" إحدىٰ الرسائل التي ما أُرسلتْ لجُبران"
-أدب مُراسلات-
نشر في 04 أبريل 2019 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
الأناني جُبران،
لم أكن ارغبُ بكل ذلك، ولا كُنت اتخيل هذه النهاية أو اللانهاية بائسة لهذا الحدّ قد تكون -بالنسبةِ لي- ولكَ بمُنتهىٰ الترف والأنانية، هذا شخصك العظيم الذي اتطلعه عَن بُعدٍ بين حينٍ وآخر.. غدىٰ شيءً يجعل مني عجوزاً تبصقُ بوجهِ تصوراتها الراسخة، وكل ذلك لأني لم أنوِ أن اشطرك خارجاً كما أفعل بأي عابرٍ يتوددُ لي.
رسالتي هذه هي الأكثر صدقاً قد ستكون، كُنت عادةً أكتبُ لك مُتخيلةً المواقف التي لم تحدث أو ربما حدثت لكن في أكواخِ خيالي.. أو المواقف التي لو حدثت ماذا سيحدث لكِلينا، وعلىٰ هذا العبث أحيىٰ وأُعمر القصور -كما يفعل نِزار مع صديقته الأنانية التي تشبهك-
من الصعب جداً أن تثبت لي سذاجتي واستغفالي ويبقىٰ الحال علىٰ حاله، هذا السبب الأقوىٰ لأخذِ قرارَ بناء الحواجز الكونكريتية مُحاذاة ساحل حياتي حتىٰ لا تغرقُ سفُني وانا علىٰ متنِها.
يأسفُني انكَ الغريب الذي أعرفه جيداً؛ لكن لن أقترب إليه يوماً بعد هذا اليوم؛ وأن أقتربت فقربي سيكون كبعدِ أعلىٰ نجمةٍ رأتها عيناكَ بشكلٍ مشوش جداً، سأعتني بكَ وعداً وأُصلي من أجل نجاحك وسعادتك خارج دائرتي ياغريبي الذي حقٌ عليّ معرفته، ويا خيبتي الكُبرىٰ التي ماعرفتُ غيرها خيبة، يا أجملُ حماقاتي .
سأساعىٰ دون علمك مُساندة ضهرك المُكتظ بالطعناتِ ولمساتِ غيري من النساء، سأحاول تمرير يدي علىٰ جراحك المالحة، وازيحُ تراب المواقف التي أنهكت من عُمرك حتىٰ جعلت منكَ هذا الأناني الذي لا يفضل شعوذتي وطفوليتي المزعجة وأهمالي له علىٰ نفسهِ كما أفعلُ معه انا، لن تتمكن ولن يتمكن غيري من فهم تضاريس عنفوانك ونزواتك التي لا تنقص من شأنكَ داخلي شيء، كنت سعيدَ حظٍ لأنّي الوحيدة التي من يُفضحُ قدرك الأحمق عند بابها، والوحيدة التي لا تَضجرُ أقدامَ صبرها ورحمتها من الانتصاب ومن فتحهِ عشرات الأبواب المُحكمة بصدءِ رعونتك، وتماديت بالنزوات بقدرِ طول بالي عليك وطول صَبري، ولأني لا أرىٰ بعينك إلا الطفل المُزعج الذي يسكنك، تعايشت مع غباءك وتأملتُ بهِ الخير رغم البأس، وقاحتك التي قادتك للعبث بروحي.. أعشقهُا يا جُبران أستقبلهُا منك كأن تكونَ مُراهقاً تجاوز عمره سن الطيش والعشرين.
وكما قالت لي البارحة صديقتي التي تُزعجك يا جُبراني..: "لا تسرحي هكذا بوجهكِ البارد الكئيب.. سيرجعُ لكِ.. كُلها شهرين أو أربعة أشهر وسيرجعُ لكِ، مخذولاً من واحدة جديدة لا تحتمل حماقته وبروده الذان تعشقينَهما، وستفتحين له ذراعكِ كما المعتاد لتحتويه وتعيدين ترميم حُطامه الذي كُسِرْ، وغروره المهزوم، فتعززين ثقته بنفسهِ علىٰ كتفِك وتكسرين في المقابلِ قَسَمٌ ووعودٍ قطتِعها علىٰ قلبك؛ لتُقوّميه حتىٰ يخوض سماجةٍ ما جديدة مع أخرىٰ ستكتشفينها لاحقاً من خلاله، وتخبئين الأمر عني حتىٰ لا أوبِخَكِ كالمُعتاد".
كُن بخير جُبران .