فى احدى الليالى عندما كنت صغيرا ، وبينما كنت اقلب فى اغراض قديمة ، اذا بقطعة ورق من جريدة اخبار مكتوب عليها كلمات بخط كبير ، فاوقفتنى تلك الورق اذ كنت لا زلت فى بداية تعلمى للقراءة ، واذا بى وبصعوبة بالغة اجاهد نفسى لقرائة تلك الكلمات ، والتى كانت عباره عن جملة فى غاية الغرابة بالنسبة لى حينها ،
لقد كانت هذه الجملة عنوانا لمقال وكانت كالتالى 'ليلة بكت فيها الاسكندرية' ، لم يتبقى فى تلك الورقة من المقال الا هذا العنوان، وهنا بدأت اسأل نفسى متعجبا ، كيف بكت الاسكندرية ؟، ولماذا بكت ؟ ، ماذا حدث تلك الليلة ؟!! ، كل هذه الاسئلة وشبيهاتها بدأ تطرح فى ذهنى ،
وفى تلك اللحظة وانا انظر الى الورقة متعجبا مما بداخلها ، اذا بى اشعر بشخص يقف من خلفى ، نظرت فاذا هى امى تحدق فى تلك الورقة التى بين يدى ، ثم بدات فى قراءة العنوان بصوت مسموع ،
ليله بكت فيها الاسكندرية ، نعم لقد قرأت ذلك المقال قبل ان يبلى ، فنظرت اليها وبدأت اسأل متلهفا ، ماذا كتب به ؟ وهل حقا بكت الاسكندية فى تلك الليله ؟؟ ولماذا ؟ ،
فبدأت حديثها والدمع يتساقط من عينيها ، فى تلك الليلة يا ولدى كان هناك شيخ كبير وامرأة عجوز يعيشون فى شقة بالاسكندرية وليس لهم من الاولاد الا شاب ، ولكن ابتلاهم الله فى هذا الشاب بان كان يشرب المخدرات ،
فى تلك الليله وقبل الفجر بدقائق وعندما كان الشيخ العجوز يتوضأ استعدادا للصلاة اذا بالشاب عائد الى المنزل بعد ليلة قضاها فى السكر وشرب المخدرات ، دخل الشقه واقترب من والده العحوز يطلب منه مالا ، ولكن العجوز لم يكن يملكه ، فقد انفقه ذلك الئيم على المسكرات ،
وهنا وبكل غدر وانعدام للمشاعر يمسك الشاب بسكين وينهال على ذلك الظهر الذى انحنى بعد بذل الوقت والطاقة فى خدمته ، وبعد بضعة طعنات تخللها اهات ذلك الاب الضعيف ، صعدت روحه الى خالقها ، اذهقت روحه على يد كلب امضى عمره يسمن فيه ،
حقا سمن كلبك يأكلك ،
وعلى اثر اهاته التى تكاد تسمع استيقظت العجوز لتجد ذلك الكابوس الذى يكاد يذهب العقل ، وهنا بدأ صوتها يرتفع طلبا للنجدة من ذلك السفاح الذى كان فى احدى الايام جزءآ من جسدها الذى اصابه الضعف والوهن ، فى هذه اللحظات اسرع الشاب الى العجوز وبدا فى طعنها هى الاخرى حتى يخفى صوتها ، بضع طعنات ثم خرت العجوز ساقطه على الارض ، وهنا بدأت الدموع من عينى امى تنهمر بغزارة قائلتا لم ينتهى ذلك الصعلوق عند هذا الحد ،
بل قام بجر العجوز الى الحمام ثم قام بضرب السكين فى بطنها وسحبه مدمرا بذلك بطنها ورحمها ، مدمرا بذلك المكان الذى صنع فيه وتكون ،
هل هذا رد الجميل ؟!!!!
هل مثل هذا يسمى انسانا ؟!!!
اى انسان واى انسانية ؟!
وهنا انتهت امى من سرد القصه ، ولكن لم تنتهى من حديثها ، فبعد صمت قصير اذا بها تقول كلمة سقطت على قلبى كالجبل ، لقد قالت متسائلة هل من الممكن فى احد الايام ان تكون مثل هذا الشخص ؟؟!!!
وهنا وقفت مصمتا امامها لا استطيع الاجابة ، ولا زلت لا استطيع الاجابة الى الان ، فقلبى ليس بيدى وإنما بين اصبعين من اصابع الرحمن ،
لذا اسأل الله دائما وابدا ان يجعلنى من البارين ،
اللهم امين
"وقضى ربك الا تعبدوا الا ياه وبالوالدين احسانا.... " .
وتلك كانت ليلة بكت فيها الاسكندرية