كما يقال في مثل أمريكي (nick of the time من عنق الزمن ) من خرم الإبرة ، من فتحة الباب الموارب ، من منخر واحد لايطيق إجتذاب الأكسوجين . من إختناق جون سنو وهو يبحث عن نسمة هواء في حصار الوغد رامزي بولتون له مع شلة الغجر في مسلسل ( Game Of Thronesصراع العروش ) . وجدت نفسي في زحمة سيارات نقف في انتظار طويل وتبدو لنا من بعيد إشارة تضيء باللونين الأحمر تارةً والأخضر تارةً أخرى ، وكأنما الزمن قد توقف وران علينا وجوم مهول ، وقد كف كثيرون عن الضغط المتواصل على منبهات الصوت( البوري أو الزميرة بلهجة أهل لبنان ) مضت الدقائق ثقيلة ومن كان يفكر أن يصل سريعا أصبح يفكر أن يصل سالماً وكثيرون وأنا منهم قنعت من الغنيمة بالإياب ومتحاذقون حاولوا اختراق الحصار ولكن لا سبيل الى ذلك في كتل الحديد المتراص . إنها مشكلة الزحام في الرياض في كل أوقات العام وتزداد في الشهر الفضيل ، لله درني فقد تنبأت بذلك اليوم قبل عشرة أعوام ، ستكون السيارات أكثر من طاقة الطرق وسنمثل the day after ( اليوم التالي ) الذي يُهرع فيه الناس الى حشر يوم معلوم . لقد رأيت ذلك رأي العين فكل مواطن يملك مركبة وكل مقيمين يملكان مركبة وسيأتي يوم يندفع الناس الى الطرقات وتختنق العاصمة ويموت البشر خلف مقود محنطون ينتظرون إشارة لن تفتح .
لايوجد حل في الأفق القريب فحتى لو عمل المترو فإن أناسا كثيرين لن يركبوه ليس لأنه رجس من عمل الشيطان ولكن الكثيرون يرغبون الخصوصية وأماكنهم لا يمكن أن تتوافق مع رغبات المترو .
هناك حلول مثل أن يمتلك كل مواطن طائرة عمودية وعندها ستمتليء السماء بأناس لايحسنون التصرف كما على الأرض التي ضاقت من المتهورين الذين يرون أن من أبسط حقوقهم أن يتجاوزك ويحتل الحيز المكاني الدي تتواجد به لذلك يقدم سيارته دون أي شعور بتأنيب الضمير ويزحف حتى يجعلك ترضخ للأمر الواقع . حقيقة ليست تلك الحياة التي منيت نفسي أن أعيشها بهدوء فإن أقل مشوار يستهلك ثلث يومك وثلثا اليوم تقضيها مرهقا ومكتئبا وستهرم وأنت تنظر بعيدا الى اشارة قد تضيء . لاعجب لدي حين استذكر كلمات أحمد عدوية الخالدة ( زحمة يادنيا زحمة .. زحمة وماعدش رحمة ) قالها قبل أربعين عاما ؛ فماذا سيقول لو أنه وقع على أحد طرق الرياض الآن ؟