رحلتي مع البحر - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

رحلتي مع البحر

البحر عالمي الخاص الذي أحبه .. فأحبني

  نشر في 12 يناير 2016 .

سأخبرك ماذا حدث يومها ، لقد نمت وقتها لم أشعر كثيراً بتمايلها يمينا ويسارا قبل أن أصرخ نعست بشكل لا يصدق فنمت ، كنت خائفة جداً كوني سأصعد هذه السفينة القابلة للغرق والموت وارد ،لم أفكر بالموت بقدر ما كنت أفكر بالنجاة وقتها زارتني الكثير من المشاعر حتى عجزت أستقبل بإهتمام أيا منها ،فقد جائتني السعادة وزاحمها الحزن وشعرت بالفرحة وخالطها الهم وسيطر علي الخوف فدفعته الشجاعة كنت امرأة فشعرت أنني رجل ، وقتها لم أفرق بالضبط ولم أفكر بالضبط لطالما كنت أحب اللامعقول واللامألوف حتى أصل لما يرضي هدفي .

أول مرة أصعد تلك السلالم المعلقة بين اليابسة والماء ثم التفت نحو سماء واسعة وبحر واسع ورحلة نحو الفراغ ،لم يكن للتخطيط مهمة في مسودتي كان حبراً يملأ الأوراق وحسب ،كانت قوة غريبة داخل نفسي وإيمان أنني سأصل إلى مكان آمن .

وعلى متن السفينة المهترئة جلست مع مجموعة نساء كن يعشن في اليمن أصولهن من جيبوتي جلست بجانبهن وكنت أتجول بنظراتي تارة نحو السماء وأخرى نحو البحر وبدأت أدعو دعاء السفر ، وكانت تسيطر على مخيلتي قصة يونس عليه السلام أكثر من قصتي فابتسمت جداً حتى قاطعتني تلك المرأة 

أين وجهتك ؟

متجهة الى ماليزيا وعلي أن أصل إلى جيبوتي أولا حتى احجز تذكرة ومنها أقلع .

ما اسمك؟

افتهان وأنتي ؟

أنا نشأة .

ابتسمنا لبعض وقاطعنا قبطان السفينة أن نتماسك وأعلن ابتداء الرحلة . كم حلمت أن أن أسافر بحرا ولكن ليس بهذه الطريقة ، طريقة قاسية في وقت قاسي .

لماذا تريدين السفر ؟ 

كان علي أن أكذب في هذا الوقت وكان علي أن أخبرها أنني حصلت على منحة دراسية وعلي أن أذهب ، وقتها فقط كنت أسعى للمنحة لكنني لا أدري إن كنت سأحصل عليها .

يعني أنتي لم تهربين من الحرب ؟

لا . شيء غير وارد أن أترك عائلتي لأنقذ نفسي وهذا ليس من طبعي ، لكن السفر هو الحلم .

تكلمنا كثيرا .. وابتسمت جدا حين رأيتها تخرج أعواد القات من حقيبتها الواسعة وتدعوني لمشاركتها لكنني تبسمت ورفضت ، كانت أختها في الجانب الاخر صامته ومجهدة ، والسفينة تصدر أصواتا مزعجة والبحر جميل والسماء واسعة جدا والسحب متناثرة في صدرها كأنها قطع من الأمان والأمل .

قالت انتي معنا لا تذهبي تعالي إلى منزلي لا يوجد إلا أنا وأختي وابقي معنا حتى يتم الحجز لك الى ماليزيا ولتذهبي بسلام . وقتها شعرت أنها صلواتي التي بعثت لي هذه المرأة وانا في قمة خوفي من ذلك المكان المجهول ، لقد بقينا يوما كاملا معا و مع البحر في سطحه المتماوج .. أظلم الليل والقمر لم يظهر والسكون مرعب وصوت سباحة الأسماك ترفع الأمواج وكائن غريب يستفز السفينة فتميل ميلة كاملة نحو اليمين فأغمض عيني أغمضها طويلا حتى أرى زرقة السماء في عتمة الليل وأردد ما رددة سيدي يونس ،رددت كثيراً فتعود السفينة لتميل ميلة كاملة نحو اليسار ، فتصرخ النساء منتظرين الغرق وأنا في سكينة مع الله أردد لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ...

فتحت عيني لعلي أرى لون البحر أو لون السماء لكنني لم أرى شيئاً غير زمجرة الريح ومقاومة السفينة لها وكل شيء له لون واحد هو الأسود ،كنت على يقين أنني لن أغرق وأن السفينة لن تغرق وأن الله سيرحمنا لأنه ليس من منقذ سواه فتذكرت سريعا تلك الآية "أمّن يجيب المضطر إذا دعاه" فدعوته . وكنت أفكر ماذا لو أن السفينة ستغرق ونكون طعاماً لكائنات البحر لكنني سريعا ما نفيت هذه الفكرة وأغمضت عيني مرة أخرى وقلت للريح لا تقسي علينا وقلت للبحر لا تغدر بنا وأمسكت بالعمود المرتفع بجانبي ووضعت راسي عليه وناجيت رب العالمين وأخبرته أنني كنت أحلم أن أعيش في البحر يوما كاملا وها أنت استجبت فاحميني .

فتعود السفينة لحالها فتميل يمنة ويسرة وتتصارع مع الريح والأمواج وقتها لم أشعر بنفسي ، فتحت عيني والشمس ترسل شعاعاً آخر شعاع جميل ونسيم يجعل الروح تسلم أن الحياة أجمل أمل .كانت نشأة تنظر إلي بنظرات حاقدة تخالطها تلك الإبتسامة صارخة بوجهي .. أنتي نائمة ونحن نعاني مانعاني طوال الليل . قلت لها لقد عانيت معكم ولكنني نمت .. كيف تنامين كيف جاء النوم ؟؟ ضحكت بشدة وقلت لها لقد جاء هدية من الله ربما لكي لا أشعر بالخوف .

اقتربنا من الميناء اقتربنا من جيبوتي ، دخلنا البلد . كل اليمنيين كان مصيرهم أن لا يدخلوا العاصمة ولكن يذهبون بهم الى منطقة للنازحين من الحرب . كم كنت محظوظة حين لم أطلب من نشأة أي شيء لكنها أمسكت يدي جيدا وتأخرت معي كثيرا وأخرجتني معها الى منزلها في وسط العاصمة كانت اختها الثالثة تنتظرنا بسيارتها التي جائت بها لاستقبالنا في تلك الأرض .

للقصة بقية 



  • 1

   نشر في 12 يناير 2016 .

التعليقات

عمرو يسري منذ 8 سنة
تصوير جميل لمشاعر الأشخاص , في إنتظار البقية
0

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا