في إحدى ليالي الربيع ، قبل قدوم الصيف ببضعِ أيام..
تلك الليلة التي زُرِعت في الذاكرة ، و أبت أن تُغادرها ..
كم كانت جميلة قبل سنوات وكم هي موجعة الآن حد الممات ..
((الليلة السادسة و العشرون من أيار عام2014
في تمام الساعة الثانية صباحاً و ست وأربعون دقيقة )) حيثُ كانت لحظة ولادة ذاك الحب ،
كان قلبي ممتلئاً بالأمان حينها غارقه في بحرِ كلامه ..
استطعت لفترة طويلة إخفاء إعجابي به ، كانت تلتقي أعيننا تحت سماء المخيم 2012 متبادلين النظرات و إلقاء التحية ، و ابتسامة خفية يرافقها الخجل ..
لم أكن أدري سر تلك النظرات الطويلة ! أيعقل أنها كانت إشارة القدر على وقوع الحب بيننا ؟ أم أنها كانت "جرعة "نحتسيها ، و نُخزنها في الذآكرة لأيام الشوق الهالكة ..
بداية نشوب الحرب سافر كل منا ، مرت سنة دون لقاء .. دون إلقاء تحية .. دون تلك النظرات الجميلة .
تحت سماء الجزائر ، أرسل لي ذات يوم طلب صداقة على الـ Facebook .. بدت علامات الدهشة علي !
أيذكُرني ؟ أتراه معجبٌ بي إلى الآن ؟ أم أنني وحدي من يذكر ؟!
دارت بيننا أحاديث كثيرة ، تأكدت من إعجابه بي ، ومرت الأيام إلى أن وصلتُ لُبنان ، رأى صورة لي و لأول مرة ، حفظها في هاتفه لكي يراها كلما مسه الشوق !
أهداني أغنية " أنا و الليل " معترفاً لي بِحُبِه بينما كنت مستلقية بجانب والدتي ، أخبرتها عنه ، أخبرتها كل شيء !
لم يَستطع أن يرى لمعة عينيَّ حين كان يُرسل لي رسالة إلكترونية قائلاً بها " مساء الخير "
كيف كنت أقفز فرحاً و جنوناً ، كما لو أنها رسالة غرامية ..
لم يستطع حتى أن يرى احمرار وجنتي من الخجل حين أسمع اسمه و حديث أولاد عمي عنه .. شعرت كما لو أن الجميع يدري بِأنه شخصٌ يعنيني ، كنت أخاف بشدّة أن يعرف أحدٌ حقيقة مشاعري نحوه ، لم أشأ أن يدري أحد عن سري ، خوفاً من القادم المجهول ..
أهديته في تلك الليلة ، ( ليلة ولادة الحب ) .. أغنية " من اليوم "
بعد أن خضعت لقلبي بالإفصاح عن حُبي له ، كتبتُ له وقلبي راقص فرحاً " إني أحبُك " ، لم يُصدق من الدهشة حينها اتصل بي هاتفياً وقال : قوليها الآن ! أريد سماعها ..
" كانت نبضات قلبه متسارعة ،صوتهُ ملهوفاً "
قلت له وقلبي ينفجر حُباً " أحبك "ثم حلقتُ في سمائه.
أغرقني حُباً ، أغرقته صدقاً .. حتى أصبحنا في قاع العشق سوياً .
كم كُنت أتمنى أن ألتقيه حينها و أقول له بِعلو صوتي كم أحبه ، أن أقف أمامه و عيناي مشتعلة ولهاً ، أن أُريه بعضاً من جنوني
كأن أُحدث كل المارين بأنه حبيبي ..
و أن أنتزع كل العيون التي تقع عليه ،
أنانيةً به بل جنوناً ..
في اليوم التالي و بالرغم من سيري وحيدة ، إلا أني كنتُ أبحث عنه في كل الوجوه و أردد في قرارة نفسي " أيعقل أن أُحب من لا أستطيع رؤيته ! يالهذه الكارثة .. كم أحتاج من الصبر .. إلهي كُن معي .."
كم كانت ظروفنا حينها صعبة ، ومع ذلك لم نكن نحلم بأكثر من لقاءٍ واحدٍ ..
لقاء تجتمع به أعيننا و يكتمل شوقنا ..
ياله من حلم وردي بسيط ..
أكانت نهاية العالم لو اجتمعنا سوياً ؟
هل كان سيتأذى أحد لو التقت أعيننا ؟
مرّت خمس سنين على آخر لقاء بيني وبينه و مازال ذاك الحلم الوردي حلماً ، تحت قائمة الانتظار بأن يُصبح واقعاً .