اشتريت رواية من معرض الكتب القديمة..وأثناء عودتي من البيضاء إلى الرباط، فتحتها لأشرع بقراءتها..كنت ألتهم الصفحات تباعا ولما بلغت الصفحتين 20 و21 وجدت تذكرة سفر عبر القطار قابعة بينهما ..كان تاريخ الرحلة يرجع إلى سنة1999 مما يعني أن هذه الرواية بقيت مطوية كل تلك السنوات..لكن النسخة كانت ماتزال بحال جيدة رغم قدمها .
تحت سطر من الصفحة اليمنى خط بقلم أسود و بجانبه على الهامش كتب أحدهم ملاحظة: "لم أقرأ عبارة بهذا الجمال من قبل"
استهوتني فكرة أن أقرأ انطباع شخص آخر..أن يصلني ميراثه الفكري مع نسخة تحمل بين طياتها ملاحظات شخص يشاركني الإعجاب بنفس الرواية..تصورت أنه كان يسافر عبر القطار وعبر صفحات الرواية تماما كما قدر لي أن أفعل..أعطيته اسما في خيالي، وسنا، وحفنة مشاعر جعلت منه روحا ترافقني في تجربة قراءتي تلك.. اندفعت مسرعة أقرأ المزيد.. باحثة عن المزيد من الأحداث والمزيد من تلك الروح التي شاركتني القراءة.. في صفحة أخرى تحت سطر آخر خط آخر..ودائرة تحيط بكلمة وفي الهامش مرادف لها..وفي صفحة أخرى كتب هامش على شكل سؤال.. لم تعد الرواية مجرد كتاب في قائمة كتبي.. لقد أصبحت مراسلة بين روحين..بين فكرين نابضين بالحياة..أجبت على السؤال حسب ما أملاه علي فهمي، وفي المقابل طرحت سؤالا جديدا..كأنما لأترك باب النقاش مفتوحا.. كانت أجمل تجربة لي..إذ تحولت القراءة الاعتيادية إلى ما يشبه القراءة الجماعية..استأنست بالفكرة حتى أنه خطر لي أن أترك الرواية بعد الانتهاء من قراءتها في مكان عام وأن أدون في الصفحة ما قبل الأخيرة ملاحظتي:"تمت قراءة الرواية بتاريخ كذا..المرجو ممن يعثر عليها قراءتها وتدوين تاريخ الانتهاء منها ثم إطلاق سراحها ليقرأها شخص آخر" وعَنَّ لي أن أكتب أهم رسالة في أول صفحة "سلامي إلى كل روح تشاركني قراءة هذه الرواية وتترك أثرا من انطباعاتها على الهامش " من يدري ربما تتشارك المزيد من الأرواح قراءة نفس الرواية ثم تجتمع مجموعة من الانطباعات القيمة التي قد تصلح للنشر في كتاب منفرد..
-
عائشة إبراهيم"إذا تمَّ العقل نقص الكلام"