( المفهوم الجديد للعلاقات الدولية) (وفق نظرية النسق الزئبقي) - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

( المفهوم الجديد للعلاقات الدولية) (وفق نظرية النسق الزئبقي)

سلسلة مقالات : ( تمهّلْ ... تأمّلْ )

  نشر في 22 فبراير 2015  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

                           

منطق المجتمع الدولي حاليا ، أو بالأحرى مفهوم العلاقات الدولية ، كما أراه شخصيّاً ، هو اليوم يحكمه و يحدّد ملامحه ما أريد أن أسميه بنظرية ( النسق الزئبقي ) ، كشكلٍ جديد ، بدأ يسود ويهيمن على مسار العلاقات الدولية ، حيث وبالرجوع إلى نظريات فقهاء القانون الدولي .. فإنك وبالملموس ، ستجد التحليل لهذه النظريات قد طغى عليه التنظيرالسياسي ، مما يُفقد معه صراحة ً براءة مدلول السياق السوسيولوجي لتلك العلاقات بين باقي كل الدول .

نعم وبالتركيز على مفهوم ( النسق الزئبقي) ، فإنك ستلاحظ بروزا قويّا لمفهوم التصادم الردعي ، كصراع ذكي له قوالبه المصلحيّة ، ومقالبه السياسية ، ولا أقصد بالصراع هنا ، ما يطلق عليه بصراع الحضارات ، لأنه ومن السابق لأوانه الحديث عن هذا الصراع وذلك لاعتبارات ظرفية تخص تطور مراحل التاريخ ، حيث و تجاوزا لمفهوم تصادم أو صراع الحضارات ، سيظهر عنصر الدين بشكل ملفت وقوي ، إذ أنه هو العنصر الوحيد الذي يختزل الموضوعية المطلقة كسبب مباشر وصريح في هذا الصراع .

على أي ، وبالرجوع إلى مرحلتنا في سياق تطورها التاريخي ، وتحديداً من زاوية العلاقات الدولية وما أملاه هذا التطور من عوامل استراتيجية ، ودوافع سياسية ، و تفاعلات اقتصادية ، تصبّ في مجملها لصالح الدول العظمى ، التي باتت تحت تأثير المتغيرات الطارئة لدول العالم الثالث ، تبحث عن تكييف موضوعي في التعامل معها ، وهنا بيت القصيد ، فالتكييف الموضوعي أصلاً ومفصلاً ، هو ما أسميه ب (النسق الزئبقي) ، ولعل العناوين المبتكرة و المختلفة لهذا النسق بدأت تعطي ثمارها كمفهوم (الفوضى الخلاقة) - مفهوم  (التطببع المرحلي) - مفهوم (الوصاية السياسية) - (مفهوم ( المساعدة الاقتصادية ) ، إلى غيرها من المفاهيم و التنظيرات الفوْقية ،والتي حتماً سيتمخض عنها مرحليّاً ، تفاعلات ذاتية  مثل ثورات الربيع العربي و التي وإن كان بريقها انخفض نسبيّا إلاّ أنّها دفعتْ أصحاب القرارات الدوليّة لمراجعة حساباتهم وفق مصالحهم المستقبليّة و الاستراتيجية حسب ما تمدّهم مراكز الاستخبارات التّابعة لهم من تقارير دُونتْ تأويلاً و افتراضاً وفق مفهوم نظريّة النّسق الزّئبقي .

فمثلا نجد الولايات المتحدة الأمريكية في تعاملها مع الملف السوري عرف كثيراً من التناقضات بين تصريحات(جون كيري) وبين ما تقوم به وزارة الدفاع كمركز ثقل لا يعبأ بتلك التصريحات .. و هنا يُطرح السؤال : هل هذا يعني أن الحكومة الأمريكية غير منسجمة في قراراتها ؟؟ الجواب يأتي تلقائيّا في تفعيل نظرية النسق الزئبقي و الذي يشبه ظاهريّا إلى حدّ ما نظريّة  (كيسينجر ) والتي مفادها :

- (خطوة إلى الأمام .. خطوتين إلى الوراء)

لكن نظرية النسق الزئبقي تتفوق على نظرية (كيسينجر) من كونها تقول :

- ( خطوة ثابثة + البحث عن الورقة الرابحة (الجوكر) + خطوتان إلى الأمام )

و هذا هو نفس المنهج الذي بدأت تتبعه حاليا أمريكا في الملف النووي الإيراني و الملف المصري بعد الإنقلاب على الرئيس (مرسي ) إلى غيرها من الأمثلة التي بات فيها طابع العلاقات الدولية يأخذ منحى (النسق الزئبقي ) في معالجة أغلب الملفات ذات الطابع الدولي و الإقليمي و هذا تماما ما أصبح عليه الواقع المعاش للسياسة العالمية فتراها على مستوى السياسة الخارجيّة والدبلوماسية مثلاً تخرج علينا بعناوين برّاقة يسيل معها الرّيق و اللّعاب و ما هي إلاّ شعارات وقتية مثل :

- ( الشعوب من حقّها تقرير مصيرها )

- ( محاكمة رموز الفساد شأن داخلي )

و بعد خلط الأوراق وظهور الورقة الرابحة يأتي شعار :

- ( الجيش هو ضامن الاستقرار و الديموقراطيّة كما هو الحال بمصر )

- ( تسليح المعارضة لإسقاط النظام السوري من جهة و محاربة داعش من جهة أخرى )

وغيرها من الشعارات التّي ظاهرها يدغدغ الآمال و الأماني عند الثائرين و باطنها يُعيد تركيبة الهيكل السياسي التّبعي المُتعارف عليه بطريقة سلسة ستخضعُ إذعاناً و ترويضاً مع مرور الوقت وهذا نجده ظاهراً وجليّا في النّموذج السوري في مسألة خضوع تزويد الثوار بالأسلحة النّوعية بين الرفض الممنهج و القبول المتأرجح لاعتبارات لا يمكن فهمها إلاّ في سياق المصلحةالإستراتيجية لهذا البلد أو ذاك.

وخلاصة القول فإنّ مفهوم نظرية (النسق الزئبقي) ، وفق منظور مسار العلاقات الدولية سيكون مؤشّراً موضوعيّاً في تصاعد منحنى الصدام الكلّي ، بين عالم تحكمه غريزة المصلحة  متفانياً في الحفاظ عليها بكلّ ما أوتي من حنكة وقوة ، وبين عالم جديد بدأ يتشكّل حديثاً والذي قد يكون رقماً صعباً يبعثر كل الحسابات ويقلب كل المعادلات .


بقلم : ذ: تاجموعتي نورالدين .











منطق المجتمع الدولي حاليا ، أو بالأحرى مفهوم العلاقات الدولية ، كما أراه شخصيّاً ، هو اليوم يحكمه و 

يحدّد ملامحه ما أريد أن أسميه بنظرية ( النسق الزئبقي ) ، كشكلٍ جديد ، بدأ يسود ويهيمن على مسار 
العلاقات الدولية ، حيث وبالرجوع إلى نظريات فقهاء القانون الدولي ، فإنك وبالملموس ، ستجد التحليل لهذه ا
لنظريات قد طغى عليه التنظيرالسياسي ، مما يُفقد معه صراحة ً براءة مدلول السياق السوسيولوجي لتلك 
العلاقات بين باقي كل الدول .

نعم وبالتركيز على مفهوم ( النسق الزئبقي) ، فإنك ستلاحظ بروزا قويّا لمفهوم التصادم الردعي ، كصراع ذكي له قوالبه المصلحيّة ، ومقالبه السياسية ، ولا أقصد بالصراع هنا ، ما يطلق عليه بصراع الحضارات ، لأنه ومن السابق لأوانه الحديث عن هذا الصراع وذلك لاعتبارات ظرفية تخص تطور مراحل التاريخ ، حيث و تجاوزا لمفهوم تصادم أو صراع الحضارات ، سيظهر عنصر الدين بشكل ملفت وقوي ، إذ أنه هو العنصر الوحيد الذي يختزل الموضوعية المطلقة كسبب مباشر وصريح في هذا الصراع .
على أي ، وبالرجوع إلى مرحلتنا في سياق تطورها التاريخي ، وتحديداً من زاوية العلاقات الدولية وما أملاه 
هذا التطور من عوامل استراتيجية ، ودوافع سياسية ، و تفاعلات اقتصادية ، تصبّ في مجملها لصالح الدول 
العظمى ، التي باتت تحت تأثير المتغيرات الطارئة لدول العالم الثالث ، تبحث عن تكييف موضوعي في التعامل 
معها ، وهنا بيت القصيد ، فالتكييف الموضوعي أصلاً ومفصلاً ، هو ما أسميه ب (النسق الزئبقي) ، ولعل 
العناوين المبتكرة و المختلفة لهذا النسق بدأت تعطي ثمارها كمفهوم (الفوضى الخلاقة) - مفهوم ( التطببع المرحلي) 
- مفهوم (الوصاية السياسية) - (مفهوم ( المساعدة الاقتصادية ) ، إلى غيرها من المفاهيم و التنظيرات الفوْقية ، 
والتي حتماً سيتمخض عنها مرحليّاً ، تفاعلات ذاتية ، مثل ثورات الربيع العربي و التي وإن كان بريقها انخفض 
نسبيّا إلاّ أنّها دفعتْ أصحاب القرارات الدوليّة لمراجعة حساباتهم وفق مصالحهم المستقبليّة و الاستراتيجية حسب ما تمدّهم مراكز الاستخبارات التّابعة لهم من تقارير دُونتْ تأويلاً و افتراضاً وفق مفهوم نظريّة النّسق الزّئبقي .
فمثلا نجد الولايات المتحدة الأمريكية في تعاملها مع الملف السوري عرف كثيراً من التناقضات بين تصريحات
(جون كيري) وبين ما تقوم به وزارة الدفاع كمركز ثقل لا يعبأ بتلك التصريحات .. و هنا يُطرح السؤال : هل هذا 
يعني أن الحكومة الأمريكية غير منسجمة في قراراتها ؟؟ الجواب يأتي تلقائيّا في تفعيل نظرية النسق الزئبقي  
و الذي يشبه ظاهريّا إلى حدّ ما نظريّة ( كيسينجر ) والتي مفادها :
- (خطوة إلى الأمام .. خطوتين إلى الوراء) 
لكن نظرية النسق الزئبقي تتفوق على نظرية (كيسينجر) من كونها تقول :
- ( خطوة ثابثة + البحث عن الورقة الرابحة (الجوكر) + خطوتان إلى الأمام ) 
و هذا هو نفس المنهج الذي بدأت تتبعه حاليا أمريكا في الملف النووي الإيراني و الملف المصري بعد الإنقلاب على 
الرئيس (مرسي ) إلى غيرها من الأمثلة التي بات فيها طابع العلاقات الدولية يأخذ منحى (النسق الزئبقي ) 
في معالجة أغلب الملفات ذات الطابع الدولي و الإقليمي و هذا تماما ما أصبح عليه الواقع المعاش 
للسياسة العالمية فتراها على مستوى السياسة الخارجيّة و الدبلوماسية مثلاً تخرج علينا بعناوين برّاقة 
يسيل معها الرّيق و اللّعاب و ما هي إلاّ شعارات وقتية مثل : 
- ( الشعوب من حقّها تقرير مصيرها ) 
- ( محاكمة رموز الفساد شأن داخلي ) 
و بعد خلط الأوراق وظهور الورقة الرابحة يأتي شعار :
- ( الجيش  هو ضامن الاستقرار و الديموقراطيّة كما هو الحال بمصر )
- ( تسليح المعارضة لإسقاط النظام السوري من جهة و محاربة داعش من جهة أخرى )
و غيرها من الشعارات التّي ظاهرها يدغدغ الآمال و الأماني عند الثائرين و باطنها يُعيد تركيبة 
الهيكل السياسي التّبعي المُتعارف عليه بطريقة سلسة ستخضعُ إذعاناً و ترويضاً مع مرور الوقت وهذا 
نجده ظاهراً وجليّا في النّموذج السوري في مسألة خضوع تزويد الثوار بالأسلحة النّوعية بين الرفض 
الممنهج و القبول المتأرجح لاعتبارات لا يمكن فهمها إلاّ في سياق المصلحةالإستراتيجية لهذا البلد أو ذاك. 
وخلاصة القول فإنّ مفهوم نظرية (النسق الزئبقي) ، وفق منظور مسار العلاقات الدولية ، سيكون 
مؤشّراً موضوعيّاً في تصاعد منحنى الصدام الكلّي ، بين عالم تحكمه غريزة المصلحة ، متفانياً في 
الحفاظ عليها بكلّ ما أوتي من حنكة وقوة ، وبين عالم جديد بدأ يتشكّل حديثاً والذي قد يكون رقماً 
صعباً يبعثر كل الحسابات ويقلب كل المعادلات .


ملاحظة  :

أملي أن يقرأ هذه المقالة أحد فقهاء القانون الدولي لمناقشة هذه النظرية (النسق الزئبقي) و التي أراها تتجاوز كثيرا من النظريات السابقة كنظرية ( كرة البيلياردو ) أو نظرية (العنكبوت ) و غيرها لأن سياق العلاقات الدولية بدأت تطفو على سطحها تفاعلات بل و رجّات من شأنها بروز شكل جديد من العلاقات لم تألفه البشرية من قبل .

                            بقلم : الكاتب تاجموعتي نورالدين .



  • تاج .. نورالدين .
    محام سابق- دراسات في الفلسفة والأدب - متفرغ الآن في التأليف والكتابة .- محنك في التحليل النفسي- متمرس في التحليل السياسي- عصامي حتى النخاع- من مؤلفاته :( ترى من هذا الحكيم ؟ )- ( من وحي القوافي ) في ستة أبواب وهو تحت الطبع .- ( علم ...
   نشر في 22 فبراير 2015  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا