قبل ثلاث سنوات، كنت فتاة كما أي فتاة يُبهرها العيش بالخارج، والسفر الى حيث البلاد البعيدة، والدراسة هناك، السياحة وتعلم اللغات الاجنبية.

حتى اذا ادركتها ( لم أجدها شيئًا ) ! نعم يا أصحابي. . وما الفرق؟ ان كنت أنا أنا أسماء هُنا وهناك؟ ان كانت الارض هيَ الأرض لا الزُهرة ولا المشتري. .

ستقولون لا، نحن سافرنا وسُعدنا، سأقول وانا سافرت وسُعدت ان كانت سَفراتي لا تتجاوز الشهر، إن كانت سياحة أما ما تجاوز ذلك كان مللاً وسآمة وضيـق عيش، إن بُتَّ أكثر من شهر في الغربة ستشاهد الدولة على حقيقتها التي لا تراها للوهلة الأولى، ستراقب الشعب العُنصري، ستبحث عن أهلك في وجوه الغرباء ولكنك لن تجدهم، ستبحث عن أصوات المآذن لكنك لن تسمع الا نواقيس الكنيسة، ستبحث عن الكرم والضيافة لكنك لن تجد الا البُخل والجفاء، ان ترى البشرية بحال مأساوي الكل يلهث لحاجته ورغباته ولا يبالي بأي شيء عدا ذلك.

في الوهلة الأولى ستسحرك المسطحات الخضراء، والتلال البـهية، بعد شهرين لن يكون لذلك المنظر ذاك الشعور الجميل، سيَبهت بداخلك، ثم تراه " عاديًا "، لن احدثك عن الشوارع والمباني لأن شوارع الرياض أفخم وأكبر وأفسح، في الرياض يفصل بين الشارعين النخيل الشاهق مُزروع على جبسيات كبيرة.

أما في البلاد الأخرى لا يفصل بين الشارعين الا خط أصفر! ضئيل جدًا ولا يكاد يبين.

في العام الماضي كنت اسكن بجانب أكبر سوق في الولاية هل تصدقون أنني اندهشت عندما علمت بذلك من احدى معلماتي في مدرستي هناك؟ انه اصغر من النخيل مول كيف يكون من احد اكبر الاسواق في دولة هي من كبرى دول العالم؟

وكنت أسكن بناطحة سحاب شاهقة الطول، الأحدث في الدولة كما بُرج خليفة بدبي، وكنت اسكن فيها بشقة في الدور ٥٣

هل تصدقون؟

في أول يومين كنت سعيدة ومندهشة ولكن في نهاية الشهر كنت اراها شقة عادية جدًا كأي شقة أخرى واتضحت عيوبها لي، العيوب التي لم اشاهدها في المرة الاولى

العجيب ان نفس المعلمة السابق ذكرها كانت تتحدث عن ناطحة سحاب ويختم الصف جملتها بـ" wow " وكلمات شديدة الانبهار والدهشة، كنت افكر عن أي شيء يتحدثون ما هي ناطحة السحاب التي فاتني مشاهدتها؟ عندما سألتها ماذا تقصدين؟ قالت: " مارلين مونرو تاورز" نعم يا أصدقائي ذات البرج الذي سكنت به

كنت ارقب المحادثة التي تجري بالصف كما عادتي بالصمت والهدوء وكان التلاميذ يتألمون ويتمنون لو حظوا بليلة واحدة في ذاك البرج! مبهوريـن به، وكلٌ يُري زميله صورة له خلف البرج.

كنت اضحك بعمق ما في نفسي من شعور! يالله

في ذلك الوقت كان الدرس الذي اخذته من تلك الحصة الدراسية ليس الجذر التكعيبي إنما : " ان ما تريده النفس ستبني عليه احلامًا جميلة، وردية ورائعة، وانها ستراه كمال اللذة والمتعة، أنها ستراه فوق حقيقته، حتى اذا جاءها لم تجده النفس شيئًا ثم ما تلبث تبحث عن شيء آخر تبني عليه نفس الشعور "

اتصدقون انهم لو تحققت لهم امانيهم تلك سيُسعدوا لزمن بسيط جدًا ثم لن يكون للبرج نفس تلك المشاعر بالدهشة والانبهار والعظمة!