الخميس 23 يونيه سيكون يوماً فارقاً ليس في تاريخ الأمة البريطانية فحسب بل في مسيرة أوربا الموحدة على الأقل حتي هذا الليلة لكن ماذا عن المستقبل فلننتظر ؟.

غداً سيتم إجراء إستفتاء على خروج أو بقاء بريطانيا ضمن دول الإتحاد الاوروبي ، نتيجة الجدل المحتدم بين مؤيد ومعارض للبقاء ضمن الإسرة الأوروبية ، لذلك لم البريطانيين بُدً من الإحتكام لصندوق الإستفتاء في تظاهرة سياسية سلمية أنيقة .

بطبيعة الحال هناك معسكران يتنافسان بقوة فيما بينهما وكل منهما يطرح وجهة نظرة في شفافية تامة و موضوعية حقيقية دون افراط أو تفريط .

إستطلاعات الرأي تتبدل و تتغير بين الحين و الآخر لصالح احد المعسكرين .

الفريق الأول ، فريق مؤيدي الخروج يرون أن منافع الإنفصال أكبر بكثير من مكاسب البقاء ، فهم يروا أن بريطانيا تتحمل أعباء مالية ضخمة تصل إلى عشرة مليارت جنيه استرليني سنويا تدفعها للجانب الأوروبي ، كما يرون أن القوانين الأوربية الموحدة مكبلة لديمقراطية بريطانيا التي تتباهى بها عبر التاريخ ، ناهيك عن مشكلات الجمارك التي تتعقد مع الوقت ، بل يذهب بعض المتفائلين منهم إلى أن بريطانيا خارج الأسرة الأوروبية ستولد و ستتحرر من جديد .

على الجانب الآخر يرى الفريق المؤيد للبقاء أن الخروج عودة للوراء ، وإنتكاسة للدور المحوري السياسي لبريطانيا داخل الأسرة الأوروبية ، كما أنه سيقلص إلى حد كبير تجارتها مع شركائها الأوروبيين مما سيعرض بريطانيا للإنكماش إقتصادياً ، بل يذهب بعض المتشائمين أن خروج بريطانيا قد يعجل بإنفراط عقد الإتحاد الأوروبي ذاته مما سينعكس سلبا في المستقبل على الوضع في بريطانيا .

إستطلاعات الرأي كانت حتي يوم أمس كانت في صالح الإنفصاليين بنسبة 52% ، اليوم وبشكل مفاجيء زادت نسبة الراغبين في البقاء !. في إنتظار الجديد الذي يتغير مع الوقت .

الجميل في هذا التنافس أن كلا الفريقان يرى من وجهة نظره أنه على صواب ، وبالتالي لم يشير أحدهما من قريب أو من بعيد إلى خيانة الطرف الآخر أو أنه يتلقى أمولاً من هنا أو من هناك ، أو أنه ينفذ أجندة خارجية من شأنها الإضرار بمصالح بريطانيا !. كما هو حالنا في مجتمعاتنا العربية ، فالجميع مؤمن بأن وجهة نظره هي الصواب ولكن حين يقول صندوق الإستفتاء كلمة ، بإنتصار رأي فريق على الآخر ويتم الحسم سريعاً بالخروج أو البقاء ، بعدها سيعتبر الطرفان أنهما فائزان و سيتناسى الجميع خلافاتهم و ينصهر الفريقين مرة أخرى في بوتقة حب الوطن إحتراماً لرغبة الأغلبية .

ماذا سيجرى غداً علينا الإنتظار حتى تقول صناديق الإقتراع كلمتها النهائية وتفصل بين الفريقين المتنافسين .

أوربا كلها بشكل عام وبريطانيا بشكل خاص تحبس أنفاسها ، في إنتظار الكلمة النهائية ، هل ستخرج بريطانيا من عباءة الإتحاد الإوروبي وتغرد منفردة ؟.أم أنها ستبقى في قيادة اوروبا مع ألمانيا تشكلان قوة دفع قوية سياسية وإقتصادية للأسرة الأوروبية العجوز .

.