الحزن بين الصبر والضجر - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الحزن بين الصبر والضجر

موازنة بين الصبر والحزن

  نشر في 22 ديسمبر 2016 .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

كل إنسان معرض لنكبات ومصائب ، ولابد أن تدخل الحزن إلى قلبه على فقد حبيب أوضياع مال أوخسارة متاع أوجائحة زرع أوغيرها مما يترك أسى في الجنان .

ولا مفر من الألم كما لا مناص من الشعوربه وانحناء الخاطر عند وطأة الأزمة وانكساره قبالة الخطب ، فهذا سيدنا نوح عليه السلام يرزأ لغرق ابنه في عباب الطوفان يقول عنه الله تعالى [وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) سورة هود]

وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعسر عليه فراق ابنه إبراهيم عليه السلام :

[عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سيف القين وكان ظئرا لإبراهيم عليه السلام فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم فقبله وشمه ثم دخلنا عليه بعد ذلك وإبراهيم يجود بنفسه فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان فقال له عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وأنت يا رسول الله فقال يا ابن عوف إنها رحمة ثم أتبعها بأخرى فقال صلى الله عليه وسلم إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضى ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون] رواه أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم

وقال ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم [تدمع العين ويحزن القلب] رواه البخاري

إن الحزن من الرحمة التي حبانا الله تعالى بها عرفانا لقيمة المفارق بالسفر أوالممات ، كيلا تهدرمكانته كأن لم يكن موجودا.

إلا أنه يقع بين صبر وضجر ، صبر جميل يهدىء الحزين بقضاء الله ويرضيه بقدره ، أوضجر يسخط به ما فعل الله ، احتمال مريح فلا دخل للإنسان بما فعل خالقه كما لم يتدخل في شأن نشأته ، أوغمّ يمني النفس بما لولم يقع ، جلد يرصّ المصاب بين صفوف المبتلين ، أوتبرم يخرج الكئيب من مصاف المعوضين ، حلم يمني به النفس طمعا في الثواب ، أوضيق يصارع الابتلاء فتضيق به النفس قنوطا، أناة تحيل المحنة منحة يؤجرعليها ويختبر إيمانه بربه عندها ، أوسأم يجد به منها في النفس حاجة ، تحمل يصحح به مساره ، أوسآمة تغره بالصواب الواهم.

ما أجمل الصبر وما أقبح الضجر ، كثير من الصابرين حفظ الله لهم الصحة فتلافوا أسقاما معنوية وجسدية ، نالوا حظهم من العوض والعيش السعيد والحياة الكريمة ، لأنهم تورعوا عما لا يعنيهم مع قضاء الله وقدره ، ولذا أمر الله تعالى بالتصبر [يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)] آل عمران

وأمر به النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ نَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ قَالَ: «مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ شَيْئًا هُوَ خَيْرٌ وَأَوْسَعُ مِنَ الصَّبْرِ» رواه الترمذي

وجل المتبرمين الساخطين على الله لا محبوبا أعادوه ولا بدلا معنويا ولا ماديا حصلوه فعاشوا الشقاء النكد.

فإذا قارن الإنسان بين الروية والتأفف لوجد منافع الصبر أكثر من مفاسده إن وجدت ، ومفاسد الضجر أكثر من منافعه إن وجدت ، والعمل المقصدي الشرعي هو السير مع غلبة الجهة منهما.

فلم أجد مع تلاميذي وأنا أدرسهم هذا الموضوع إلا ضرورة اختيار حلاوة الصبرعلى مرارة الضجر، وألفينا ذلك من تمام الأدب مع الله تعالى والحياء منه .

فليعش الحر منا في منأى عن آلام النفس وحظوظها ، طليقا من مفاوز العواطف الضيقة والخواطر الكاذبة ، مستثمرا في حلم العقل وأناته.



  • saadprof
    أستاذ مادة العلوم الإسلامية في ثانوية سليمان بوعبداللاوي بالبرواقية .
   نشر في 22 ديسمبر 2016 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا