلم – أسوة جسنة , فقد كان كلامه بسيطاً واضحاً مليئاً بالأمثلة , و من أمثلة كلماته الطاهرة :
عن ابي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب " (متفق عليه)
"يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا " (البخاري ومسلم)
" أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من دَرنه أي وسخه شيء؟ فكذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا " (البخاري ومسلم) .
كما أنه - صلّ الله عليه و سلم – كان كثيراً ما يبدأ كلامه بالسؤال حتى يلفت إنتباه الصحابة إليه و يوقِد ذهنهم حتى يفكّروا في الإجابه مثل :
قال صلى الله عليه وسلم : " ألا ادلكم على مايمحو الله به الخطايا ويرفع الدرجات ؟ "
قالوا : بلى يارسول الله
قال : " إسباغ الوضوء على المكاره وكثر الخطا إلى المسجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط " (رواه مسلم)
و قد أكّد الكثير من العظماء أن تعقيد الحديث من صفات الحمقى مثل :
" يستطيع أي أحمقٍ جَعل الأشياء تبدو أكبر وأعقد، لكنك تحتاج إلى عبقري شجاع لجعلها تبدو عكس ذلك." ألبرت أينشتاين
" أشد الناس حماقة أقواهم اعتقاداً في فضل نفسه، وأثبت الناس عقلا أشدهم اتهاماً لنفسه " أبو حامد الغزالي
" يعرف الأحمق بست خصال: الغضب من غير شيء والإعطاء في غير حق والكلام من غير منفعة والثقة بكل أحد وإفشاء السر وأن لا يفرق بين عدوه وصديقه ويتكلم ما يخطر على قلبه ويتوهم أنه أعقل الناس. " إبن الجوزي
فيا من تُعَقِّد الحديث , كفاك حمقاً
-
عمرو يسريمهندس مصري يهتم بقراءة التاريخ وسِيَر القدماء. أرى أن تغيير الحاضر، والانطلاق نحو المستقبل يبدأ من فهم الماضي.
التعليقات
متألق دائما
مقالة رائعة ومفيدة شكرا لك